الأحد، 30 أغسطس 2009

الدراما الخليجية تتفوق على نظيرتها المصرية والسورية في رمضان


في السابق كانت الدراما المصرية هي سيدة الدراما العربية، وفيما بعد، برزت الدراما السورية لتدخل طرفا في المنافسة بل في أحيان كثيرة تفوقت هذه الأخيرة على الدراما المصرية. اليوم لم تعد الدراما الخليجية مكتوفة الايدي، خاصة ان المحطات الفضائية العربية، في الغالبية هي ملك للخليجيين، وهو ما يدعو ان تكون الاعمال الخليجية لها الاولوية، بيد أن هذه الاعمال كانت في السابق تخرج في رمضان، واحيانا في دورة أكتوبر لبعض المحطات، لذا كانت تضطر الفضائيات العربية ان تغطي الشهور المتبقية من السنة بالدراما العربية، وبالذات المصرية باعتبارها تملك نتاجا غزيرا يكفي لسد حاجة العشرات من الفضائيات، بالاضافة الى الاعمال الدرامية القديمة والتي لم تعرض من قبل ولها حالة معينة وهكذا.
حتى إن عدد المسلسلات الخليجية التي تعرض حاليًّا خلال موسم رمضان الدرامي يجعلها تقف في مواجهة نظيرتها المصرية وتحديدا في ضوء التحجيم المتعمد والمسيس لحضور الدراما السورية القوية والتي يعشقها الجمهور، وهو أمر يستحق وقفة خاصة ومطولة.
ورغم هذا النشاط ،فإنه لا يختلف اثنان على أن الدراما الخليجية التي تكاد تشبّ عن الطوق لازالت تواجه معركة صعبة عليها تجاوزها بنجاح، ألا وهي معركة الحرية والخطوط الحمراء التي تتجاوز التابوهات الثلاث الشهيرة (الجنس والدين والسياسة) إلى تابوه آخر أشد وطأة وهو المجتمع المغلق بطبيعته والذي يرفض أن تقوم الدراما -رغم أنه دورها- بإزاحة الستائر عن عيوبه محتفظًا بحقها في الترفيه والدوران في حلقة المشكلات الأسرية التي لا تخرج عن رفاهية المستوى الذي تقدمه هذه الدراما ذاتها، والذي يصل إلى حد البذخ بصورة تقدم المجتمع الخليجي على أنه مجتمع أسطوري كل مشكلاته تحل بالمال.

الخميس، 5 مارس 2009

قانون منع بيع السجائر للقاصرين خطوة لإنقاذ الشباب المغربي


هل يصحح القانون ما أفسده التدخين؟

تقدمت الكتلة البرلمانية لحزب "الاستقلال" خلال السنة التشريعية 2006، بمشروع قانون للبرلمان يقضي بمنع بيع منتجات التبغ أو منحها مجانا للقاصرين دون الـ18 عاما،خاصة وأن الإحصاءات الأخيرة تدق ناقوس الخطر بعد انتشار التدخين بين الأطفال الذين لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية. وبعد ثلاث سنوات من بقاءه رهين المشاورات والمداولات داخل قبة البرلمان ها هو اليوم يرى النور في انتظار صدوره في الجريدة الرسمية.
صادق مجلس المستشارين في 12 يناير الماضي بالإجماع على مقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم91- 15 والمتعلق في شق منه بمنع بيع التبغ للقاصرين. ويهدف مشروع القانون إلى تحقيق سلطة التدابير القانونية الرامية لمنع التدخين وكذا حماية الفئة الأكثر تضررا من هذه الآفة وهي الشباب وقاصري السن، إلى جانب فرض غرامات أكثر جرأة من تلك التي تضمنها القانون 15-91 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1996.
ويعتبر محمد علمي رئيس لجنة التعليم والشؤون الثقافية بمجلس المستشارين، في تصريح ل"مغرب اليوم" " أن هذا القانون المعدل جاء لملأ فراغ تشريعي في هذا الباب والمتمثل في غياب العقوبات لاسيما فيما يخص القاصرين" فمن خلاله ستمكن عملية أخذ الغرامات المالية المترتبة عن انتهاك القانون من توفير موارد مالية إضافية للحكومة.
وينظر عبد الحميد السالكي ناشط جمعوي إلى القانون في نسخته المعدلة على أنه "جاء لحماية الأطفال والمراهقين من الإدمان على التدخين لدى يتوجب على السلطات الحكومية أن تتعامل مع تطبيق هذا القانون بإيجابية. فنحن نأمل من خلال هذا القانون الحفاظ على صحة المواطنين وحماية الشباب المغربي من أضرار التدخين"
وإذا كان للقانون نتائج إيجابية على صحة القاصرين، فإنه وبالمقابل يبقى التدخين الآفة التي تفتك بأطفال في عمر الزهور.فحسب الدكتور عبد العالي المريني المتخصص في أمراض الجهاز التنفسي فإن
عدد مرضى السرطان في ازدياد بسبب التدخين. لاسيما في صفوف الأطفال خاصة منهم المعاشرين للمدخيين، فاليوم هناك العديد من الأمراض الخطيرة التي يُسببها التدخين".
وقد لقي القرار ارتياحا من لدن المهتمين بقطاع الصحة الذين أشاروا إلى جملة من الدراسات التي تم إجراؤها على الصعيد الوطني بشأن خطورة معضلة التدخين في صفوف القاصرين، حيث
أشارت إحدى الاستطلاعات التي قامت بها وزارة الصحة أن قرابة 35 في المائة من الذكور الذين تزيد أعمارهم عن 20 عاما مُدخّنون. وكشف استطلاع آخر أن ما يزيد عن 15 في المائة من أطفال المدارس ما بين 13 و15 عاما مُدخّنون. ويتنوع العمر الذي يبدؤون فيه هذه العادة، حيث ذكر نحو 13 في المائة منهم أنه كان في سن 15.
لكن مشروع القانون من المنتظر أن يلقي معارضة في بعض الجهات. خاصة من طرف أصحاب المقاهي والمطاعم الذين أصبحوا في قلق شديد مما قد يتسبب فيه القانون من تراجع في أعمالهم التجارية من جهة ومن طرف بائعي السجائر من جهة أخرى. إلا أن بائعي "الديطاي" لا يجدون ما يضايقهم في هذا القانون لأنهم سيعتمدون على السرية في بيعها للمراهقين والأطفال خاصة أمام الإعداديات والثانويات، وفي هذا الصدد يقول حسن 38 سنة "أن صدور قانون منع بيع السجائر للقاصرين أمر لن يهمني لأنني سأجد من يشتري سجائري وبسهولة، حيت الكليان ديالي معروفين وكايجيو عندي حتى لدار".
أما الأطفال والمراهقين فالأمر سيان لديهم، حيث قال رشيد الذي لم يتجاوز الستة عشر سنة من عمره إن القانون لن يتسبب له في أي مشاكل لأن تواجد باعة التقسيط بالجملة خاصة أمام المدارس لن يبعده عن شراء السجائر مضيفا "قانون منع بيع السجائر للأطفال مثلي لن يضرني في شيء لأنني أُدخن خلسة من عائلتي.
ويتألف مقترح القانون من خمس مواد، تنص أولاها على منع بيع منتجات التبغ أو منحها للقاصرين، والمادة الثانية تنص على عقاب من يبيع التبغ أو يمنحه للقاصرين بغرامة مالية قدرها 2000 درهم
ويعاقب مرتكب المخالفة المذكورة، حسب المادة الثالثة، في حالة العودة بعقوبة السجن لمدة شهر وبغرامة مالية قدرها 5000 درهم، كما تسحب من صاحب المتجر رخصة بيع منتجات التبغ.
أما المادة الرابعة فتنص على قيام وزارة الصحة، بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية، بتدشين حملات توعية منتظمة بمدارس التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي حول مخاطر التدخين.
ويوكل إلى السلطة الحكومية المختصة، حسب المادة الخامسة من مشروع القانون، اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ مقتضيات هذا القانون بمقتضى مرسوم. والذي سيصبح ساري المفعول بعد شهرين من صدوره في الجريدة الرسمية.

الأربعاء، 4 مارس 2009

الجزائر تؤكد استمرار إغلاق الحدود مع المغرب





يبدو أن الجزائر لم تنس حتى الآن قرار المغرب سنة 1944 بفرض التأشيرة لدخول الجزائريين إلى المملكة على خلفية اتهام المغرب آنذاك أطرافا أمنية بالتورط في تفجيرات بمراكش وفاس في العام نفسه. ولعل ما يؤكد هذا الطرح هي تصريحات المسؤولين الجزائريين منذ تلك الفترة إلى يومنا هذا، ومنها تصريحات وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني الذي أراد تحديد الجانب الذي تسبب في هذه المشكلة وتحميله المسئولية ولو ضمنيا عندما قال "إن الجيل القادم في البلدين الذي لم يعش أحداث تلك الفترة لابد أن يعرف الأسباب التي دفعت الجزائر إلي إغلاق الحدود‏".
توالت التصريحات والأقوال الجزائرية غير آبهة بالخطوة المغربية الداعية إلى إعادة فتح الحدود والتي انطلقت منذ سنة 2004، حيت دعا المغرب بروح من الصداقة الأخوية، إلى تطبيع العلاقات مع الجزائر وفتح الحدود بين البلدين. لم تتوقف الجزائر عند هذا الحد بل سارعت ‏السلطات بوضع ما يشبه لائحة شروط وضمانات لابد من توفيرها أولا قبل الإقدام علي أية خطوة تتعلق بفتح الحدود، وكان آخر التصريحات قول الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الجزائري عبد العزيز بلخادم "بأن الجزائر لن تتخذ قرارا بفتح الحدود مع المغرب إلا بعد أن تستجيب الرباط إلى مطلب التعاون الأمني ومكافحة التهريب والمخدرات والهجرة السرية، إضافة إلى أمور أخرى".
لم يشر بلخادم إلى ماهية الأمور الأخرى، الشيء الذي فسره المحللون بكونه يقصد تخلي المغرب عن موقفه بشأن قضية الصحراء وتسليمه بمبدأ تقرير المصير.

وفي قراءة للتصريحات الجزائرية، يعتبر عبد الفتاح البلعمشي مدير المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات"أن ما قاله بلخادم هو مجرد تحصيل حاصل" فالمتتبعون يرون أن رفض الجزائر لإعادة فتح الحدود مع المغرب قرارا يتنافى والرهانات الحالية والمستقبلية المطروحة على دول المغرب العربي،والمتمثلة في التصدي لمجموعة من التحديات التي تواجه هذه الدول ، ومنها ما يتعلق بالإرهاب والمخدرات والهجرة السرية. على اعتبار أن الجزائر معنية بالأمر أيضا.
ويضيف البلعمشي أن قضية فتح الحدود يجب التعامل معها في بعدها الإنساني على اعتبار أن الشعبين تربطهما مجموعة من الروابط الإنسانية والنفسية، لدى يجب أن يعمل كل من موقعه لأجل تسوية الخلاف".
وبالرجوع إلى مشكلة الصحراء المغربية التي تعد أحد قضايا التوتر الرئيسية بين الجزائر والمغرب من ناحية‏، وأحد أسباب التعنت الجزائري بخصوص قضية الحدود‏ من ناحية أخرى، يقول مصطفى النعيمي المتخصص في شؤون الصحراء في تصريح ل"مغرب اليوم"، "إن الجزائر تستعمل هذه القضية كورقة ضغط على القوى الأوروبية خاصة من أجل انتزاع أكبر قدر من المطالب بخصوص هذا النزاع المفتعل"
وبالتالي يضيف النعيمي، فهي تضع ذلك كأولوية قبل البدء بتسوية ملفات الإرهاب والمخدرات وكذا الهجرة السرية.
ولكون قضية الحدود المغربية الجزائرية أثرت ولا تزال على مستقبل المنطقة، فإن العديد من الأطراف في المغرب العربي ترى أنه مع استمرار لائحة الشروط الجزائرية، فإن الهوة مازالت قائمة والتوتر بشأن إغلاق الحدود بين الجانبين سيظل قائما إلى ما لا نهاية‏، لكون التعنت الجزائري أعاد‏ هذه القضية الملتهبة منذ‏14 ‏ عاما إلى نقطة الصفر.






