الثلاثاء، 25 نوفمبر 2008

العنف ضد النساء جحيم يطارد المرأة ويهدد استقرار المجتمع


تعتبر ظاهرة العنف ضد المرأة من المظاهر الهمجية والجاهلية الحاكمة في العصور الغابرة و التي هي عالقة ومترسخة في النفس البشرية. العنف ضد النساء لا يختص بفئة معينة أو ثقافة خاصة أو جنس محدد، وإنما يشمل كافة الثقافات والدول المتقدمة منها أو ما تسمى بالدول النامية أو دول العالم الثالث
ويعتبر اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد النساء الذي يصادف يوم 25 نونبر من كل سنة محطة سنوية لتقييم حجم هذه الظاهرة وخطورتها على المجتمع
في المغرب الإحصائيات تشير إلى الارتفاع المتزايد لأعداد النساء ضحايا العنف بمختلف أشكاله. إذ بلغت نسبة الاعتداءات الجسدية عليهن نحو 22% من قضايا العنف الحاصلة بالمغرب بشكل عام خلال سنة 2007 . ولتقريب القارئ من وضعية النساء المعنفات زرنا مركز نجدة للنساء ضحايا العنف بالرباط والتقت ببعض الحالات عبرن كلهن بصوت واحد عن مدى معاناتهن النفسية والجسدية جراء العنف الممارس عليهن.

اغتصاب وحشي والمتهمان خارج القضبان
ليلى 23 سنة من مدينة تازة تعرضت في سن 18 إلى عملية اغتصاب من طرف شخصين الأول كان صديقها ، استغل صغر سنها وعدم تجربتها في الحياة وأوهمها بأنه سيتزوج بها اطمأنت ليلى لصراحته وسلمت له نفسها على طابق من ذهب وبعد أن اكتشفت أنها حامل في شهرها الثالث واجهته بالحقيقة وطلبت منه أن يتزوج بها في أسرع وقت حتى يصحح ما أفسده. " لقد استغل ثقتي العمياء فيه وأقنعني بأن أذهب معه للقيام بعملية إجهاض في مدينة فاس بعد ذلك سيسهل عليه طلبي للزواج، كنت مخيرة بين أمرين أحلاهما مر، إما القيام بعملية إجهاض والمخاطرة بحياتي ، وبين أن يفتضح أمري داخل أسرتي، فاستسلمت لرغبته" تحكي ليلى وعلامات الحزن بادية على محياها جعلتها تبدو وكأنها في سن أكبر من عمرها . لم تنتهي قصة ليلى بعد فبمجرد ما طلبت من صديقها الزواج بعد عملية الإجهاض تعلل لها بأنه ليس مستعدا الآن وأوهمها بأنه سيوفر لها فرصة السفر إلى الضفة الأخرى والعيش هناك وهو الحل الأنسب لها، اقتنعت بفكرته ضانة أنها الخلاص من جحيم العار " قلت لأسرتي أنني ذاهبة عند جدي للبادية وحملت بعض ملابسي وذهبت معه إلى منزل أحد أصدقائه في مكان بعيد عن المدينة، وقال لي حينها أنه سيتركني هناك حتى يحضر لي النقود اللازمة لسفري لإسبانيا وسيعود بعد يوم أو يومين" تضيف ليلى وهي تصف أسود أيام حياتها فاليوم أصبح أسبوع والأسبوع سار أزيد من 20 يوما وهي محتجزة في ذلك المنزل تنتظر مجيء صديقها ليخلصها من مخالب وحش آخر تركها عنده تقول ليلى " طيلة هذه المدة وأنا محتجزة عند صديقه الذي كان هو الآخر يمارس معي الجنس بالقوة ويضربني إن حاولت المقاومة كما كان يضع لي مادة مخدرة في الأكل حتى لا أقاوم اغتصابه الوحشي والمتكرر " استغلت ليلى فرصة ذهابه ذات صباح إلى المرحاض حيت نسي أن يكبلها فهربت وشقت طريقها بصعوبة إلى أن وصلت إلى منزلها.وبعد أن روت ما وقع لوالدها ذهبت رفقته إلى قسم الشرطة لتقديم شكاية ضد صديقها وصاحب المنزل اللذان اتهمتهما بالاغتصاب والاحتجاز والتعنيف.
بعد لجوء ليلى للقضاء لم تجد من يقف إلى جانبها بعد أن تخلت عنها أسرتها متهمة إياها بجلب العار للعائلة وطردتها من المنزل، أما المتهمين فلم يقتص منهما القضاء وحكم عليهما ابتدائيا بالبراءة مما نسب إليهما ليتم استئناف الحكم الذي استقر على بثلاث سنوات حبسا نافدا مع الغرامة في حق الشخص الذي احتجزها في منزله وبسنتين حبسا نافذا لصديق ليلى بتهمة المشاركة في الاحتجاز مع الغرامة، ولم يتم توجيه تهمة الاغتصاب لأي منهما.
منذ سنة 2004 إلى اليوم تقول ليلى لم يتم تنفيذ الحكم في حق المتهمين فهي تراهم صباح مساء يتمتعون بالحرية التامة من دون أن تعرف سبب عدم تنفيذ الحكم عليهما، ولم تجد من ينصفها ويثأر لها إلى أن استقر بها الحال بالرباط في إحدى مراكز النجدة للنساء ضحايا العنف.