الأحد، 1 مارس 2009

فوضى قطاع الصيدلة في ظل غياب القوانين التنظيمية


يعيش مهنيو الصيدلة أزمة حقيقية، في ظل غياب الترسانة القانونية التي تنظم القطاع و تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وضعف الولوج للعلاج، إلى جانب التغطية الصحية التي لا تشمل إلا 30 في المائة من المواطنين، ما يجعل 70 في المائة منهم لا يتوفرون على هذه التغطية، عوامل تنعكس بشكل مباشر على قطاع الصيدلة، رغم أن ظهير 1960، جرى تحيينه، وصدر بصيغة مدونة الدواء والصيدلة، لكن هذه المدونة ظلت غير قابلة للتفعيل في ظل عدم إخراج نصوصها التطبيقية.
يضم قطاع الصيدلة في المغرب قرابة 10 آلاف صيدلي لازالوا ينتظرون إصدار قوانين تطبيقية لمدونة الأدوية والصيدلة رقم 17ـ04 التي خرجت إلى حيز الوجود سنة 2006، فهم يطالبون وزارة الصحة بالتدخل لأجل تنظيم أفضل للمهنة وحل مشاكل العاملين في القطاع ، صيانة لحقوق المواطنين الصحية وتفاديا للأزمات القانونية والاقتصادية التي يعانيها القطاع الذي يوفر 20 ألف منصب شغل مباشر ومناصب عديدة غير مباشرة.
إلى متى يستمر غياب النصوص التنظيمية؟
يجمع مهنيو الصيدلة، على أن الترسانة القانونية التي تنظم القطاع، أصبحت متجاوزة وغير قادرة على مواكبة التطورات التي عرفها، مع العلم أنه جرى تحيين ظهير 1960، الذي صدر بصيغة مدونة الدواء والصيدلة، التي بقيت غير قابلة للتفعيل في ظل عدم إخراج النصوص التطبيقية لها، إذ يؤكد أنور فنيش رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب " أن قطاع الصيدلة يعيش نوعا من الفراغ القانوني، لأنه لا يخضع اليوم إلى قانون مضبوط ومحدد، نستطيع بمقتضاه حصر وتقنين ممارسة الصيدلة، ما يطرح عدة إشكاليات على مستوى ممارسة المهنة".
الأزمة لا تقف عند هذا الحد، إذ أصبحت تنعكس ليس فقط على القطاع، بل أيضا على صحة المواطنين، وذلك عن طريق الممارسة غير القانونية للمهنة، فالدواء يروج عبر مسالك غير مشروعة أحيانا، وخارج الإطار القانوني والمتمثل في الصيدلية، "إذ يباع في الأسواق وداخل عدد من الجمعيات، التي تتستر وراء العمل الاجتماعي، وتتاجر في الأدوية، كما يتم بيعه أيضا أمام المستشفيات وفي السوق السوداء" يضيف فنيش في تصريح ل"مغرب اليوم". ربما هذا ما يشكل في حد ذاته خطرا على صحة المواطنين، فضلا عن أنه يجعل مهنة الصيدلة في مواجهة المنافسة غير الشريفة.
وبالرجوع إلى الترسانة القانونية المنظمة للقطاع في المغرب فقد كان ظهير 1960 يشكل الإطار القانوني الذي ينظم مهنة الصيدلة، ويحدد شروط منح التراخيص وممارسة المهنة، و قد جرى تحيينه ، وإصدار مدونة الدواء والصيدلة، إلا أن تعثر صدور النصوص التطبيقية، يقول فنيش أدى إلى عرقلة تفعيل ما جاءت به هذه المدونة، بالإضافة إلى أن القانون الذي يصنف الأدوية، وضع منذ سنة 1922، وهو ما يطرح عدة إشكاليات وتناقضات داخل القطاع،مما يستدعي ضرورة التعجيل بصدور القانون التنظيمي.
الصيدلية والمصحة...والمنافسة غير المشروعة
ويشكل بيع الدواء بالمصحات إحدى أهم المعيقات التي تزيد مشاكل القطاع ، فوظيفة هذه المصحات تتلخص حسب فريد هكو رئيس مصلحة علم الأدوية بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء في معالجة المرضى باعتبار أن مهمتها هي التطبيب" فالدواء الذي يجب أن تتوفر عليه، يوظف للعلاج فقط ، ويضيف أنوار فنيش "القانون المصادق عليه في مدونة الدواء والصيدلة للأسف لم يعالج المشكل بالطريقة المنتظرة ، بحيث أنه يسمح بتفصيل لائحة الأدوية التي تصرف في المصحات وتلك التي تصرف في الصيدليات " وهناك العديد من هذه المصحات تعيش ببيع الدواء. لذا يطالب المهنيون
بوضع لائحة محصورة للأدوية التي يجب أن تصرف في المصحات، مع تعليب خاص لها، مما قد يساعد على فرز الأدوية التي تستعمل في المصحات عن تلك المعروضة للبيع في الصيدليات لتفادي أي تلاعب، ومراعاة للقدرة الشرائية للمواطنين.


عشوائية توزيع الصيدليات
في جميع الأحياء والشوارع أصبحت ظاهرة تكاثر الصيدليات شبيهة بظاهرة تكاثر المقاهي والمخادع الهاتفية يقول خالد 30 سنة إطار بنكي " الغريب في الأمر أن نرى عدد الصيدليات في تكاثر إذ أصبح مابين صيدلية وصيدلية، صيدلية ". فعددها حسب المهنيين يتجاوز بشكل كبير مستوى المتطلبات والحاجيات، وذلك اعتمادا على المعايير المعمول بها دوليا، لأنه في الوقت الذي تحدد هذه المعايير عدد الصيادلة بالنسبة لعدد السكان في صيدلي لكل 5000 ساكن، نجد في المغرب أننا نتوفر على صيدلي لكل 2000 ساكن وهنا تطرح المسألة المرتبطة بالرقم القافل، المتعلق بفتح الصيدليات حسب عدد السكان، وفي هذا الصدد يقول رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب "هذا العامل معتمد تقريبا في جميع أنحاء العالم، أما في المغرب فالمسؤولون أثناء إعداد مدونة الدواء والصيدلة لم يقبلوا بعامل الرقم القافل لأسباب نجهلها، ربما لأنهم غير مقتنعين به أو لأسباب أخرى" ويضيف "المهم أننا نحن مقتنعون بأن الرقم القافل ستكون له انعكاسات إيجابية على قطاع الصحة وعلى التوزيع العادل للصيدليات على المستوى الوطني". نفس الأمر يؤكده عبد الله، صيدلي قائلا: "لا أظن أن هناك تخوفا من قبل المسؤولين بخصوص هذا العامل، ولكن الأمر يحتاج إلى شيء من الجرأة".
في المقابل نجد أن هذه الوضعية لا تنطبق على المناطق القروية وحتى بعض المناطق الحضرية النائية، وربما السبب في ذلك يعود حسب مسؤول في وزارة الصحة "إلى سعي المهنيين وراء الربح المادي قبل أي شيء مما يتنافى مع ما يدعوا إليه الصيادلة من تقريب الدواء من المواطنين"

الأربعاء، 25 فبراير 2009

لصوص المال العام...


عاش المغرب فترة مظلمة سميت بسنوات" الرصاص" والتي خلفت الآلاف من الضحايا جراء الاختطافات والتعذيب والنفي والمحاكمات الصورية والاعتقالات. و بالمقابل عرف المغرب أيضا ما وصفه البعض بسنوات "الرصاص الاقتصادي" والتي أبانت عن ضحايا ومتهمين أفرزتهم جرائم الرشوة ونهب المال العام.
ويعتبر محمد طارق السباعي رئيس الهيئة الوطنية لحماية المال العام، "أن ما يحصل من نهب و اختلاسات واستغلال للنفوذ و الرشوة، إنما هي مظاهر للفساد السياسي العام و لنظام تدبير امتد لعقود طويلة، أنتج شبكات من المافيات مزروعة في مختلف أجهزة الدولة و ممتدة في أوصال المجتمع و مرافقه العمومية".
ولعل أهم ما يؤكد ذلك، تلك الملفات والرسائل التي تتوصل بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام وباقي الهيئات التي تعمل في نفس المجال، والتي أبانت من خلال التقارير المرفوعة، جملة من الاختلاسات والتلاعبات بأموال الشعب. كما يؤكد ذلك السباعي في تصريح خص به "مغرب اليوم" "تأتينا ملفات من كل أنحاء المغرب من طرف مواطنين لهم غيرة على ممتلكات بلادهم عن اختلاسات في العديد من المؤسسات العمومية، ليتم التأكد منها بالبحث المدقق، تم نرفع تقارير إلى الهيئات المعنية خاصة وزارة العدل،التي لاتقدم لنا أي جواب وإن كان الجواب غالبا ما يأخذ صيغة التهديد بالمتابعة"
ومن بين الملفات المعروضة على الجهات المختصة للبث فيها حسب الهيئة، نجد ملفات سوق الجملة خاصة بالدار البيضاء وملف "ليديك" بنفس المدينة والتي اعتبرتهما الهيئة بمثابة خزانات انتخابية لان المرفقين يعرفان اختلاسات مهمة جدا وبالتالي يتم استعمال تلك الأموال بالتواطؤ مع المجالس الجماعية لخدمة مصالح المنتخبين الحاليين والقادمين. وحسب نفس المصدر فإن ملف زلزال الحسيمة شكل أهم الملفات التي رفعتها الهيئة خلال السنة الماضية سواء إلى الجهات المختصة داخل المغرب وحتى إلى الأمم المتحدة وفي هدا الصدد يقول طارق السباعي" لقد تلقت الحسيمة من طرف الدولة عدة مساعدات ولا نعلم أين ذهبت، حيث عاينت اللجان التي قامت بزيارة المنطقة عقب الزلزال أن السكان لم يتوصلوا بالقدر الكافي من المساعدات ولازالت أثار الزلزال بادية للعيان".
هذه الاختلاسات وأشكال النهب شملت أيضا وزارة التجهيز حسب الهيئة الوطنية لحماية المال العام حيث سجلت الهيئة بهذا الخصوص سقوط مجموعة من القناطر إضافة إلى العيوب التي شابت تقريبا جميع المنشآت التي تم إنجازها. حيث بلغ عدد الملفات التي قدمت لوزير التجهيز والنقل كريم غلاب حوالي 16 ملفا. آخرها الملف المتعلق بجمعية التضامن الأوروبي التي توصل به كريم غلاب بصفته رئيس مقاطعة سباتة، والتي تركها حسب طارق السباعي في مخزن أحد أصدقائه ليصيبها التلف. ولحد الآن لم تقم وزارة الداخلية بعد مراسلتها من طرف الهيئة بالإجراءات اللازمة لمتابعة هؤلاء المسؤولين المساعدين لغلاب بصفته رئيس المقاطعة، يضيف السباعي.
الانتخابات التشريعية الأخيرة، لم تسلم بدورها من استغلال المال العام والنفوذ من طرف المنتخبين، ففي نفس السياق قررت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب إنشاء المرصد الوطني لمراقبة استعمال المال العام في الانتخابات والذي أكد بدوره من خلال التقرير الصادر في الثالث والعشرين من شهر فبراير الماضي، على أن الانتخابات الأخيرة لم تعرف إلا شيئا واحدا وهو "خدمة متطلبات السلطة" كاستعمال المال العام واستغلال النفوذ من طرف بعض المسؤولين الجماعيين المرشحين وتهريب صناديق الاقتراع وشراء بعض المرشحين للبطائق الانتخابية لمواطنين وإتلافها مخافة أن يصوتوا لفائدة منافسيهم، وكذا تسريب الورقة الفريدة.وفي انتظار متابعة لصوص المال العام و كبار الناهبين، يبقى الباب الوحيد للخروج من دائرة الخطر الذي يهدد أموال الشعب، هو تفعيل آليات للمراقبة لتتم محاكمة كل المتورطين في نهب المال العام و الكشف عن كل الحقائق المرتبطة بهذه الجرائم و استرجاع الأموال المنهوبة، حماية للمال العمومي و محاربة مظاهر نهب خيرات الشعب المغربي و كما يقول السباعي: "نتمنى أن يصدر قانون جريء مثل الجرأة التي أدت إلى مصادقة المجلس الوزاري على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة الفساد".

الأدوية الجنيسة في المغرب بين فشل سياسة وزارة الصحة في تشجيع استهلاكها وتواطؤ لوبيات صناعة الأدوية


عرفت صناعة الأدوية في المغرب انتشارا كبيرا وتطورا ملحوظا، جعل من قطاع الصناعة الصيدلية قطاع دو خبرة معترف بها من قبل منظمة الصحة العالمية على اعتبار أن المغرب أصبح ينافس بعض الدول الأوربية في مستوى صناعة الأدوية ومند سنة 1970 اتجه المغرب نحو تشجيع سياسة الأدوية الجنيسة من طرف الشركات المتعددة الجنسية المتواجدة بالمغرب وكذا الشركات المتخصصة في صناعة هذه الأدوية، ومع مرور الوقت استطاعت الأدوية الجنيسة أن تحقق انتشارا بلغت نسبة 25 % ضمن مجموعة الأدوية في المغرب وذلك من حيث قيمة الأدوية، وكذا الوحدات المصنعة.
المشتغلون في القطاع يرون أنه رغم استعمال هذه الأدوية بشكل أو بأخر خاصة في المستشفيات العمومية حيث تمثل مانسبته 90% من سوق القطاع العام، إلا أن مستقبل صناعة الأدوية الجيني لازال أمامه الكثير من الوقت لبلوغ المستوى المنشود سواء من قبل الوزارة الوصية أو مهني القطاع خاصة في ظل غياب سياسة واضحة للدولة في هذا المجال، و اختصار القطاع إلى قانون ينظم كيفية التعامل مع الأدوية الجينية قبل وصولها المريض .
هل الدواء الجنيس "عند رخصو تخلي نصو"؟
الحق في العلاج و الحق في الحصول على الأدوية ، وجهان لمطلب واحد يسعى إليه المواطن المغربي بشكل متزايد خاصة في صفوف الأشخاص ذوي الدخل المحدود ، و الذين يعانون من الأمراض المزمنة ، فالعديد من المغاربة يظلون بدون علاج نظرا للأسعار المرتفعة للأدوية ، الأمر الذي حتم على الوزارة الوطنية البحث على السبل الكفيلة لتوسيع انتشار الأدوية الجنيسة، ذات الأسعار المنخفضة . أدوية يجلها المواطن " لا أعرف ماذا تقصدين من الأدوية الجنيسة ، هل لها علاقة بالأدوية الجنسية؟ " تتحدث فاطمة 36 سنة تجهل أي شيء له علاقة بهذه الأدوية . عبد الحق لا يختلف كثيرا عن فاطمة فهو أيضا لا يعرف المقصود من الدواء الجنيس يقول : " لقد سمعت عنه في إحدى الوصلات الاشهارية لكني لم استطع أن أفهم ماذا يقصدون من ذلك" ، و رغم انخفاض ثمنه لم يستطع هذا الدواء رغم نجاعته أن يحقق الانتشار الكبير في صفوف المستهلك و السبب يرجعه احمد العسري طبيب عام إلى كون المواطن المغربي ليست له الثقة التامة في دواء بثمن رخيص ، مهما كانت درجة نجاعته. هذا ما تؤكده سلوى 39 سنة موظفة في إحدى المؤسسات البنكية قائلة " أنا أفضل أن أشتري دواء بسعر مرتفع ذو نتائج مضمونة عوض أن آخذ دواء أرخص لا أثق في نجاعته "
أغلب المواطنين يتعاملون مع الدواء الجنيس بتطبيق المثل القائل " عند رخصو تخلي نصو " و هنا تطرح علامة استفهام حول ما هي القيمة المضافة لإعادة تصنيع دواء أصلي بدواء جنيس ذو الثمن المنخفض ؟.
الدواء الجنيس و غياب إستراتيجية وزارة الصحة .
الأدوية الجنيسة حسب مهني قطاع الصيدلة هي أدوية مطابقة للأدوية الأصلية و تتميز بنفس المواصفات و نفس المكون و نفس الشكل الذي ظهر به الدواء الأصلي الفرق يكمن في أنه يتم إنتاج الأدوية الجنيسة بعد مرور 20 سنة على إنتاج الدواء الأصلي, وهي المدة اللازمة كي تستعيد الشركات التي قامت بإنتاج الدواء الأصلي من عائداته و التكاليف التي أنفقتها على التجارب و البحث العلمي و يتم إخضاع جميع هذه الأدوية إلى عملية فحص صارمة تتكون من عدة خطوات تتضمن مراجعة البيانات العلمية المتعلقة بمكونات و آداء الدواء .
و تتميز الأدوية الجنيسة حسب محمد الغوتي الاغضف رئيس التعاضدية العامة للصيادلة و مهني الصحة كونها تباع بثمن أرخص بنسبة 30% إلى 40% من الدواء الأصلي السبب مرده إلى أن نفقات تصنيعه أقل بكثير من نفقات الأبحاث التي أجرتها شركات صناعة الأدوية الأصلية .
و قد جاء في تصريح لوزيرة الصحة ياسمينة بادو خلال منتدى نظمته الجمعية المغربية لصيادلة القطاع العام ، "أنها تريد إحياء قطاع الأدوية الجنيسة ورفع حصتها من السوق،
و ذلك في إطار خطة جديدة للوزارة".
فمنذ انطلاق العمل بهذه الأدوية لم تتجاوز نسبتها 25% من مجموع الأدوية بالمغرب، نسبة تعكس عدم نجاعة السياسة التي اتبعتها وزارة الصحة لإحياء قطاع الأدوية الجنيسة حيث يعتبر محمد الغوتي الخبير في السياسات الصحية "أن المغرب لم يحقق نجاحا على مستوى تطبيق استعمال هذه الأدوية فسياسة الوزارة يجب أن توضع في إطار سياسة عمومية خاصة بالدواء" أو السياسة الدوائية و يضيف الغوتي " لا يمكننا أن نتحدث عن سياسة دوائية في غياب لسياسة صحية و التي ترتبط أساسا بالسياسة الاجتماعية للدولة " مما يجعلنا نستنتج أن الدولة تتعامل مع هذا المعطى في إطار مقاربة جزئية تغيب فيها مجموعة من الأطراف . نفس الأمر يحدث مع الأدوية الجنيسة. فالوزارة الوصية تعاملت مع هذه الأدوية بطريقة اختزلتها في الجانب الاستهلاكي و الجانب الخاص بالربح المادي و الجانب السياسي, هذا ما يؤكده فريد هكو رئيس مصلحة علم الأدوية بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء " يجب أن نتعامل مع سياسة استعمال الأدوية الجنيسة من المنطلق المتعلق بسلامة المريض مع تغيب جميع الجوانب السياسية والاستهلاكية لهذه الأدوية " مضيفا "أن نجاعة سياسة الأدوية الجنيسة تنطلق من مسلسل منظم يبدأ بالطبيب و الصيدلي و ينتهي بالمواطن "
كلام يفهم منه أن وزارة الصحة حرقت مجموعة من المراحل اللازمة لتطبيق إستراتيجيتها لتختزلها في المستهلك الذي يجهل تماما طبيعة الدواء المقدم إليه .
و يرجع المختصون في هذا المجال أسباب فشل سياسة الأدوية الجنيسة في المغرب إلى مجموعة من النقط أولها و أهمها. تلك المتعلقة بتعامل الطبيب و الصيدلي مع هذه الأدوية و مدى اقتناعهما بنجاعتها .
" فاقد الشيء لا يعطيه " كما يقال فإذا كان الطبيب و الصيدلي لا يثق في نجاعة الأدوية الجنيسة لا يمكن لنا أن نتحدث عن مواطن يفهم و يتعالج وفق هذه الأدوية الأمر مرده حسب فريد هكو إلى غياب نصوص تنظيمية خاصة بالأدوية الجنيسة ، رغم صدور القانون المنظم سنة 2005 ، فمن خلال هذه النصوص التنظيمية يمكن أن نتحدث عن قطاع أدوية جنيسة منظم يعي فيه الطبيب و الصيدلي جودة المنتوج انطلاقا من مراجع يتم اعتمادها تخول للصيدلي كيفية اختيار و معرفة الدواء الجنيس المقابل للدواء الأصلي . يقول أحمد 36 سنة صيدلي " لا يمكننا أن نتعامل مع دواء نجهله و لا يتوفر على "ريبرتوار" قابل للتحيين وفق مستجدات ميدان صناعة الأدوية" ناهيك عن غياب القانون الخاص باستبدال الأدوية و الذي يخول للصيدلي حق استبدال الأدوية الأصلية بالأدوية الجنيسة طبقا للمراجع المعتمدة من طرف الوزارة الوصية و المختبرات المتخصصة في صناعة الأدوية كما هو معمول به في مجموعة من الدول خاصة الأوربية.
اعتماد هذا القانون يراه رئيس مصلحة الأدوية بمستشفى ابن رشد بالنقطة الأكثر أهمية في مسلسل تحقيق سياسة الأدوية الجنيسة و "الذي يبقى رهينا بمدى التفاهم و الاتفاق بين الهيئة و الأطباء و هيئة الصيادلة ووزارة الصحة " فلا يمكن للطبيب أن يصف دواء جنيس لا يستطيع أي صيدلي أن يستبدله".
و من بين النقط التي تعاب على سياسة وزارة الصحة لتشجيع استعمال الأدوية الجنيسة, تلك المتعلقة بعلاقتها بالمختبرات . إذ يلاحظ غياب أي نوع من التسهيلات المقدمة لهذه المختبرات في توزيع الأدوية الجنيسة و في هذا الصدد يرى فريد هكو . " أن الوزرة ملزمة بتشجيع المختبرات لإنتاج هذه الأدوية في مقابل تسهيل ولوجها إلى السوق. لكن عن أي نوع من الأدوية الجنيسة نتحدث ؟ يقول الدكتور احمد العسري "إن الأدوية الجنيسة التي يجب تشخيصها هي تلك التي يحتاجها المواطن في علاج الأمراض المزمنة" .
أما حكيمة حميش رئيسة الجمعية المغربية لمحاربة داء السيدا فتقول بهذا الصدد في تصريح ل"مغرب اليوم" "لا أقدم للمرضى سوى الأدوية الجنيسة فلا فرق بينها وبين الأدوية الأصلية سوى من حيث الثمن" .
العنصر الأخير في سلسلة تطبيق الأدوية الجنيسة فهو المستهلك أو المريض,لقد اختارت وزارة الصحة القيام بالحملات الإشهارية للتعريف بهذه الأدوية اعتبرها مهنيو القطاع غير ذات قيمة لكونها أولا جاءت سابقة لأوانها كما أشرنا إلى ذلك سلفا, ثم لأنها غيبت المختصين في المجال " هذا ما يعتبره محمد الغوتي رئيس العاضدية العامة للصيادبة ومهنيي الصحة قائلا: "لقد قامت الوزارة باختيار شخص للقيام بالإشهار ارتبط ظهوره في ذهن المواطن بالجانب الاستهلاكي فبدا وكأننا أمام سلعة تحتاج إلى التسويق وليست مادة دوائية جد هامة".
وربما ما يعاب على هذه الحملة الإشهارية الخاصة بالدواء الجنيس والتي اختفت بدون مبرر كونها قدمت بدون استشارة الجهات المختصة من أطباء وصيادلة وشركات صناعة الصيدلة و هذا ما يفسر حسب مسؤول في وزارة الصحة فشلها في تحقيق المراد وهو تعريف المواطن بالدواء الجنيس ويضيف الغوتي "لماذا لم تستعن الوزارة بطبيب أو صيدلي لتقديم هذه الوصلات الإشهارية".
ولعل ما صرحت به وزيرة الصحة خلال منتدى الجمعية المغربية لصيادلة القطاع كون "أن الإجراءات التي تم اعتمادها لحد الآن كانت غير كافية لتشجيع استعمال الأدوية الجنيسة بشكل قوي ومستدام" لدليل على ما أجمع عليه مهنيو القطاع من فشل في تطبيق سياسة الدواء الجنيس.