الضرب والجرح بعد 16 سنة من الزواج
لم تكن فاطمة البالغة من العمر 34 سنة تظن يوما أن مسار 16 سنة من زواج أثمر عن 4 أبناء سيكون مآله الفشل والطريق المسدود، منذ زواجها ب (ك.م) البالغ من العمر 40 سنة كانت هي التي تتحمل جميع أعباء العائلة بما فيها مصاريف تربية ودراسة وتطبيب الأبناء الأربعة، فرغم اشتغال زوجها في النجارة كان دائما يتعلل بعدم مقدرته على التكفل باحتياجات العائلة، لتضطر إلى جعل راتبها من عملها في إحدى مصانع النسيج بسلا والذي لا يتجاوز 1800 درهم السلاح الوحيد في وجه تقلبات الزمن، "لقد وافقت أن أقتسم مع زوجي مشاكل الحياة الزوجية، ليجمعنا بيت متكون من غرفة واحدة ومطبخ وحمام بمنزل والديه نعيش فيه رفقة أبنائنا الستة منذ 16 سنة. لم أشتكي يوما من هذه الوضعية بقيت صابرة طوال هذه المدة إلى أن طفح الكيل" تحكي فاطمة وهي تبكي عن الوضعية التي آلت إليها بعد أن قررت ترك عملها ووضعت زوجها أمام الأمر الواقع مطالبة إياه بتحمل أعباء أسرة هو المسؤول الأول عن مصاريفها. لم يتقبل الزوج طلب فاطمة وقرر أن يتركها وأبنائها ويذهب إلى العيش مع أبويه وإخوته الذين يقطنون في نفس المنزل لمدة تفوق الشهر، من دون أن يسأل عن حاجيات أبنائه خاصة الإبن الأصغر الذي لازال رضيعا "تركني وأبنائي لا نملك قوت يوم واحد اضطررنا إلى طرق باب الجيران ليقدموا لنا قطعة خبز نسد بها رمقنا " تضيف فاطمة وعلامات الأسى لا تفارق محياها الذي بدت عليه أثار العنف الذي تعرضت إليه من طرف زوجها فبعد أن خيرته بين النفقة على أسرته أو أن يطلقها بدأ يضربها بعنف أمام أعين الأبناء وبمشاركة عائلة الزوج الذين وصفوها بالعاهرة وشككوا في بنوة زوجها لأبنائها الأربعة " لقد شجعوه على ضربي بل ضربوني هم أيضا واستغلوا بعدي عن أهلي وقصر يد أبي وأمي لأجد نفسي الآن مطالبة بتقديم طلب الطلاق للشقاق والنفقة حتى أتخلص من جحيم زوجي وظلم عائلته لي" كانت هذه آخر كلمة قالتها لنا فاطمة متمنية أن ينصفها القضاء.

العنف الجنسي بين الأزواج
حكاية هدى ليست كفاطمة أو ليلى اختلف سيناريو الأحداث رغم أن النتيجة كانت واحدة وهي العنف ولا شيء غيره، تحكي لنا هدى البالغة من العمر 28 سنة وتعمل كتاجرة عن قصتها مع زوج يعمل عسكري وقد تجاوز عقده الثالث بقليل، زواج هدى ب(ج.د) لم يكن متكافئا منذ البداية فهي حاصلة على الإجازة كما أن عملها في التجارة يدر عليها دخلا مهما أما الزوج فلم يتجاوز مستوى الابتدائي وبالتالي كان ذلك عائقا في خلق جو من التفاهم بينهما، "لقد أجبرت على الزواج به من طرف والدي فدفعت ثمن ذلك غاليا " تقول هدى والدمعة لا تفارقها وتضيف " فمند اليوم الأول لزواجنا اكتشفت وحشيته في ممارسة الجنس كان يجبرني على ذلك وبطريقة عنيفة يعجز لساني عن وصفها أقاوم تم أقاوم لكن في نهاية المطاف كنت أستسلم فهو أقوى مني جسمانيا. ذات يوم قام بوضع مخدر لي في الطعام حتى لا أقاومه رغم أنني كنت أحس بكل ما يفعله لكن قواي كانت لا تستطيع الوقوف في وجهه". لم تقف هدى مكتوفة الأيدي أمام ما يقع لها من عنف جنسي بشكل متكرر كلما كان يأتي زوجها من العمل ويمكث معها فقط أسبوع ليعود بعد ذلك إلى ثكنته بكرسيف. بل كانت تذهب في كل مرة يمارس عليها العنف بهذه الطريقة إلى الطبيب حتى تقيم الحجة عليه.إلى أنها رغم ذلك لم تستطع إخبار عائلتها بما يقع لها من طرف هذا الزوج فكانت تكتفي فقط بأن تطلب منهم أن تنفصل عنه لكن والدها كان يرفض وبشدة " حنا ما عندناش المرة اللّي كترجع مطلقة لدار باها " هذه هي العبارات التي كان يجيب بها والد هدى ابنته في كل مرة تشتكي له من زوجها من دون أن تذكر ما يمارس عليها خجلا وخوفا من رد فعلهم.
مرت أربع سنوات على زواج هدى، ولازال سلاحها الوحيد هو الصبر نظرا لأنها لا تتوفر على مسكن خاص وهي التي تعيل أسرتها مما اضطرها إلى كتمان معاناتها النفسية والجسدية مع زوج لا يكلف نفسه عناء السؤال عليها طيلة مدة غيابه، لكنه في المقابل يجعلها تعيش في جحيم خلال عودته إلى المنزل.

تزايد حالات العنف ضد النساء في غياب لقانون خاص يواجه الظاهرة

إذا كانت حكايات النساء المعنفات تظهر بشكل واضح واقع الحال فإن الأرقام الرسمية تؤكد هذا الواقع بل وتدق ناقوس الخطر للتعجيل بحلول أنجع للوقوف في وجه هذه الظاهرة. فحسب تقرير صادر عن"الرابطة الديمقراطية لحقوق المرأة" يمثل الاعتداء الجسدي على المرأة نسبة نحو 30% من قضايا العنف الحاصلة بالمغرب خلال سنة 2007. ويشمل هذا الصنف من العنف، وفق التقرير، الضرب والجرح والحرق ومحاولة القتل، والقتل، والتبول على المرأة، وتعريتها من اللباس ومنعها من النوم. وسجلت إحصائيات سابقة لوزارة العدل المغربية ارتفاعا كبيرا في قضايا الضرب والجرح المفضي إلى الموت، من دون نية إحداثه، إذ تجاوزت 290%. وارتفعت نسبة العنف الناتج عنه عجز مؤقت إلى 541%، ثم الضرب والجرح المفضي إلى عاهة مستديمة بنسبة 242%.
وجاء في تقرير الجمعية النسائية المغربية أن العنف من طرف الزوج أو الخطيب أو "الصديق" أو الطليق يمثل أكثر من 92% من حالات العنف ضد النساء، معظمها من قبل الزوج، فيما تعود نسبة المعتدين الباقين إلى المدير أو الجار أو حالات مشابهة.
وفي تقرير نشرته إحدى الصحف الوطنية. جاء فيه أن المرأة المغربية برغم التطورات الواضحة التي حصلت في المجتمع ما تزال الضحية رقم واحد بسبب العنف عليها، وأشار التقرير إلى أن أكبر أسباب العنف هو الفقر والأمية خاصة في المناطق القروية المعزولة عن المدينة، مما يعني أن الضحية نفسها تجهل أن القانون يقف إلى جانبها إن هي بلغت على الجاني، إلا أن الموروث الثقافي ـ كما يضيف التقرير ـ يجعل المرأة في خوف دائم حتى لو دافعت عن نفسها تظل خائفة من ردة الفعل
وبالرغم من أن العنف المبني على النوع الاجتماعي يطال النساء والفتيات من كل الأعمار والفئات الاجتماعية والوضع الاقتصادي، ويتم في كل الفضاءات الخاصة والعامي، فإن النساء الفقيرات والأميات ما بين14 و68 سنة هن الأكثر تضررا من كل أشكال العنف حسب تقرير لاتحاد العمل النسائي، ويشمل العنف الزوجي والاقتصادي والمتمثل في النفقة وإهمال الأسرة والذي يأتي في صدارة أنواع العنف ضد الزوجات بنسبة 37 في المائة، مما يطرح باستعجال إخراج الصندوق الوطني للنفقة حسب نفس التقرير.
ويعتبر الدكتور أنس الوالي الأخصائي النفسي إن ضرب الزوج لزوجته وتعنيفها لدرجة إيذائها جسديا أو قتلها، عائد إلى عدم وعي الزوج بدوره بداخل بيته ووسط عائلته، وأيضا إلى التأويل الخاطئ لضرب الزوجة في الإسلام. مضيفا إلى أن العامل الذي يمكن اعتباره أساسي أيضا هو تعاطي الأزواج للمخدرات حيث أن أغلب حالات قتل الزوجة أو الضرب المفضي إلى الموت يكون وراءها التخدير أو الخمر. هذا بالإضافة، إلى حالة الهيجان والغضب العنيف الذي يصيب عدد من الرجال، وأيضا الأمراض النفسية المنتشرة، حيث يعاني 14 مليون مغربي من أمراض نفسية معينة، من بينهم 8 ملايين يعانون من الاكتئاب، مضيفا أن الزوج المصاب مثلا بداء "الرهاب الاجتماعي" يغلب عليه ميول حادة لتعاطي الخمر، وحين يتجاوز "الحدود" ينقلب سلوكه إلى عنف.
وبين مطرقة الظروف النفسية والاجتماعية للمرأة المعنفة، وسندان عدم الوعي لدى الأزواج بخطورة هذه الظاهرة على كيان الأسرة تطالب الجمعيات النسائية بحق النساء المُعنفات في ضمان المساعدة الاجتماعية، وأن تتحمل الدولة مسؤوليتها إزاءهن وأطفالهن في العلاج الصحي والنفسي، فضلا عن إصدار قانون للمساعدة الاجتماعية وتوفير مراكز إيواء حكومية لهن ولأطفالهن عند الحاجة






الاثنين، 24 نوفمبر 2008

ارتفاع عدد قضايا الطلاق في المغرب




بعد مرور خمس سنوات على تطبيق مدونة الأسرة لازالت الأرقام تفرز كل يوم معطيات جديدة حول مدى فعالية تطبيق هذه المدونة خاصة في الشق المتعلق بالطلاق، حيث كشفت الإحصائيات الصادرة عن وزارة العدل في انتظار إحصائيات سنة 2008 ، ارتفاع قضايا الطلاق في المغرب بنسبة 80% خلال العام الماضي، معظمها بسبب الخلافات بين الزوجين.
وأبرزت الإحصائيات أن المحاكم المغربية استقبلت، خلال السنة الماضية، 27 ألفا و904 حالات طلاق، مقابل 28 ألفا و239 قضية، خلال سنة 2006، مضيفة أن نسبة الطلاق بالثلاث عرفت بدورها تراجعا بنسبة 44.59 في المائة، في حين ارتفعت نسبة الطلاق بالتراضي بنسبة 22.28 في المائة، بينما تراجع الطلاق بالخلع بنسبة 10.14 في المائة
فيما سجلت النساء تفوقا على الرجال في طلبات الطلاق، إذ رفعن 26547 قضية مقابل 40728..
وتصدرت قضايا الطلاق للشقاق مجموع القضايا المعروضة على المحاكم، إذ ناهزت 24 ألف و783 قضية، مقابل 55 قضية فقط بسبب عيب في أحد الأزواج، و1071 قضية بسبب الإخلال بأحد الشروط المتضمنة في عقد الزواج، و2169 قضية طلاق بسبب غياب الزوج عن مسكنه
وأفادت وزارة العدل، أنه باستثناء قضايا طلاق الشقاق التي سجلت ارتفاعا، خلال السنة الماضية، مقارنة مع سنة 2006، بحوالي 80 في المائة، تقلص عدد قضايا الطلاق الأخرى بنسب متفاوتة، وتراجعت قضايا الطلاق بسبب الإخلال بأحد الشروط المتضمنة في عقد الزواج، بنسبة 67 في المائة، وكذا قضايا الطلاق بسبب غياب الزوج بنسبة 20 في المائة.
أما قضايا الطلاق التشريعي، فتعرض على المحاكم حاليا، حسب الإحصائيات نفسها، 66 ألفا و958 قضية، جرى الحسم في 6244 منها بواسطة الصلح، وصدرت أحكام بالطلاق في 21 ألفا و328 قضية، وجرى رفض 10 آلاف و356 قضية، لأسباب أخرى، خلال السنة الماضية.