لوبيات صناعة الصيدلة تقف في وجه الأدوية الجنيسة

بعد مرور خمسة أيام على مفاوضات مع"لوبيات" صناعة الصيدلة في العالم خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية قررت منضمة التجارة العالمية في 30 غشت 2003 بجنيف الموافقة على استيراد الأدوية الجنيسة لفائدة الدول الفقيرة مما فتح مجالا للولوج إلى التداوي بطرق أفضل وأسهل.
المغرب قبل سنة 2000 لم يكن ضمن البلدان الموقعة على الاتفاقية التجارية لمنظمة التجارة العالمية إذ كان بإمكان إي مختبر أن يجلب أو ينتج أي نوع من الأدوية الجنيسة حتى قبل إتمام 20 سنة على إنتاج الدواء الأصلي.لكن بعد توقيع المغرب لاتفاقية التبادل الحر أصبح ملزما باحترام المدة المخصصة لإعادة تصنيع الدواء الجنيس, ليتم منحه مهلة إلى غاية دجنبر سنة 2005 بهدف إعداد القوانين اللازمة لتطبيق إنتاج الأدوية الجنيسة وإلزام المختبرات باحترامها. القانون لا يمكن خرقه حسب فريد هكو رئيس مصلحة علم الأدوية بمستشفى ابن رشد بالبيضاء إلا إذا كان البلد في حاجة ماسة إلى إعادة تصنيع الدواء الأصلي دون انتظار المدة المحددة لذلك وهي 20 سنة.
اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية جاءت لعرقلة تطبيق هذا الاستثناء الذي ينص عليه القانون حيث وضعت مجموعة من الشروط من بينها وجوب الاتفاق مع المختبرات التي تنتج الدواء الأصلي, إضافة إلى التوقيع على مجموعة من الوثائق مما جعل مهنيي القطاع يعتبرونها النقطة التي أفاضت الكأس لكونها جاءت لصالح المختبرات الأمريكية, وهنا يطرح مشكل البراءات أو الملكية الفكرية.فمنظمة التجارة العالمية ترى في القوانين المنظمة لتصنييع الأدوية الجنيسة نقطة إيجابية جاءت لمصلحة الدول الفقيرة حيث يقول المدير العام للمنظمة في إحدى تصريحاته "أن هذه القوانين جاءت لحماية الملكية الفكرية وتمكين جميع المرضى عبر العالم من العلاج الفعال بأقل تكلفة". وزارة الصحة بالمغرب اعتبرت هي الأخرى أن المغرب حريص على تطبيق المعايير المتبعة من طرف منظمة التجارة العالمية حول حماية الملكية الفكرية من أجل ضمان العلاج والحماية الصحية.
وفي المقابل جاءت ردود أفعال ,آراء المهنيين بالقطاع مغايرة لما يراه المسؤولون حيث اعتبرت الجمعية المغربية لمحاربة داء فقدان المناعة المكتسبة (السيدا) "أن الاتفاقية لن تحل مشكل تسهيل العلاج والحصول على الأدوية بل هي مجموعة من الإجراءات الإدارية المعقدة خاصة لدول الجنوب لحماية صناعة الصيدلة ولوبياتها بدول الشمال".
وتعتمد "لوبيات" الصناعة الصيدلية عبر العالم مجموعة من الاستراتيجيات لحماية إنتاج الأدوية الأصلية وبالتالي ضمان الربح المادي الأكثر تكلفة ومن بينها كما صرح مسؤول في قطاع الصيدلة فضل عدم ذكر اسمه" إقناع الأطباء الخواص بالتعامل فقط مع الأدوية الأصلية وتقديمها للمرضى بشكل شبيه بإرشاء هؤلاء الأطباء نفس الأمر يحدث بالمغرب,حيث يتم استدعاء الأطباء الخواص لحضور منتديات وملتقيات عالمية في قطاع الصيدلة تنظم من طرف هاته اللوبيات" تتكلف بجميع نفقاتها وأحيانا تقدم هدايا للأطباء الحاضرين والهدف بالطبع حسب نفس المصدر هو توفير جميع الظروف اللازمة بغية التعامل فقط بالأدوية الأصلية. فلماذا لا يتعامل المسؤولون المغاربة مع سياسة تطبيق الأدوية الجنيسة بنفس تعامل اللوبيات الدولية لصناعة الأدوية الأصلية ويحاولون تقريب الأطباء الخواص والصيادلة من أهمية التعامل مع الدواء الجنيس؟ سؤال يطرحه محمد الغوتي الاغضف.
الأدوية الجنيسة متنفس للتأمين الصحي
تطبيق سياسة تشجيع الأدوية الجنيسة في المغرب بالنظر إلى انخفاض ثمنها فذلك سينعكس إيجابا على مستوى ترشيد وعقلنة نفقات الصحة على العموم وبالخصوص النفقات المتعلقة بالأدوية, بحيث ستمكن نسبة 30٪ التي سيتم توفيرها من وراء استعمال الأدوية الجنيسة من استثمارها بهدف تحسين الخدمات الصحية من علاج وتطبيب الذي سيصبح في متناول جميع المواطنين خاصة تلك الشريحة التي كانت تجد صعوبة في ولوج عالم الدواء, باعتبارها حقا من حقوق الإنسان.
انخفاض ثمن الأدوية الجنيسة سيصبح مكسبا للتأمين الصحي إذن فهل يتعامل الأطباء بالمغرب مع هذا المعطى ؟ في الواقع يقول أحد العاملين في قطاع التأمين الصحي "أن هناك مجموعة من الأطباء الخواص يعتبرون التأمين الصحي سببا لإعطاء أدوية أصلية بثمن مرتفع لأنهم على علم أن التأمين الصحي سيعوض المريض بنسبة 20٪ إلى 50٪ من ثمن الدواء الأصلي".

الجزائر وتونس تتفوقان على المغرب في مجال الأدوية الجنيسة

سياسة تشجيع استعمال الأدوية الجنيسة في المغرب لا زالت لم ترقى إلى المستوى المطلوب بالنظر إلى نسبتها التي لا تتجاوز 25٪ مقارنة بمجموعة من الدول خاصة المغاربية منها, ففي الجزائر مثلا كشفت وزارة الصحة أنها تتطلع الآن إلى رفع حجم الأدوية الجنيسة المستوردة لتصل إلى نسبة 45 بالمائة من مجموع الأدوية المستوردة على أن يتم الوصول في المستقبل إلى نسبة 70 بالمائة. ويندرج هذا الإجراء في سياق السياسة الجديدة الرامية إلى تشجيع استخدام الدواء الجنيس بدلا عن الدواء الأساسي في مدونة الأدوية المسجلة في الجزائر إلا أن التدابير الجديدة تأتي في ظل وضع خاص، نتيجة التأخر الحاصل في برنامج استيراد الأدوية. إلا أن مهنيو القطاع في الجزائر يرون أن سياسة تشجيع استيراد الدواء الجنيس فيه خسارة كبيرة للإنتاج المحلي.
أما تونس فقد بات مجال استعمال الأدوية الجنيسة أكثر تطورا إذ بلغت نسبتها 30 بالمائة من مجموع الأدوية الموصوفة طبيا فالوزارة الوصية بتونس ترى أن الانصهار في تطوير استعمال الأدوية الجنيسة يعد من الركائز الأساسية التي من شانها أن تساهم في إنجاح النظام الجديد للتأمين على المرض . كما أن السياسة المتبعة في تشجيع هذه الأدوية مقابل الأدوية الأصلية تستهدف أيضا ضمان حق التعويض للصيدلي بواسطة الأدوية الجنيسة, وهو الأمر الذي يغيب في المغرب.
وعلى الصعيد العالمي فلا مجال للمقارنة بين المغرب والعديد من الدول الأوربية حيث يِؤكد محمد الغوتي الاغضف الذي حضر مؤخرا الصالون الدولي الأول للصيدلة الذي نظم أيام 26-27-28 دجنبر بتونس بصفته خبيرا لدى منظمة الصحة "أنه من خلال استعراض تجربة بعض الدول العربية والأوربية اتضح أن المغرب لا زال يخطو خطواته الأولى في مجال استعمال الأدوية الجنيسة" ففي الولايات المتحدة الأمريكية بلغت نسبة استعمال الأدوية الجنيسة خلال سنة 2007 ما يفوق 63٪ ,النسبة وصلت في كندا إلى 50٪ و٪40 سجلتها الدنمارك نفس الشيء بالنسبة لبريطانيا.
الوصول إلى هذه الأرقام لم يكن سهلا بالنسبة لهذه الدول ففي أوربا مثلا يتم تخصيص استراتيجية شمولية لتشجيع استعمال الأدوية الجنيسة وذلك بالاعتماد على حملات إشهارية (ملصقات إعلانات) بالإضافة إلى حملات خاصة تستهدف الأطباء والصيادلة, فشتان بين التجربة المغربية وباقي التجارب.

الثلاثاء، 24 فبراير 2009

الحجاب في المغرب يمنع من العمل


محجبات يحرمن من ولوج مقرات العمل بدون وجه حق


عرف المجتمع المغربي في الآونة الأخيرة إقبالا في صفوف نسائه على ارتداء الحجاب، إقبال فسره البعض برغبة الكثير من هؤلاء النساء في تقليد بعضهن لبعض، فيما اعتبره الآخرون مجرد سحابة صيف عابرة وموضة تتبعها الفتيات ستزول مع مرور الوقت. وبين هذا وذاك تبدي العديد من النساء المرتديات للحجاب ارتياحهن من هذه الظاهرة والتي يرونها أمرا عاديا خاصة ونحن في بلد إسلامي تحكمه تقاليد وأعراف تستمد أصولها منه.
إلا أن هناك مفارقة عجيبة، فمع تزايد الإقبال على ارتداء الحجاب في المغرب إلا أن العديد ممن قررن ارتداءه يجدن صعوبات في دخول سوق العمل، بل فمنهن من كانت مجبرة على تقديم استقالتها لتمسكها بحجابها من جهة، وضعف منها في مواجهة أرباب العمل من جهة أخرى.
الحجاب والدبلوم والخدمة الله يجيب
في أحد أحياء المدينة القديمة بالرباط تقطن فاطمة الزهراء، من مواليد سنة 1978 وحاصلة على الإجازة في العلوم الاقتصادية إضافة إلى دبلوم المحاسبة والتسيير الإداري. تكبد والدها مشاق تكاليف دراستها في إحدى المعاهد العليا الخاصة، فكانت تعاهد نفسها أنها ستحاول تعويضه بعد اشتغالها ولو بالقليل.حلم اصطدم بصخرة الواقع المرير تقول: "لم أكن أعتقد يوما أن حجابي سيقف حجرة عثرة في سبيل تحقيق حلم أبي والعمل في إحدى الشركات الكبرى" لقد حاولت فاطمة الزهراء منذ حصولها على دبلوم المحاسبة والتسيير إيجاد فرصة للعمل في إحدى الشركات الكبرى أو الأبناك، حتى تضمن أجرة محترمة تساعد به ا في تكاليف عيش أسرتها.إلا أنها في كل مرة كانت تجد نفسها مرفوضة بمجرد مقابلتها لمسؤولي الشركات التي تقدمت بطلب عمل لديها، والسبب دائما كان هو ارتداؤها للحجاب "قالها لي يوما مدير أحد الأبناك نتي إلى بقيتي دايرة داك الزيف ماعمرك ما غادي تخدمي فداكشي اللي بغيتي" تحكي فاطمة الزهراء وعلامات المرارة الحسرة بادية على محياها، تضيف وهي تبكي "نحن في بلد إسلامي فكيف يسمح باضطهاد المحجبات بهذا الشكل". فلم تجد أمامها سوى التخلي عن الحلم وقبول العمل كمدرسة في إحدى المدارس الخاصة بأجرة لا تتجاوز 2000 درهم، وفي مجال لا علاقة له بتخصصها.
حكاية فاطمة الزهراء واحدة من بين العشرات ممن يعانين من عدم وجود فرص عمل بسبب ارتدائهن للحجاب. سميرة 34 سنة متزوجة وأم لطفلين كانت تعمل في أحد الأبناك المغربية لمدة 5 سنوات ففي اليوم الذي قررت فيه ارتداء الحجاب كانت تعرف أنها ستجد صعوبات في تقبلها بهذا الزي في مكان عملها إلا أنها قررت أن تتحدى الوضع "كنت أعرف أنهم لن يقبلوا في البداية تغيير الزي الذي أرتديه وخاصة أنني كنت أتبرج بشكل ملفت". لم يستمر صمت مدير المؤسسة البنكية إلا بضعة أيام قبل أن يخيرها بين استمرارها في ارتداء الحجاب وبين عملها كسكرتيرة لديه "لقد كنت جريئة بما يكفي لأصرخ في وجهه وأتشبث بحجابي" ، تشبث كان ثمنه تقديم استقالتها.
المنع من العمل في غياب سند قانوني
وفي مجال الطيران هذه المرة، كانت صباح 28 سنة ضحية للقرار الذي أصدرته شركة الخطوط الجوية المغربية (رام) والقاضي بمنع الموظفات اللواتي لهن علاقة مباشرة بالمسافرين من ارتداء الحجاب. تقول صباح بلغة تمزج بين الفرحة والحسرة "لطالما حلمت أن أكون مضيفة جوية لكن قراري ارتداء الحجاب منعني من الاستمتاع بحلمي لمدة أطول" ، فقرارها هذا جعلها عن الجو، لتعمل فقط داخل إدارة المطار.
وكان قرار شركة الخطوط الجوية الملكية المغربية القاضي بمنع ارتداء المظيفات للحجاب قد خلف ردود أفعال سياسية خاصة من طرف حزب العدالة والتنمية، حيث اعتبرها أحد نوابه آنداك خطوة"تأتي في سياق تجفيف منابع الصحوة الإسلامية التي حاول البعض فرضها مستغلا في ذلك أجواء ما بعد 11 شتنبر 2001 وتفجيرات 16 ماي الإرهابية سنة 2003".
هذا "الاضطهاد" كما تصفه المحجبات والممارس ضدهن في المغرب طال جميع ميادين العمل، ومنها أيضا ميدان الصحافة والإعلام، إذ يحضر على أي صحفية محجبة أن تظهر على شاشة لتلفاز لتقدم نشرة إخبارية أو برنامجا. بل وحتى داخل بعض الإذاعات الخاصة، فشيماء 27 سنة صحفية، اجتازت فترة تدريبية بعد تخرجها من إحدى معاهد الصحافة بإذاعة البحر الأبيض المتوسط (مي.دي.آن) بطنجة، ونظرا لتميزها في عملها قدمت لها إدارة الإذاعة عرضا للعمل شريطة أن تنزع حجابها تقول وهي تضحك ."كنت مخيرة بين أن أصبح صحفية في إذاعة معروفة ومتميزة وبأجر جد محترم، لكن في مقابل التخلي عن حجابي". فمدير الإذاعة الفرنسي كان واضحا معها مند البداية إلا أنها اختارت التمسك بحجابها "أنا اعرف أن الأرزاق قدر إلاهي فلم ولن أقبل أن يساومني أحد على حجابي لأنه التزام بيني وبين ربي". تضيف شيماء التي كان رزقها ينتظرها مباشرة بغد رفضها لهذا العرض لتجد فرصة عمل أحسن بكثير من سابقتها.