ويتم الطلاق للشقاق بإرادة الزوجين، وفي جميع الحالات يخول القضاء المغربي حق الطلاق للطرف الذي رفع قضية من هذا النوع، وتكون المناقشات شكلية وتنتهي بالطلاق في نتيجة الدعوى المرفوعة
ويفسر القضاء ارتفاع عدد قضايا الشقاق التي رفعتها النساء مقارنة بالرجال بكون أوراق الدعوى بالنسبة للزوجة معفية من الرسوم القضائية، فضلا عن أن مدونة الأحوال الشخصية السابقة كانت تحظر على المرأة رفع قضية الطلاق للشقاق، وكان هذا جانبا مسكوتا عنه عانت منه بعض النساء الويلات الكثيرة.
وقبل أن يقول القضاء كلمته تتم محاولات للصلح بين الطرفين، لكن كل هذه المحاولات تذهب هباء عندما ترفض الزوجة اللحاق بزوجها، فتحكم المحكمة بالطلاق للشقاق
ويعتبرهذا النوع من الطلاق موضة تبتغيها بعض النساء من أجل التحرر من القيود الاجتماعية التي ترى أنها أسيرة لها.و بالنسبة لإشكالية ثبوت الزوجية لم يتحقق بشأن هذه المسألة التقدم المأمول بتعميم عقد الزواج, كوسيلة إثبات وحيدة لقيام العلاقة الزوجية, حيث سينتهي في مطلع فبراير المقبل اجل الخمس سنوات الذي حدده المشرع لتسوية وضعية الزيجات غير الموثقة, بحيث انه لم يتم تجاوز50 ألف حالة. وفي ما يتعلق بالنفقة , أشارت المعطيات التي تم عرضها في ندوة نظمت بمدينة الرباط من طرف المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان وبتعاون مع وزارة العدل إلى أنه بالرغم من المكاسب التي أتت بها مقتضيات المدونة بهذا الخصوص, فان التجربة العملية أبرزت إشكالات حقيقية في كيفية تحديد النفقة من ناحية, وتنفيذها من ناحية أخرى, بحيث أن العديد من أحكام النفقة لا تجد طريقها إلى التنفيذ و لاتضمن قوت الآلاف من الأطفال إما بسبب عسر الزوج أو بسبب ظاهرة التملص واللامسؤولية التي تجعل بعض الآباء يفضلون التحايل على القانون بدل توفير لقمة العيش لأبنائهم.
وبالرجوع إلى الأرقام الرسمية لرسوم الزواج، التي همت التعدد، نجد أنه لم يسجل سنة 2006 إلا 811 حالة، مقابل 875 سنة 2007، ما يعتبر مؤشرا إيجابيا، فيما تتمثل السلبيات حسب الجمعيات المهتمة بقضايا المرأة في كون منح الإذن بالتعدد مازال يستند إلى القدرة المادية للزوج، في حين أن قانون الأسرة اعتبره عاملا ثانويا ومكملا لا غير، كما أن المبررات الموضوعية كالعقم أو المرض لا تستند على شهادات طبية، بل فقط على أقوال الطرفين، دون التحقق من مدى إجبار الزوج لزوجته الأولى على القبول.
ورغم أن المدونة حددت سن الزواج في 18 سنة بالنسبة للمرأة إلا أن عدد زيجات القاصر لم يختفي، حيث شكلت طلبات الإذن بالزواج نسبة 10℅ بالنسبة لمجموع الزيجات، فيما سجل زواج المرأة بدون ولي ارتفاعا ما بين سنتي 2006 و2007 حيث بلغ62 ألف و162 حالة سنة 2007 ، بزيادة تصل إلى 3.44 ℅ مقارنة مع سنة 2006

الثلاثاء، 18 نوفمبر 2008

كل عيد ونحن بألف خير



يخلد الشعب المغربي اليوم ذكرى عيد الاستقلال المجيد الذي جاء تتويجا لتضحيات جسام قدمها العرش والشعب، لدرجة أن هذا الحدث أصبح أصدق مثال لأعظم تضحية قدمها ملك في سبيل استقلال شعبه وأصدق تعبير على إخلاص شعب لقائده، فضلا عن كونه إحدى المحطات الخالدة في تاريخ المغرب الحديث لأنه أرخ لانتهاء عهد الحجر والحماية الذي فرضه الاستعمار على البلاد بداية من سنة 1912 .

وإن عظمة هذه الذكرى تستوجب وقفة تأمل في تاريخ المغرب الغني بالأمجاد وبالمحطات المشرقة من أجل الذود عن المقدسات، وتشكل من جهة أخرى، برهانا على إجماع كل المغاربة وتعبئتهم للتغلب على الصعاب وتجاوز المحن.

وتبقى الميزة الأساسية لهذا الكفاح البطولي كامنة في ذلك الإجماع الوثيق على التشبث بمقدسات الوطن الذي أبان عنه المغاربة سواء منهم من كانوا في المنطقة الخاضعة للاستعمار الفرنسي أو الذين كانوا بالأقاليم الجنوبية الرازحة آنذاك تحت نير الاستعمار الإسباني.

والمتتبع لتاريخ المغرب، يلاحظ انه رغم المخططات والمناورات التي نفذتها القوى الاستعمارية الفرنسية والإسبانية مستعملة قوة الحديد والنار في محاولة تقطيع وحدة المغرب وتمزيقها بهدف الهيمنة وطمس الهوية، استطاع المغرب أن يقف وقفة رجل واحد في وجه الاستعمار الأجنبي معلنا التحدي بقيادة بطل التحرير جلالة المغفور له محمد الخامس الذي اعتقدت السلطات الاستعمارية أن نفيه رفقة أسرته إلى كورسيكا ثم إلى مدغشقر سيوقف الانتفاضة العارمة التي تفجرت في كل المدن والقرى المغربية.

إن جل المخططات التي نفذها الاستعمار بدءا بالظهير البربري الذي أصدرته الحماية الفرنسية في 16 ماي1930 بهدف التفريق بين أبناء الشعب انطلاقا من مبدإ "فرق تسد" وانتهاء بالإقدام على نفي محمد الخامس وأسرته الشريفة يوم20 غشت1953 إلى كورسيكا ثم إلى جزيرة مدغشقر، كان مآلها الفشل الذريع وعجلت برحيل سلطات الحماية.

وكانت عملية النفي هذه بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس ووحدت الصفوف في انتفاضة شعبية عارمة شكلت أروع صور التلاحم والالتفاف حول رمز الوحدة. فلم يكن التلاحم بين العرش والشعب وذلك الكفاح المرير والبطولي ليذهب سدى بحيث رضخت سلطات المستعمر لمطالبها واستسلمت خانعة لإرادتها، فعاد جلالة المغفور له محمد الخامس وأسرته إلى البلاد عودة مظفرة، ليكون يوم16 نونبر1955 مشهودا في تاريخ المغرب وصفحة خالدة في سجل شعبه.

ويعد يوم18 نونبر1955 دليلا قاطعا على أن المغرب ، بما امتاز به من تلاحم دائم بين العرش والشعب وبإيمانه الراسخ بعدالة قضيته ، استطاع أن يقهر قوى الاستعمار رغم ضخامة إمكانياتها ويرغمها على الاعتراف بحقوقه المشروعة وفي مقدمتها عودة محمد الخامس والأسرة الملكية من المنفى والحصول على الاستقلال.

الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

Ghada El Tawil comes back on air in a headscarf




Egyptian television presenter Ghada El Tawil was allowed back on air last week after a six-year

absence, in which she won the legal right to wear an Islamic headscarf, known as hijab,

Ghada can wear what she likes on screen as long as it is doesn't look 'strange'
I have waited six years for this moment - to present television wearing my hijab.
I only started wearing it in 2002. The rule is, when a girl gets her first period, she has to cover her hair. I didn't - but sometimes you don't do many things you should.
But as the years passed, I began to feel I wanted to do what God wanted. I struggled for about a year, before deciding to wear it.
More and more women are wearing the hijab, especially here. Only one or two in 10 Alexandrian women are not covered, so I was part of a wider movement of change. But I don't think I was aware of that at the time.
Cairo is different, because it is such a big, cosmopolitan city.
Anyway, when I put the hijab on in February 2002, I was banned from being on screen.
There have been many cases like this - female presenters losing their jobs when they want to wear the hijab on air. A colleague, Hala el-Malki and I were the first to take it to court.
When I covered my hair, I didn't lose my ability to read the news
We got two rulings in our favour, the most recent in July 2005. It said we could wear what we liked on screen so long as it wasn't 'strange'. It's taken until now for our employers [Alexandria's Channel 5, a state channel] to apply it.
There are now five of us wearing the hijab on screen.
I don't know for sure why the management doesn't like us wearing it. Maybe they thought we belonged to a very religious group, or something. They never gave us a proper reason.
But the reality is, most women here cover their hair. I come from Alexandria and as a presenter, I now reflect and represent my audience more closely than before.
I present a discussion programme focussing on social issues, it's mainly aimed at women. On my return to the programme last week, so many people congratulated me in live phone calls on air!
However, my employers still haven't let me return to my other job of reading the English-language news bulletins. I did this job for 12 years before I was stopped - but now they said I needed to pass another test. I refused to take it on principle.
When I covered my hair, I didn't lose my ability to read the news. I can't see the point of the ban, can you? To let me do one of my previous jobs, but not the other.
I hope I will win this next case, too.