فقد لا يفهم البعض ما العلاقة التي تجمع بين ارتداء الحجاب وعمل المرأة في عدة مجالات. فالكفاءة المهنية ليست مرتبطة بالحجاب ولا تنقص بمجرد ارتدائه ، خاصة أنه وفي المجال الإعلامي أصبح من الطبيعي أن تشاهد صحفية محجبة تقدم نشرة الأخبار في قنوات رائدة مثل الجزيرة و (إم.بي.سي) تقول سناء صحفية. "كيف إذن نعطي الحق لأنفسنا بمنع امرأة من مزاولة مهنة ما لمجرد ارتدائها للحجاب وبدون أي سند قانوني ونحن في بلد ينص دستوره في الفصل السادس منه على أن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة"
ومن جهة أخرى لكن هذه المرة في مجال الوظيفة العمومية أصدرت مديرية إدارة السجون بالمغرب مذكرةً تمنع ارتداء الموظفات للحجاب وإلزامهم بالزي الرسمي بتبرير أنه لا يوحي بالانضباط والهيبة الأمنية لحامليه
وحسب مذكرة صدرت عن المندوب السامي للسجون "حفيظ بنهاشم" أكد من خلالها أن ارتداء الزي الرسمي يستند إلى نصوص قانونية وتحكمه ضوابط قانونية توخَّى المشرع من خلالها توحيد الزي بين سائر الموظفين، وإكسابهم مظهرًا يليق بحجم وطبيعة المهام الأمنية المنوطة بهم، دون أن يوضح البلاغ مدى وجود مقتضيات خاصة بالمحجبات
من يدافع عن طرد المحجبات ؟
وكرد فعل على هذا القرار أصدرت مجموعة من الهيئات السياسية والمدنية بلاغات تندد بهذه الخطوة، حيث أدان المركز المغربي لحقوق الإنسان، وهي منظمة حقوقية غير رسمية، مذكرةً المندوب السامي لإدارة السجون المتعلقة بمنع الحجاب على موظفات السجون.
وقال بيانٌ للمركز إن المنع يمثل "مسًّا خطيرًا بحرية الفرد، وخاصةً أن ارتداء الحجاب لا يُشكِّل أي عائقٍ في مزاولة الموظفات المحجبات لعملهن، مطالبًا بضرورة إلغاء المذكرة المعنية، والانكباب على المشاكل الحقيقية التي تتخبط فيها السجون المغربية التي أصبحت مرتعًا لترويج المخدرات والشذوذ الجنسي والانحراف، والعمل على أن تقوم المؤسسة السجنية بدورها في التقويم التربوي والإصلاح الاجتماعي.
وتنضاف مبادرة الهيئة الحقوقية إلى مبادرات سياسية وجمعوية أخرى تُندد بالقرار، الذي يلزم موظفات السجون بالزي الرسمي وعدم اتخاذ الحجاب، بحجة الانضباط والإشعار بالمسئولية المدنية.
تشغيل المحجبات...بين المؤيد والمعارض
إشكالية منع المحجبات من العمل ليست فقط حالات لنساء تعرضن لما اعتبرنه اضطهادا في حق ممارستهن لأبسط حقوقهن المجتمعية وهي العمل بل هي أيضا مواقف اتخذها العديد من أرباب الشركات أو الإدارات العمومية لمنع ولوج المحجبات إلى مؤسساتهم
النموذج ينقله لنا (ع.د( وهو صاحب شركة تعمل في المجال السياحي والذي أبدى موقفا واضحا اتجاه اشتغال المرأة المحجبة في شركته يتحدث بلغة ساخرة "أنا أرفض أن تعمل لدي فتاة ترتدي الحجاب" فهو يرى أن مكانها الطبيعي هو المنزل باعتبارها اختارت التحجب مضيفا" إلى كانت هي دايرة الزيف ما عندها لاش تخرج تخدم من الأحسن لها أن تعمل داخل منزلها"
ويرجع (ع.د) سبب رفضه تشغيل فتيات محجبات لكون المجال الذي يعمل فيه يتطلب وجود فتيات متبرجات مهتمات أكثر بمظهرهن الخارجي خاصة كونهن يتعاملن مع سياح أجانب لا يعرفون شيئا عن الإسلام وينظرون للحجاب على انه نوع من الإرهاب ويضيف بابتسامة " المشكل ماشي فالحجاب ولكن الأشخاص الأجانب عن المغرب لا يحبذون التعامل مع المحجبات ويخفن منهن الصراحة هي هذي".
موقف يخالفه السيد (ر. ش) وهو مقاول يعمل في مجال الإعلاميات الذي يؤكد أنه لم يسبق له أن قام بتشغيل فتاة لا ترتدي الحجاب كسكرتيرة بشركته
فهو يفضل أن تكون النساء اللائي يعملن معه محجبات يقول: " أنا أرحب في شركتي بكل فتات ترتدي الحجاب لأني أفضل أن أرى من يعملن لدي ملتزمات في زيهن ولا يهمني الجوهر" ومن الأسباب التي جعلت( ر. ش) يتخذ هذا الموقف كونه يريد أن يؤكد على أنه إذا كان في المغرب من يرفض تشغيل المحجبات لديه فهناك من يرحب فقط بهن. موقف تبناه بعد أن تم رفض عمل ابنته في إحدى الشركات بسبب ارتدائها للحجاب "لقد تلقيت صدمة عندما أخبرتني ابنتي هاجر أن مدير الشركة التي أرسلت في طلبها للعمل كمهندسة في الإعلاميات اشترط عليها نزع حجابها" يحكي (ر. ش) بعبارات الحسرة والألم على ما أسماه "عنصرية ممنهجة تجاه النساء المحجبات في سوق الشغل.
وفي هذا الصدد تقول نعيمة بن يعيش مديرة المعهد الشرعي أم المؤمنين عائشة بمدينة طنجة أنها تتلقى طلبات عديدة بشكل ملحوظ للراغبين في إيجاد عاملات سواء في مقاولات صغيرة بل حتى شركات ويشترطن فيهن أن يكن محجبات, والسبب ترجعه الأستاذة بن بعيش إلى رغبة هؤلا ء في تشغيل فتيات محجبات دون غيرهم لأسباب شخصية. وتضيف "أن هؤلاء لا يصرحون أمام الملأ وخاصة أمام وسائل الإعلام بهويتهم وررغبتهم في تشغيل المحجبات فقط, وذلك خوفا من أن يتم اتهامهم بالتطرف "
نفس السبب هو ما جعلنا نجد صعوبة في إقناع الكثيرين ممن التقيناهم والذين يرفضون تشغيل إلا المحجبات في التحدث إلينا وكشف هويتهم.
وبين مؤيد ومعارض لقبول المحجبات العمل لديه يقف عبد الواحد عدي موقفا محايدا فهو رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات التي تعمل في قطاع النسيج. عبد الواحد يعتبر منع تشغيل امرأة محجبة في شركته لن يغني ولن يسمن من جوع يقول: " ليس لدي أي موقف من هذه المسألة فأنا أشغل جميع النساء دون أي تمييز بين أولئك اللاتي يرتدين الحجاب وغيرهن" فهو يعتبر أن الشرط الأساسي لمن أرادت أن تشتغل في شركته هو الكفاءة بالدرجة الأولى ولا يهمه أي شيء لديه علاقة بالمظهر و يضيف " أنا أحاسب العاملات لدي على مرد وديتهن في العمل وليس لماذا يرتدين هذا الزي دون غيره، لأنني أعتبر ذلك خرقا لحقوق الإنسان من جهة، ولقانون الشغل من جهة أخرى".

أزمة دارفور ...في الطريق إلى الحل


لقد استفاق القادة العرب أخيرا من سباتهم العميق وأدركوا أهمية الالتحام فيما بينهم لحل القضايا العربية والإسلامية، فبعد الخطوة المصرية الأخيرة في الحرب الإسرائيلية على غزة والتي تحسب لها رغم ما قيل وما يقال بشأن سياسة حسني مبارك في الشرق الأوسط ، لازالت مصر تسعى إلى التوصل لحل توافقي فيما يتعلق بالتهدئة بين إسرائيل وحركة حماس، الخطوة المصرية تلاها موقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي انسحب غاضبا من جلسة نقاش مع الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز في دافوس احتجاجا على الهجوم الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة مما جعله يحضى بشعبية كبيرة داخل وخارج تركيا، ترجمها تجمع آلاف الأشخاص في اسطنبول لاستقباله استقبال الأبطال لدى عودته.
ولعل الخطوة القطرية لحل النزاع في دارفور والتي توجت بمباحثات بين حكومة السودان وحركة العدل المساواة تصب في نفس التوجه،الذي أملته ظرفية سياسية حتمت على العرب إعادة ترتيب أوراقهم لحل القضايا التي تهمهم.
.
أعادت الأحداث التي وقعت في إقليم دارفور طرح الأزمة السياسية الشاملة في السودان، وبصورة أكثر حدة في وقت يتابع فيه المجتمع الدولي عن كثب ما يجري هناك. فالصراع في دارفور عنوان لأحد أوجه أزمة مترابطة الأطراف. ولخطورة الوضع في دارفور وما قد يتمخض عنه من عواقب تمس أمن كل السودان، فقد أظهرت القوى السياسية الدولية اهتماما كبيرا بما يدور هناك وتدخلت مجموعة من الدول لفض النزاع سواء على الصعيد الإفريقي أو العربي وحتى الدولي .
ومن المؤكد أن القضية التي كانت تطرح نفسها على خلفية الصراع القبلي التقليدية على الماء والمرعى، أصبحت مع تراكم الأخطاء من جانب حكومة الخرطوم، وفي ظل ما أفرزته اتفاقية السلام بينها وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان، تطرح الآن كقضية سياسية إثنية معقدة.
فالقضية إذن، أصبحت مطروحة في جانب منها كقضية صدام عرقي وقبلي مسلح. وتحت وطأة التدخل السياسي والعسكري، مما أدى إلى تفجر الموقف في كل المنطقة. كما أن الاستقطاب الحاد والعمل المسلح من جانب الدولة أدى إلى بروز كيانات سياسية مسلحة ممثلة في تنظيمين رئيسيين هما حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة.
تسارعت الأحداث مؤخرا على خلفية مباحثات السلام في إقليم دارفور كما تشابكت خيوط الأزمة وتفاعلت لا مع محيطها الإقليمي فحسب بل ومع الاهتمامات الدولية كذلك، فبعد ثمانية أيام على التوالي من المباحثات بين الحكومة السودانية وحركة العدل والمساواة بالدوحة بوساطة قطرية تمكن الطرفان يوم الاثنين الماضي بمعية الوسطاء من تجاوز عقبة اشتراط الحركة الإفراج عن السجناء الذين لهم صلة بأحداث أم درمان التي وقعت في ماي 2008، تطور توج بتوقيع وثيقة تفاهم بالدوحة, تمهيدا لمحدثات سلام بشأن أزمة وتحدد مسار المرحلة التالية من التفاوض بين الطرفين اللذين سيبقون في الدوحة للتحضير لعملية التشاور المقبلة لإنجاز اتفاق نهائي.
من جهتها، رفضت فصائل أخرى المشاركة في مباحثات السلام بدعوى أنها ليست مفاوضات جدية وإنما هي بين "إسلاميين" لا يختلفون كثيرا.
ولم تمر هذه المباحثات الماراطونية من دون إملاء حركة العدل والمساواة لشروطها على الحكومة السودانية، حيث ذكر جبريل إبراهيم أحد قادة الحركة مجموعة من الشروط لسلام دائم في دارفور ينهي سنوات من الحرب سقط خلالها آلاف القتلى ، من بينها مشاركة الحركة في الحكومة المركزية بالخرطوم وحل مليشيات الجنجويد. مع ضرورة التوصل إلى إجراءات ثقة، أهمها الإفراج عن معتقلي العدل والمساواة،وضمان توزيع المساعدات الإنسانية بدارفور بلا معوقات.
ولعل تصريح خليل إبراهيم بأن حركة العدل والمساواة هي "الوحيدة الموجودة على الأرض، وهي قادرة على فرض السلام إذا تم التوصل إليه" يؤكد إلى حد ما حسب المراقبين، القوة والسيطرة التي تتمتع بهما الحركة والتي تضم جميع مواطني دارفور عربا وغير عرب، فالأمر مختلف تماما على حد تعبير إبراهيم عن السابق حينما كانت توقع" أطراف لا وزن لها اتفاقيات سلام مع الخرطوم".
فهل يمكن اعتبار وثيقة التفاهم التي وقعت بالدوحة بداية لنهاية أزمة القتال المستمر بين القوات الحكومية السودانية والمتمردين في جنوب دارفور، والذي أسفر مؤخرا حسب الأمم المتحدة عن تشريد ما يزيد عن 30 ألف شخص، فروا من بيوتهم. خصوصا من منطقتي شعيرية والمهاجرية. بعد تصريح الجيش السوداني "أنه استولى على بلدة المهاجرية من متمردي حركة العدل والمساواة"؟