الخميس، 6 نوفمبر 2008

أسود في البيت الأبيض


بإعلان شبكات التلفزة ووسائل الإعلام الأميركية فوز المرشح الديمقراطي باراك اوباما بالانتخابات الرئاسية الاميركية يكون اوباما قد دخل التاريخ كأول رئيس أميركي من أصل إفريقي أسود .
لكن في أمريكا لا فرق سواء كان الرئيس الأمريكي من الجمهوريين أو من الديمقراطيين فالوضع سيان كما انه لا فرق إذا كان الرئيس اسود أو ابيض أو احمر رجل أو امرأة لان الأمريكيين في هذا المجال شأنهم شأن الإسرائيليين، لا فرق بين سياسة الليكود وسياسة حزب العمل لانهما معاً يؤمنان بالقوة وحدها وسيلة وحيدة لحل مشاكل الأرض فكما يقال "ليس في القنافذ أملس".
ونحن وأمريكا وإسرائيل نعرف أن القوة لم تحل أزمة واحدة عبر التاريخ منذ الاسكندر حتى اليوم.
كنا نطمع بجرأة باراك اوباما وخصوصاً عندما قال انه يريد الجلوس مع قوى الشر كما يسميها بوش ( إيران ـ حماس ـ حزب الله .... وغيرهم ) بدون شروط مسبقة ولكن مع الأسف بعد فوزه على المرشحة كلينتون هرول إلى حفل منظمة ايباك الأمريكية ليلقي خطاباً فاق تأييد بوش لإسرائيل وذلك بتعهده أن تكون القدس الموحدة عاصمة إسرائيل الأبدية وبعد يوم واحد عاد وتراجع عن تصريحاته حول القدس ولكن علينا أن نعلم بان أي شخص يريد أن يفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية يجب أن يحصل أولاً وأخيراً على دعم جماعات الضغط اليهودية، ومن المؤسف أن هذه الأراضي الفلسطينية حتى إذا أدى ذلك إلى زج الشرق الأوسط كله في المجهول.
فالمنطق الأمريكي هو منطق بعيد عن الحق والحقيقة والقوانين الدولية إذ عندما يقول المرشح الأمريكي الأسود الإفريقي الأصل أن القدس الموحدة هي عاصمة إسرائيل الأبدية فانه ينسف بذلك كل القرارات الدولية بما فيها القرارات التي وافقت عليها أمريكا فإذا كان منطق اوباما يعتمد فلسفة ما يسمى بالواقعية أو البرغمانية فان هذه البرغمانية لم تجلب للارادات الأمريكية ولأمريكا بالذات سوى الكراهية المعلنة أحياناً، والمختبئة أحياناً لدى الشعوب والأمم في كل أصقاع الكرة الأرضية. ولولا هذه السياسة الأمريكية المتعجرفة لكان العالم بألف خير.
إن علاقة أمريكا مع العرب هي علاقة مؤسفة وتقود إلى المزيد من الكراهية والحقد والانتقام إن لم يكن في الغد، فبعد غد،وذلك لسبب بسيط لا يجهله العرب ولا يغيب عن الخاطر الأمريكي.
فالعرب يعرفون معرفة دقيقة أن ما يهم أمريكا في الشرق الأوسط هو النفط وإسرائيل. وقد جعلوا الآن إسرائيل قبل النفط والناظر إلى السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط يرى أن أمريكا يجب أن تسحب النفط بملايين الأطنان لكنها تسحب في الوقت نفسه كل ذرة عطف أو محبة أو احترام لها في قلوب العرب.
لقد كان بامكان السيد اوباما أو كلينتون أو ماكين أن يحققوا السلام الشامل في الشرق الأوسط فوراً، إذا ليس عليهم إلا الطلب من إسرائيل الالتزام بالقرارات الدولية التي وقعت عليها أمريكا.
رؤساء أمريكا أو الطامحين إلى الرئاسة الأمريكية لا يفعلون ذلك ظنا منهم أن التخلف العربي لن ينتهي غداً ولا بعد غد وان هذا التخلف سوف يجعل من الممكن تسليط السيف الإسرائيلي فوق رؤوس العرب إلى أن تقوم الساعة، لكن من المؤسف أن القيادة الأمريكية لا تحسب حساباً لمصالحها إذا قامت الساعة فالمسألة مسألة وقت فقط.

لذلك على العرب أن يأخذوا الدرس من خطاب السيد اوباما المؤيد لإسرائيل، ويعلموا أن الأمريكي إذا كان ابيضاً أو اسوداً أو احمر فهو لن يكون كريماً مع قضيتنا ولكن سوف تنقلب هذه الأسطورة الأمريكية عندما نتحد ونكون أقوياء كما فعل من سبقونا، لان حجتنا أقوى بكثير من حيث التاريخ والعدد والمال، فهل يأتي هذا اليوم؟.

الاثنين، 3 نوفمبر 2008

"الزاوية الهماوية" تستقطب السياسيين والفنانين وبعض المحسوبين على الحركة الأمازيغية




يقولون مشاكل البلد لا يمكن أن تحل إلا عبر حزب سياسي، وهذا الإطار السياسي سيكون –كان المشكل بالنسبة إلينا في البداية-ولم يكن ذلك ممكنا في الأول لأن الحزب سيكون آنذاك مجرد رقم ومآله الفشل".
هذا الكلام للرجل الذي استطاع أن يصنع من نفسه رجل الساعة، أقام الدنيا ولم يقعدها لحد الآن، وأثار ضجة سياسية محبوكة السيناريو بشكل دقيق، توالت خرجاته الإعلامية منذ استقالته من كرسي الداخلية واتخاذه لقرار خوض غمار اللعبة السياسية، تفننت الأقلام في تحليل خطواته وربطها في مسار حياته الذي انطلق من صخور الرحامنة ليحط الرحال قبة البرلمان، ومن يدري ربما في جعبته المزيد من المفاحآة.
فلم يتوقف الجدل حول مرامي صديق الملك محمد السادس، ولازالت تطرح حوله أسئلة عديدة بتعدد وغموض الإجابات وذلك مع كل حركة يقوم بها في المشهد السياسي المغربي.
بالعودة إلى تصريحه عقب تأسيس "حركة لكل الديمقراطيين" في اللقاء التواصلي الذي عقد بأكادير، نجد أن الرجل قرر الانتقال من العمل على جبهة "حركة لكل الديمقراطيين" بعد أن أسس توا بثها إلى النظر إلى الخطوة التي جاءت فيما بعد وهي تأسيس الحزب. خطوة شابها الكثير من الغموض لكون صديق الملك والمحسوبين على حركته صرحوا غيرما مرة بأن تأسيس حزب سياسي فكرة وقرار مستبعد وغير مسطر في أجندتهم، حيث صرح زعيمهم في مناسبات عديدة قائلا "نحن حركة ولسنا حزبا سياسيا ولا نفكر في تأسيس حزب سياسي". لكن بين عشية وضحاها بدأت السيناريوهات تتغير، وبدأت مؤشرات حزب تلوح في الأفق.
فلماذا إذن هذا الغموض في أخد القرارات؟ هل هو سيناريو متعمد لجس نبض مختلف الفرقاء السياسيين؟ أم أن شيخ "الزاوية الهماوية" لم يكن يتوفر آنذاك على ما يكفي من الجرأة السياسية ليؤكد أن الحركة ما هي إلا خطوة أولى في مشوار الألف ميل كما يقولون؟

ربما لا ننسى أن المغاربة لديهم من الذكاء ما يكفي لمعرفة وسبر خبايا الأمور، وقراءة ما وراء السطور "قبل ما طيح الفاس فالراس"
*حزب الأصالة والمعاصرة يجمع ما حصده تراكتور الهمة
وأخيرا انتهى مخاض حركة لكل الديمقراطيين، لتعطي مولودا جديدا قديما، يجمع في تشكيلته الفزيولوجبة بين الأصالة والمعاصرة. لتبدأ سلسلة التخمينات حول حيتيات ميلاد هذا الحزب، في محاولة من وسائل الإعلام والأوساط السياسية لرسم ملامحه. فعراب الحزب الجديد فؤاد عالي الهمة مؤسس حركة لكل الديمقراطيين أبى إلا أن يؤسس حزبا ضم خليطا من خمسة أحزاب معروفة بهشاشتها السياسية، يجمعها قاسم مشترك، وهو فشلها السياسي في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 و2007، (حزب رابطة الحريات، حزب العهد، حزب البيئة والتنمية، حزب مبادرة المواطنة، والحزب الوطني الديمقراطي) ورفعت جلها خلال حملاتها الانتخابية السابقة نفس الشعار الذي يحمله الحزب الجديد، ولم تحصل مجموع هذه الأحزاب في الانتخابات التشريعية الأخيرة إلا على 8.68 بالمائة من عدد الأصوات.
فإذا كانت لغة الأرقام تؤكد فشل هذه الأحزاب الخمسة والتي أصبحت أربعة فيما بعد، بعد انسحاب الحزب الوطني الديمقراطي، فلماذا نجد أن تصريحات مؤسسي حزب الأصالة والمعاصرة سواء الأعضاء في "حركة لكل الديمقراطيين" أو أعضاء الأحزاب المنصهرة، تشيد بهذه الخطوة وتعتبرها نقلة نوعية منبثقة من تحليلها للواقع الوطني" كما صرح بذلك الأمين العام لحزب الهمة حسن بنعدي لإحدى الصحف الوطنية، و وصف عدد من قادة هذه التنظيمات الحزب "بالقوى" الذي سيمكن من التوفر على قطب سياسي قادر على التغيير في الساحة السياسية.
ولعل النتائج الأخيرة المخيبة التي حصدها تراكتور الهمة في كل من آسفي ومراكش، تجعلنا نتساءل هل فعلا أن حزب الأصالة والمعاصرة وما أثاره من ضجة سياسية قبل وبعد تأسيسه قادر فعلا على قلب الموازين؟ ربما هذه النتائج قد تجعل " الزاوية الهماوية" تعيد ترتيب أوراقها استعدادا لما هو آت، وربما هذه فرصة أيضا لأولائك الملتفون حول "الزاوية" ليتأكدوا فعلا من أن شيخهم قادر على قضاء تلك الحوائج المخبأة تحن جلابيبهم والتي تحتاج إلى من يزكيها ويعطيها "الهمة والشان"؟.
منذ إطلالة صديق الملك على الساحة السياسية، تناسلت الأحاديث وتوالت ردود الأفعال بين المؤيدة والمعارضة لتحركات وتصريحات الهمة ، ولأن المؤيدين كانوا أكثرمن المعارضين ، والمنظمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة كانوا أكثر من المنشقين. فالأمر يستدعي منا التساؤل عن سبب هذه الثورة التي خلفها حزب الهمة على الساحة السياسية بل وحتى الاجتماعية؟ ولماذا هذا الكم الهائل من المساندين لمشروع الحركة والحزب الجديد والذين ينتمون إلى مختلف الأطياف السياسية والألوان الاجتماعية ؟