الجمعة، 20 فبراير 2009

أمطار قوم عند قوم مصائب


فيضانات وأموات أعادت سيناريو ما وقع نهاية السنة الماضية وطرحت علامات استفهام حول مسؤولية وزارة التجهيز والنقل والجماعات المحلية


خلفت الأمطار الأخيرة ببلادنا خسائر مادية وبشرية أودت بحياة 24 شخصا منذ 31 يناير الماضي، تاريخ إعلان مصالح الأرصاد الجوية الوطنية عن حدوث اضطرابات جوية في العديد من أقاليم المملكة. إضافة إلى خسائر في الممتلكات بعد تدمير آلاف المنازل ، كما أدت الفيضانات إلى تشريد آلاف الأسر وتدمير دواويير بكاملها فضلا عن انهيار المنازل وتخريب الطرقات والمنشآت والممتلكات وإتلاف المحاصيل الزراعية، وهذا الحدث يتكرر أكثر من مرة في السنة وفي أكثر من مدينة وقرية مغربية، مع تفاوت في عدد المناطق المنكوبة ودرجة تضررها وحجم تساقط الأمطار.

في كل مرة يمن علينا الله بأمطار الخير تغرق العديد من المدن والقرى المغربية في الأوحال والطين وأشياء أخرى...، والسبب بكل بساطة يكمن في انعدام البنيات التحتية أو وجود بنيات متآكلة، ليجد المواطن نفسه مرغما على مواجهة مشاكله بنفسه وبما أوتي من قدرة وتجربة ووسائل ولو أدى الأمر إلى وفاته أحيانا، وهذه النتيجة هي أهم ما ميز هذه الفيضانات الأخيرة.
الفيضانات وهشاشة البنيات التحتية وجهان لسيناريو واحد
مخلفات الأمطار التي شهدتها بلادنا الأسبوع الماضي أتت على الأخضر واليابس، في العديد من المدن المغربية فبسيدي سليمان مثلا انهار ما يزيد عن 400 منزل لتجد أكثر من 2000 أسرة نفسها عرضة للتشرد، فإذا كانت هذه الفيضانات قد مست البشر والحجر، فنصيب البنيات التحتية كان وكالعادة ظاهر للعيان مما يجعنا دائما ننتظر قدوم الفيضانات كي تعري لنا عن حقيقة ما أنجز وتكشف لنا آثار الغش في البنيات التحتية من طرق وقناطر وقنوات تصريف المياه والسكك الحديدية.
ليقف المرء حائرا أمام سؤال وظيفة كل أولائك المسؤولين والهيئات والمؤسسات المنصبة لخدمة المواطن فنحن نستورد الآلات الإلكترونية ونستورد القمح وقطع الغيار فماذا أنجزنا لأنفسنا؟
لقد أعادت هذه الفيضانات سيناريو أحداث ليست بالبعيدة تعود إلى بداية موسم التساقطات التي عرفها المغرب مع نهاية سنة 2008 والتي عكست هي الأخرى وبالملموس واقع البنيات التحتية وهاهي اليوم تؤكد ما وقع وما سيقع إذا لم يتدارك كل واحد مسؤوليته
التساقطات الأخيرة تهدد بتدمير عدة تجهيزات خاصة تلك المتعلقة بالطرق والقناطر، ومنها القنطرة الواقعة على وادي ويسلان والرابطة بين مدينتي مكناس وفاس على الطريق الوطنية إذ أن التساقطات الكبيرة التي شهدتها المنطقة وارتفاع صبيب النهر عمق الحالة الكارثية التي تعرفها القنطرة، وسيزداد الوضع سوءا إذا ما استمر سوء الأحوال الجوية .وفي جماعة أنركي بإقليم أزيلال بات المحور الطرقي الرئيسي الرابط بين "تاكلفت" " وأنركي" مقطوعا حيث كانت وزارة التجهيز والنقل قد رصدت له ما يناهز 7 ملايير سنتيم وانطلق العمل في أحد محاوره لكن رداءة أحوال الطقس أوقفت الأشغال، كما اختفت معالم الطريق الثانية الرابطة بين أنركي وتلكيت بعد أن جرفتها مياه "أسيف أملول" التي غمرت المنطقة وحالت دون تنقل السكان لقضاء مآربهم. والسبب في وقوع مثل هذه الكوارث يقول مسؤول في إحدى المجالس البلدية رفض ذكر اسمه هوهشاشة البنيات التحتية الأساسية، وعدم ملاءمتها للمعايير التقنية، إذ تعرضت مناطق واسعة لفيضانات جارفة ، بالإضافة إلى خسائر مادية. وهو ما يؤكد حسب نفس المصدر "وجود مجموعة من الخروقات والتلاعبات التي مست المال العام المخصص لبعض الأوراش، التي انتهت أشغال جلها، لكن التساقطات المطرية الأخيرة، كانت كفيلة بتعرية حقيقة تدبير الشأن المحلي بالمدن المنكوبة والشأن الوطني والذي تتحمل مسؤوليته وزارة التجهيز والنقل".
تهالك البنيات التحتية مسؤولية من؟
ما وقع في عدد من المدن المغربية خلال الأسبوع الماضي وحالة الاستنفار القصوى التي خلفها أعاد للأذهان أحداث الفيضانات التي خلفتها التساقطات خلال نهاية سنة 2008 والتي أبانت عن خلل كبير هي الأخرى في البنيات التحتية بمختلف أنواعها . وبالرجوع إلى سيناريو الأحداث ففي مدينة الحسيمة، تسببت الأمطار العاصفية والغزيرة في خسائر مادية مهمة، وحسب تقرير أعدته ولاية الجهة آنذاك، فإن الأمطار أدت إلى إتلاف بعض الأراضي الفلاحية، وانهيار عدد من القناطر، خاصة قنطرتي وادي النكور، وتازولاخت، على الطريق الوطنية رقم 2، الرابطة بين قسيطة والحسيمة، وكذا انهيار جزء من الطريق الرابطة بين الحسيمة وإمزورن، فضلا عن انجراف التربة بأربعاء تاوريرت، وشقران. كما تضررت ٍِ قنطرة (حد جبارنة) ،و قنطرة صغيرة تربط دائرة أكنول بجماعة بويسلي، كل هذه الأحداث تجعنا نتساءل عن دور الجماعات المحلية ووزارة التجهيز والنقل؟. ففي نفس السياق وجهت عقب تلك الفيضانات مجموعة من الهيئات الوطنية انتقادات حادة للمسؤولين في الوزارة الوصية حيث اعتبرت الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب في تصريح لرئيسها محمد طارق السباعي ل" مغرب اليوم" "أن السبب الرئيسي لوقوع العديد من انهيارات الطرق والقناطر والسكك الحديدية وأرصفة الموانئ كما حدث مؤخرا بميناء في طور البناء بالقصر الصغير يعود بالأساس إلى السياسة التي اتخذتها وزارة التجهيز والنقل بخفض الميزانيات المخصصة لصيانة الطرق والقناطر والموانئ والسكك الحديدية الخ وتحويلها لإنجاز مشاريع جديدة" وكرد فعل على ذلك كانت "الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب" قد طالبت من خلال رسالة مفتوحة وجهتها بتاريخ 27/04/2008 إلى وزير العدل، بفتح تحقيق حول ما وصفته الهيئة إهدارا للمال العام. حيث نبهت الرسالة إلى حوادث انهيار العديد من البنيات التحتية للطرق والقناطر قبل وعقب الفيضانات السابقة، بعضها لا يزال في طور الإنجاز مثل الانهيار المتتالي لأجزاء من القنطرة الموجودة بوادي أم الربيع على الطريق السيار سطات-مراكش، وانجراف التربة بالطريق السيار تطوان-المضيق بعد أقل من 6 أشهر على تدشينه، وانهيار القنطرة الموجودة بالطريق الرئيسية تازة-فاس، وتوقف قنطرة افندانوس بأيت السيمور عن الاستعمال ، إضافة إلى تصدع خطير بالقنطرة الموجودة بالطريق الرئيسية طنجة-تطوان، وانهيار جزء من الحاجز الرئيسي لميناء الجرف الأصفر، وانهيار رصيف تجاري بميناء العرائش
وأرجعت الرسالة المسؤولية في ما يقع إلى اتخاذ قرارا بتقليص مدة إنجاز الطرق السيارة دون احترام المدة التقنية التي تحددها وتفرضها الدراسات اعتمادا على المعطيات التقنية المرتبطة بالإكراهات الطبيعية ونوعية الموارد والتربة، وهو ما يؤدي إلى الانجراف والانهيار قبل الأوان للبنيات التحتية، وانخفاض قارعة الطريق، وانزلاق التربة كما وقع في الطريق السيار تطوان-المضيق.
وزارة التجهيز والنقل تنفي مسؤوليتها عما وقع
وفي رده على ما جاء في الرسالة، كان وزير التجهيز كريم غلاب قد أكد أن هذه «الاتهامات تبقى مجانية ومجانبة للصواب»، حيث نفى وزير التجهيز وجود أي تسرع في إنجاز الأشغال على حساب المواصفات التقنية وشروط السلامة، وأرجع انزلاق التربة بالطريق السيار تطوان-المضيق إلى «طبيعة المنطقة المعروفة بهذه الظاهرة، مؤكدا على أن المعالجة النهائية للمشكل تستلزم اللجوء إلى القناطر عوض تثبيت التربة مما يكلف أموالا باهظة»، وجدد التأكيد على أن الوزارة تحرص في أدائها على المال العام. من جهة أخرى، وربما ما يؤكد تصريحات كريم غلاب بعض الإجراءات التي تم اتخاذها إبان الفيضانات السابقة، حيث صرح المدير الإقليمي للتجهيز بإقليم تازة لوكالة المغرب العربي للأنباء، "أنه تم بناء قنطرة مؤقتة موازية لقنطرة (سبت بوقلال) على الطريق الجهوية الرابطة بين إقليمي تازة وقاسيطة التي انهارت مؤخرا، مشيرا إلى أنه سيتم إعادة بناء هذه القنطرة عند انتهاء الدراسات التقنية" مضيفا أنه" تم أيضا إصلاح قنطرة (حد جبارنة) التي تضررت هي الأخرى بسبب الفيضانات، وذلك في انتظار إعادة بنائها في السنة القادمة،كما تم إصلاح قنطرة صغيرة تربط دائرة أكنول بجماعة بويسلي، بالإضافة إلى إصلاح الحواجز الوقائية بجنبات الطريق".
حتى وإن كانت الوزارة الوصية قد تداركت الوضع عقب هذه الفيضانات فإن ذلك لا ينفي مسؤوليتها عن ما وقع يقول مسؤول بوزارة التجهيز والنقل الذي أرجع الأمر إلى غياب الصيانة، وما وقع الأسبوع الماضي يؤكد ذلك ويعيد الاتهامات التي حملتها الهيئة الوطنية لحماية المال العام بالمغرب للوزارة حيث نفت هاته الأخيرة في اتصال هاتفي على لسان مسؤولة في ديوان الوزير كريم غلاب مصداقية ما تدعيه هذه الهيئة التي اعتبرتها غير مؤهلة لرفع تقارير لوزارة العدل كونها تبني معطياتها على رسائل مجهولة وليس على معطيات ملموسة وبالتالي " فنحن لا نعترف بهذه الرسائل المجهولة " مضيفة "أن الوزارة أعدت تقريرا عقب تلك الفيضانات أكدت من خلاله أن تلك الطرق والقناطر التي انهارت كانت قديمة وكان من المتوقع أن تتم إعادة بنائها".
مسؤولية ما وقع وما يقع تتحمله أيضا الجماعات المحلية بما فيها مديريات البناء والبلديات ومصالح الدوائر و الولايات والمكلفة بمراقبة توسع البناء و إقامة أحياء في مناطق خطرة. حيث تعاني المدن الصغيرة والقرى التي اجتاحتها مياه الأمطار من هشاشة وضعف البنية التحتية، نتيجة الفوضى والعشوائية في البناء ونقص التجهيزات وغياب التخطيط، ما يجعلها مهددة من طرف كابوس الفيضانات في أي لحظة. وفي نفس السياق أفادت رسالة توصلت بها "مغرب اليوم" من طرف المنسق الوطني للهيئة الوطنية لحماية المال العام محمد المسكاوي أن "ما خلفته هاته الأمطار الأخيرة من فضح للبنايات التحتية يؤكد مرة أخرى أنه نتيجة لسياسة عدم المراقبة والاستهتار بالمال العام الذي مورس منذ سنوات كما أن فساد بعض البنايات التحتية هو أيضا نتيجة لسوء التدبير وعدم احترام القانون وهو ما ميز سنوات الرصاص الاقتصادي سابقا" ويضيف المسكاوي.
"لا بد من الحديث على أن المسؤولية في هذه الفضائح على مستوى الطرق وبعض القناطر تتحملها الجماعات المحلية والتي تندرج ضمن اختصاصاتها، والحكومة في شخص وزارة التجهيز، وهنا نحن نطالب بفتح تحقيق عاجل ونزيه لتحديد أسباب هاته الخسائر عبر الإجابة عن مدى احترام المقاولات التي أشرفت على إنجاز تلك البنيات للقانون وعن المبالغ المالية التي صرفت".
فإلى متى ستظل طرقنا وقناطرنا وبنياتنا التحتية على شفى حفرة عقب أي تساقطات مطرية؟.


السبت، 31 يناير 2009

وداعا غوانتانامو..


بعد يوم واحد من توقيعه على قرار يقضي بتجميد محاكمات المتهمين بالإرهاب في المحكمة الخاصة في غوانتانامو أمر الرئيس الأميركي باراك أوباما بإغلاق معتقل غوانتانامو في مدة أقصاها عام، ووضع حد للأساليب المثيرة للجدل التي تستخدمها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في التحقيق مع المعتقلين.
توقيع أوباما على القرارين في اليوم الثاني لتسلمه المنصب،اعتبره البعض بداية لتحقيق وعوده التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، وخطوة تسجل له على اعتبار السمعة السيئة التي يحملها هذا المعتقل والذي لطالما كان يتلقى انتقادات من قبل المنظمات الدولية لحقوق الإنسان، فيما اعتبره البعض الآخر النقطة التي كانت تشكل وصمة عار في جبين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش.
ومن شأن هذه الخطوة حسب عبد الفتاع عودة أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء أن تؤدي إلى تحقيق الانفراج في مجال التعامل مع المعتقلين على الصعيد الدولي، وسيكون له تداعيات مهمة في كيفية التعامل مع معتقلي الجماعات الإرهابية، من خلال احترام حقوق هؤلاء المعتقلين وضمان الدفاع عن أنفسهم وفق المساطر القانونية المعمول بها في العالم، وبالتالي تمكينهم من المحاكمة العادلة.
وإذا كان قرار إغلاق معتقل غوانتانامو لقي ترحيبا دوليا خاصة من طرف بعض الدول فإن أهم المصاعب التي تواجه إغلاقه، مصير المعتقلين فيه، وقد أبدت كل من سويسرا والبرتغال استعدادهما لاستقبال مساجين، إن كان ذلك سيسرع إغلاق المعتقل، بينما شكلت اليمن الاستثناء العربي الوحيد وأعلنت عن بدأ اتخاذ الخطوات العملية لإنشاء مركز تأهيل واستقبال خاص بالمعتقلين اليمنيين في غوانتانامو بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية..
السؤال المطروح الآن، ماهو مصير المعتقلين المغاربة في غوانتانامو والبالغ عددهم ثلاثة سجناء بعد أن تسلم المغرب عشرة منهم، في حين تسلمت بلدان مختلفة خمسة مغاربة آخرين يحملون جنسياتها؟
الأستاذ محمد الغالي المتخصص في الشؤون السياسية المغربية، يعتبر أن الخطاب الرسمي المغربي لم يعط أهمية للمعتقلين المغاربة في غوانتانامو ولم يضغط في اتجاه إطلاق سراحهم أو استقبالهم بعد إغلاق المعتقل، فالحكومة يجب أن تكون مسؤولة عن مواطنيها في حالة السراء والضراء،فهذا الصمت المغربي يضيف محمد الغالي" ليس بالجديد، لذا يجب التعامل مع هؤلاء المعتقلين كباقي المتهمين مع ضرورة تمتيعهم بالمحاكمة العادلة".
في المقابل يرى الدكتور عبد الفتاح عودة أنه من المحتمل أن يكون هناك تنسيق بين السلطات المغربية ونظيرتها الأمريكية من أجل تسليم المعتقلين المغاربة على اعتبار أن القضاء المغربي كان
قد برأ ساحة جميع المرحلين من غوانتانامو في السابق من التهم التي نسبت إليهم، وهي الانضمام إلى جماعة إرهابية، وتكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أعمال إرهابية بالمغرب
فيما أعيد اعتقال اثنين منهم، وإدانتهم على خلفية الاتصال بخلايا إرهابية أخرى تم تفكيكها مؤخرا بعدد من المدن المغربية.
عودة المعتقلين المغاربة المحتملة تراها المنظمات الحقوقية بالمغرب نوعا من رد الاعتبار بعد العذاب الذي ذاقوه في غياهيب المعتقل والذي من المفترض أن يشفع لهم وأن تتعامل معهم السلطات المغربية تعاملا يضمن كرامتهم التي انتهكت من قبل حراس غوانتانامو،فحتى لو كانوا في نظر التاريخ متهمين فقد أدوا ثمن جرمهم ما يكفي، وذاقوا جميع أشكال التعذيب مثل الضرب واللجوء إلى الصدمات الكهربائية والإيهام بالغرق.
انتهى إذن كابوس معتقل غوانتانامو والذي سيدخل التاريخ بعد تطبيق قرار اوباما في غضون سنة، فمتى سيأتي الدور على باقي المعتقلات الأمريكية وعلى رأسها معتقل "باغرام" المتواجد بأفغانستان.

الخميس، 22 يناير 2009

شركات الحراسة الخاصة بين دفتي عشوائية القطاع وصدور القانون التنظيمي


مباشرة بعد أحداث "16 ماي " الإرهابية التي شهدتها مدينة الدار البيضاء سنة 2003 ، عرف المغرب تناميا ملحوظا لشركات الحراسة الخاصة التي فتحت أبوابها في جل المدن المغربية الكبرى للملكة، توجه يتماشى والمقاربة الأمنية التي طرحتها وزارة الداخلية منذ أحداث 11 سبتمبر 2001 والتي تهدف إلى التصدي لأي تهديد بالأمن العام للبلاد وتأمين سلامة الواطنين ، خاصة في بلد أجمعت كل التقارير، الاستخباراتية منها والصحفية، بأنه يوجد على رأس البلدان المستهدفة من طرف الجماعات الإرهابية .
انتشرت هذه الشركات بصورة سريعة لدرجة تغيرت معها معالم البنايات وأروقة الشركات والمؤسسات’ بعد أن تهافتت عليها معظم المؤسسات الكبرى الخاصة منها والعمومية ، لدرجة أصبح عددها يصل بل يفوق المائة من المؤسسات والمقاولات الصغيرة منها والكبرى التي استمرت في هذا النشاط الذي يجمع بين الحراسة الشخصية وداخل المؤسسات الإدارية , ونقل الأموال والنظافة والصيانة و ما يسمى با"الأنتيريم" أي تعويض العاملين والموظفين الغائبين عن وظائفهم لمرض أو سبب من الأسباب.
ومع تزايد هذا الكم الهائل من الشركات ، ما أكثر التساؤلات التي باتا تطرح حول تنظيم هذه الشركات وطرق عملها والمشاكل التي يعاني ويشتكي منها الكثير من العاملين في هذا القطاع الجديد ، من ضعف للتأطير وتكوين العنصر البشري الملائم في ظل غياب الإمكانيات المادية واللوجيستيكية المطلوبة للقيام بهذه المهام على الوجه الأكمل في انتظار صدور النص التطبيقي للقانون الخاص بأعمال تتطلب حمل السلاح والحراسة ونقل الأموال.
شباب من الجامعة إلى الحراسة الخاصة
بزي شبيه بذلك الذي تستعمله قوات التدخل السريع أو رجال المطافئ , كسوة بسروال ومعطف أزرق أو بذلة فاخرة سوداء أو زرقاء , يقف مجموعة من الشباب على أبواب المداخل الكبرى لمجموعة من المؤسسات الخاصة منها والعمومية , رجال "السيكوريتي" كما يسميهم الناس , الإسم المتعارف عليه والذي يطلقونه على رجال الحراسة وجلهم شباب منهم بعض حاملي الشهادات الجامعية الذين لم يجدوا بدا من قبول شغل كهذا وفي ظروف لا توف في أغلبها لأدنى شروط العمل التي يخولها القانون.
.يقول الحارس أحمد، 33 سنة، وهو يصف استغلال هذه الشركات لعاملين يتوفرون على شهادات عليا والذين داستهم عجلات البطالة"أنا حامل لشهادة الإجازة في الحقوق ، قمت بعدة محاولات لإيجاد فرصة عمل مناسبة لمستواي الجامعي.
وبما أنني متزوج وأب لثلاثة أطفال
فقد اضطررت إلى اللجوء للعمل
في مثل هذه الشركة الخاصة بالحراسة"
وأحمد هذا ليس إلا واحد من ضمن آلاف السباب حاملي الشهادات ، الجامعية أو أدنى منها الذين يعملون في هذه الشركات . على خلاف الحارس علي ، زميله في المهنة والذي يرى في عمله كحارس أمن خاص عملا يتناسب مع قدراته البدنية والجسمانية عوض كفاءته الدراسية.يقول على :" أنا لم أتجاوز في دراستي
مستوى السادسة ابتدائي وحصولي على عمل كهذا أمر جيد جدا أحمد الله كثيرا عليه".
الشركات العالمية للحراسة تستقر بالمغرب
بمجرد ما تطأ قدماك إحدى المؤسسات أو الأسواق التجارية والشركات ومختلف أنواع الوكالات ، تجد طاقما من الحراس التابعين لإحدى الشركات الخاصة والتي غالبا ما تتخذ من المدن الأساسية الكبرى مقرا لها كالدار البيضاء والرباط. ويمكن القول أن ظهورها قد ارتبط إلى حد بعيد بالأجداث الإرهابية التي شهدها مركز التجارة العالمي بنيويورك في الحدي عشر من سبتمبر 2001 بكل سلبياتها وانعكاساتها المباشرة على الجانب الأمني بالمغرب.ففي كل المطارات والمحطات الطرقية والسككية ، وفي كل الفنادق والمطاعم والملاهي
والعمارات الكبرى وحتى في الملاعب والمسارح ودور السينما أصبحت الحراسة طابعا يميز مغرب العهد الجديد وممرا ضروريا لولوج هذه المرافق, في ظل هذه الأجواء المشحونة بهاجس الإرهاب
، أخذت هذه الشركات على عاتقها مسؤولية توفير الأمن الخاص والقيام بكل أعمال الحراسة,
والغريب في الأمر ، حسب أحمد أوعشي صاحب شركة" سيكوبروتيكت "
Secuprotect
للحراسة ، أن "جل هذه الشركات التي يفوق عددها المائة ، غيرت نشاطها مباشرة بعد هذه الأحداث من النظافة والصيانة لتضيف غليها الحراسة الشخصية ونقل الأموال " وهو ما انعكس سلبا حسب رأيه على هذا القطاع الفتي وعلى جودة المشروع والخدمات المقدمة ,فلم يعد هناك تنافس بين هذه الشركات لتقديم خدمات في المستوى بقدر نما أصبح انشغالاتها تتركز على الحصول على أكبر قدر ممكن من الزبناء".
من بين الشركات الكبرى التي أضافت عنصر الحراسة الخاصة إلى مجال عملها تجد أيضا شركة عالمية تتمثل في مجموعة
G4S
المعروفة أيضا باسم "كروب 4 " وهي أكبر شركة عالمية في مجال الأمن الخاص, أسست فرعا لها بالمغرب سنة 1995.
G4S
تعتبر الشركة الوحيدة في هذا المجال الأكثر انتشارا في العالم و الأسرع انتقالا لكنها تقدم خدمات لا تتطلب بنيا تحتية ثقيلة مما يساعدها على سرعة الانتشار والانتقال من بلد لآخر ومن مجال لآخر.نقل الأموال والبضائع الثمينة، الحراسة الفردية والجماعية ، المراقبة الإلكترونية ، هذا التحول السريع وتعدد
الخدمات سيمكن هذه الشركة من تشغيل حوالي نصف ملبون عامل في 104 دولة عبر العالم موزعة في كل من أمريكا الشمالية و أوروبا والشرق الأوسط ومنطقة آسيا والمحيط الهادي و أمريكا اللاتينية وإفريقيا و على رأسها المغرب.
إلى جانب مؤسسة
G4S
نجد أيضا منافسها الأول عالميا وهو شركة برينكس
BRINKS’
المتخصصة أساسا في نقل الأموال وذلك
منذ دخولها للمغرب سنة 1999.لتوسع هي الأخرى نطاق عملها ليشمل نقل الأموال والحراسة الخاصة بالأشخاص والمؤسسات والآليات. وتشغل برينكس BRINKS’
G4S إلى حدود سنة 2007 أزيد من 1500 عامل وعاملة.
ولعل ما يميز شركتا
G4S
و
BRINKS’
كونهما شركات تتمتع ببعد عالمي الشيء الذي سيمكنهما من كسب اكبر قدر من الزبناء بالمغرب ، الأمر الذي يفسره بعض محترفي هذا القطاع " لكوننا في المغرب ننظر دائما إلى الأجنبي بنظرة أكثر ثقة من نظيره المغربي
", فهناك حسب رأيه الكثير من الشركات المغربية التي تتميز بخدماتها على غرار الشركات الأجنبية الكبرى , لكن هذا المعطى لا ينفي وجود خبرة وحنكة
دولية مشهود لها في عمل هذه الشركات الكبرى في مجالات تخصصها وهي الخبرة التي كان من الجدر على الشركات المغربية
العاملة في هذا الميدان أن تستفيد منها." على حد قوله.

أحمد أوعشي من الأمن الوطني إلى شركات الأمن الخاصة
في إحدى البنايات
المتواجدة بشارع الجيش الملكي بالدارالبيضاء يقع مقر شركة سيكويروتكت
Secuprotect
المتخصصة في أعمال الحراسة والتي تعد من بين الشركات المغربية الحديثة العهد والتي تعمل أساسا في أربعة محاور هي الحراسة الخاصة والحراسة في الإدارات والتي أسسها ضابط الأمن السابق الكوميسير أحمد أوعشي سنة é003 , هذا الضابط التي قرر بعد خروجه من السجن بعد تورطه في قضية الكومسير ثابث ،
أن يترجم تجربة الطويلة في المحال الأمني و أن يوظفها في هذا المجال الذي لا تخفى حساسيته على أحد.
4à سنة من التجربة في المجال الأمني مكنت أحمد أوعشي من ترجمتها على أرض الواقع عبر هذه الشركة التي تشغل خاليا أزيد من 400 شخص وفي مدن مغربية
غ مختلفة من بينها الدار البيضاء وطنجة والعرائش وسلا والجديدة والقنيطرة والرباط 98 في المائة منهم يعملون في مجال الحراسة الشخصية وفي أشغال الحراسة باستعمال آليات المراقبة وعلى رأسها الكاميرات.
أحمد أوعشي قال ل"مغرب اليوم" أن "العمل في هذا المجال يتطلب خبرة عالية في مجال الأمن و أن تجربته السبقة في إدارة الأمن الوطني قد
أهلته لخوض مثل هذه التجربة.
أمثال
أحمد أوعشي كثيرون ممن استغلوا خبرتهم سواء في الأمن الوطني أو الدرك الملكي أو الجيش أو القوات المساعدة فترجموها بعد تقاعدهم أو مغادرتهم لعملهم
بتأسيس شركات للحراسة . يقول الحارس مصطفى 38 سنة ، العامل بشركة
G4S
والذي راكم تجربة مهنية فاقت العشر سنوات
" أعرف العديد من أولئك الذين
اشتغلوا في مجال الحراسة الخاصة واستفادوا من تجاربهم السابقة وخاصة منهم أفراد القوات المساعدة بعد أن بدؤا مشوارهم كحراس أمن صغار ".
وفي مقابل أصحاب الخبرة ، نجد الكثير من " أصحاب الشكارة" كما وصفهم صاحب إحدى شركات الحراسة الذي فضل عدم ذكر إسمه ،فهؤلاء اقتحموا هذا الميدان من النافذة ليشكلوا منافسة غير مشروعة قانونيا لباقي الشركات عن طريق تقديم خدماتها بأثمان رخيصة
تعكس في آن واحد رداءة المنتوج وخدمات تفتقر جلها لأبسط الآليات المادية واللوجيستيكية وخاصة في هذه المرحلة التي تعرف فيها ممارسة هذه المهنة
فراغا قانونيا كبيرا من جراء غياب نص تنظيمي لتطبيق القاون الخاص بأعمال الحراسة ونقل الأموال الصادر في 6 دجنبر 2007.
الأمن الخاص ملاذ لقطاعات متعددة
لقد شهد قطاع الحراسة الخاصة بالغرب إقبالا كبيرا من طرف المؤسسات الاقتصادية والشركات والمجمعات السكنية والمحلات التجارية الكبرى ، بل وحتى بعض المؤسسات الأجنبية من مراكز ثقافية وسفارات وقنصليات تهتم كل
يوم أكثر بتأمين مواقعها وحراستها.فبمجرد دخولك مثلا لأحد الأسواق التجارية مثل "مرجان" و"أسيما" و "أسواق السلام" و"لابيل في" وغيرها حتي يتراءى لك العديد من الشباب موزعين بالقرب من محطات الأداء وهم بهندام محترم يوحي باللباقة
وحسن المعاملة. ثم هناك مؤسسات تتعامل مع شركات الحارسة الخاصة تشترط مسبقا أن يكون حارس الأمن الخاص متوفرا على العديد من الخصال منها مستوى ثقافي جيد و أن يتقن ثلاث لغات على الأقل حتى يتمكن من التعامل والتواصل مع موظفي الإدارة بسهولة.
وهناك أيضا شركات تشترط أن يكزن ذو لياقة بدنية وجسمانية جيدة و أن يكون حسن المظهر كما يؤكد كمال الموظف بإحدى المراكز الثقافية التابعة لسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالرباط.

الاشتغال وضعف المنتوج

رغم استعمالها للعنصر البشري بشكل كبير ومكثف ، فإن المنتوج يظل غير مقنع بالنسبة للكثير من الخبراء في هذا الميدان . فبالنسبة للشركات التي تعمل في مجال نقل الأموال ، تعتمد في آلياتها على معدات أكثر تطورا وفعالية مثل أجهزة الرصد المغناطيسي وكذا كاميرات المراقبة بالنسبة للشركات المكلفة بحراسة الأبناك والعديد من الؤسسات التجارية والاسواق والمساحات الكبرى . وهناك أيضا أجهزة كشف المتفجرات بالنسبة للفنادق وهناك حراس الأمن الذين يستعملون الكلاب كاداة مساعدة للحراسة الخاصة . بالنسبة لهؤلاء الذين يشتغلون بالمصانع الكبرى في الفترة الليلية . لكن بالرغم كل الإجراءات تبقى فعالية المنتوج جد محدودة بالنظر لخطورة الهام الموكولة غليهم ، خاصة حراس نقل الأموال.
ذلك أن أغلب شركات الحراسة لا توفر أي تدريب أو تأطير يذكر قبل مباشرتهم لعملهم إلا في بعض الحالات الاستثنائية والسبب قد يرجع ربما إلى رغبة هذه الشركات فغي توفير مزيد من التكاليف

قانون حمل السلاح واستحالة تطبيقه
في خطوة لتنظيم مجال اشتغال هذه الشركات ومنحها فرصة للعمل والقيام بمهامها بصورة ناجعة ، دخل قانون جديد حيز التنفيذ في دجنبر 2007 يسمح لحراس الأمن ومزظفيس شركات نقل الأموال بحمل السلاح. الأمر يتعلق بالقانون رقم 27.06 المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الأموال والذي هو في الواقع تجديد لظهير قديم يعود تار
يخه إلى سنة 1941 وهو الذي كان قد وضع قيودا على حمل الأسلحة والذخيرة ومسكها وتخزينها من قبل رجال الأمن وممثلي القانون والنظام.القانون يطبق بعد في لنتظار صدور النص التنظيمي والمرتقب حسب مصادر "مغرب اليوم"خلال سنة 2009 .لكن أرباب شركات الحراسة ونقل الأموال يستبعدون فكرة تطبيقه ميدانيا حيث أنه من المنتظر أن يتعاملوا معه بكثير من التحفظ, مدير شركة "سيكوبروتكت" أحمد أوعشي ذو الخبرة الطويلة في الأمن الوطني قال في هذا الصدد إن الصعوبة الحقيقية تتمثل في تطبيق القانون فالأمر ليس بالهين يضيف أوعشي "إذ يتطلب استثمارات كبيرة متمثلة في الدعم اللوجستيكي والأسلحة وتدريب الموظفين على حمل السلاح واستخدامه كما أن وزارة الداخلية ستكون مطالبة بتوفير التدريبات اللازمة بالمعهد الملكي للشرطة".
خروج القانون إلى حيز التطبيق مصادر من وزارة الداخلية قد يبب عدة مشاكل خاصة تلك التعلقة بالتراخي في حراسة المصارف, وبعض شركات الأموال التي لم تقم بواجبها رغم التحذيرات الكثيرة التي قدمها كبار مسؤولي الأمن.كما أن الأمر قد يؤدي إلى تكوين عصابات منظمة يقوم بالسطو على حراس الأمن من حاملي الأسلحة, أو أن يتحول حراس الامن أنفسهم إلى عصابات إجرامية كما حدث منذ سنتين مضت بسيدي عثمان بمدينة الدار البيضاء حيث تعرضت مؤسسة ينكية للسرقة من طرف حارس خاص رفقة إخيه, قبل أن يتم إلقاء القبض عليهما معا.
تطبيق القانون سيتطلب أيضا تكاليف كبيرة بالنسبة لشركات الحراسة الخاصة, وستكون مجبرة على توفير تداريب مهنية للغاملين لديها, فإذا كانت لا تقوم بمنحهم أي فترة تدريبية الآن ربحا للتكاليف فكيف سيكةن الحال مع تطبيق القانون في شقه المتعلق بحمل السلاح؟
إلا أن القانون المتعلق بأعمال الحراسة ونقل الاموال في مجمله سيجعل هذه الشركات ملزمة بوضع جملة من الشروط الجديدة للتشغيل, فلن يكون بإمكانها توظيف أي شخص كحارس أمن,لأن المادة الخامسة من القانونتنص على "أنه لا يجوز توظيف أشخاص اللذين تلقوا إدانة أو حكما جنائيا" وبين مطرقة تنفيذ القانو الجديد رقم 27-06 وسندان خروج النص التنظيمي تبقى شركات الحراسة الخاصة مجبرة على تغيير طرق إشتغالها استعدادا لعملية الغربلة فالبقاء سيكون ليس للأقوى بلللأكثر تنظيما وفعالية.