"اللي بغا الهمة والشان ... "
بعد مرور أشهر قليلة على ميلاد حركة لكل الديمقراطيين , استطاعت أن تظم في صفوفها العديد من الحزبين والسياسيين والمثقفين والفنانين والرياضيين، فمن كل فن طرب , من اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط , بل واستطاعت أن تنفذ إلى أحزاب ومؤسسات وتجتذب منها مساندين تنكروا لمبادئهم ليس حبا في الديمقراطية ولا في سواد عيون الحزب الجديد بل طمعا في نيل بركة " الزاوية الهماوية ".
استطاع عالي الهمة إذن أن يحقق المعادلة الصعبة « أردنا أن نهتم بالسياسة, بالرياضة وبالثقافة, بالموروث وبالهوية. إن هدفنا أن نعطي الإطار المناسب للتعاون المحلي والجهوي بين المنظمات غير الحكومية " .
فتصريحه هذا كما جاء في حوار أجراه مع إحدى المجلات الوطنية, إن دل على شيء فإنما يدل على أن الرجل القادم من الداخلية، صدق حين قال " لدينا رؤية وسنذهب في الطريق الصعب, وليس لنا الحق في ارتكاب الخطأ" .
توافدت إذن العشرات من الشخصيات من عالم المال والأعمال والفن والثقافة ومن مختلف مناطق المغرب على تقديم طلبات العضوية داخل حركة الهمة , فعلى رأس أصحاب الشكارة , نجد مصطفى باكوري مدير صندوق الإيداع والتدبير وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري وأحمد أخشيشن وزير التربية والتعليم , وصلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية الذي خلع قميص التجمع الوطني للأحرار, وشاعر الحركة صلاح الوديع، الذي عاش سنوات الضياع خلف أسوار الاعتقال السياسي في سجن القنيطرة. ونعيم كمال الصحفي السابق في جريدة حزب الاستقلال ، وأحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي كان من مناضلي حركة " لنخدم الشعب " اليسارية في السبعينيات، والقائمة طويلة تضم أسماء لها وزنها السياسي داخل المجتمع , منها من تنكر لحزبه ومنها من تناسى مبادئه وماضيه القريب البعيد حتى ينال شرف مجالسته ومشاركة صديق الملك في تحقيق مشروعه من دون أي خطئ على حد قوله .
ربما يحق لنا أن نتساءل عن الأسباب التي تجعل شخصا له وزنه السياسي ، يغير جلده كالثعبان بين عشية وضحاها بل وحتى الثعابين تأخذ وقتها الكافي لتقوم بهذه العملية تدريجيا ماشي "سلم عليه زرب عليه ".
إن الضعف الذي تعرفه الساحة السياسية ببلادنا والحزبية منها خاصة هو الذي أنتج مثل هده الأوضاع فأصبح الكل يتصارع من أجل الفوز برضى الهمة، والدخول في حزبه وحركته. ولأدل على ذالك تلك الإشاعة التي تداولها الحقل السياسي ومفادها أن حوالي 180 برلمانيا أعربوا عن نيتهم في الانضمام إلى الفريق الذي ينتمي إليه الهمة, مما يجعلنا أمام صورة كارثية ومهولة للواقع السياسي نقلتها وسائل الأعلام بعد تشريف صديق الملك إلى قبة البرلمان .
ويعتبرا لمتتبعون للحقل السياسي أن السيد فؤاد عالي الهمة أصبح بمثابة تلك الشماعة التي يطمع العديد من أولائك الذين استجابوا لشعار " انظموا... انظموا " تعليق فشلهم السياسي عليها والذي يشهد عليه التاريخ و تؤكده صناديق الاقتراع والمشاركة الخجولة للمواطنين في الانتخابات .
فهل الديمقراطية الحقة تقتضي أن نبجل شخصا ونضفي عليه من المواصفات والبهارات ما يجعل منه زعيما مفترضا ؟.
ولا يستغرب البعض من قدرة هذا الشخص في وقت قياسي على استقطاب هذا الكم الهائل من المساندين له, استقطاب لم يكتفي فقط بالمناضلين الحزبيين الذين كانوا بالأمس القريب ينتمون إلى أحزاب أخرى قبل إطلالة حزب الأصالة والمعاصرة ، بل شمل أيضا منظمات المجتمع المدني في خطوة إن دلت على شيء, فإنما تدل على ضعف هذه المنظمات، الأمر الذي يفسره بحثها عن مكانة مريحة في سباق مع الكل للظفر بغنيمة السلطة والثروة والقرب من مركز القرار .
ولا يسعنا إلا أن نقول صدق الباحث يحي يحياوي في قوله لإحدى الصحف الوطنية " مخطئ من يراهن على أناس من هذه الطينية لبناء مقومات مجتمع المدني لاتغريه المناصب أو يعتريه النفاق من بين يديه أو من خلفه".
* حركة لكل الديمقراطيين ..... حركة لكل الفنانين والرياضيين.
جحافل المنظمين سواء إلى " حركة لكل الديمقراطيين أو حزب الهمة , لم تكفي فقط بربح ورقة العضوية, بل أبت إلا أن تشارك الهمة في كل خرجاته لتؤكد هذا الأمر. فنانون ورياضيون حضروا رفقة الهمة في كل المهرجانات الخطابية والتجمعات التي كان ينظمها الهمة منذ إطلالته الأولى على الساحة السياسية , وكلنا يعرف أهمية استغلال وجوه معروفة لدى المواطن المغربي حققت شهرتها الفنية والثقافية, وماذا يمكن أن تفعل, وكيف يمكن أن تخدم مصالح من تظهر إلى جانبهم, فحضور المثقفين والفنانين وحتى الرياضيين, ليس فقط للبهرجة وتأثيث الاجتماعات والمهرجانات بل له غايات وأهداف لايعلمها إلا الراسخون في تمرير خطاباتهم إلى المواطنين، وان كانت بعضها بالمرموز والأخرى بالواضح.
وبالعودة إلى الانتخابات التشريعية التي جعلت الهمة يضع أولى خطواته داخل قبة البرلمان، نجد انه والى جانب الفاعلين السياسيين والفاعلين في المجتمع المدني، رياضيون عبروا بالواضح عن مساندتهم لتراكتور الهمة وعلى رأسهم البطل العالمي السابق هشام الكر وج. فقد حضر هذا الأخير جميع اجتماعات الهمة بمنطقة الرحامنة، كما صاحبه في جولة انتخابية لبعض الدواوير المجاورة. وفي أول تصريح للكروج عن سبب وقوفه إلى جانب الهمة قال إنه فضل المجيء إلى بن كرير عوض الذهاب إلى "أوساكا" لتحميس الشباب للمشاركة السياسية." جئت إلى هنا لكي أمنح للناس ثقة في المستقبل والانخراط في سلسلة التنمية الذي بدأه المغرب".وبالرغم من أنه تهرب من إبداء مساندته الكاملة لفؤاد عالي الهمة أثناء حديثه، إلا انه كان يستعمل شعار حملته الانتخابية آنذاك في كلامه وهو " الكرامة والمواطنة".
وكان إلى جانب الكر وج العضو في "حركة لطل الديمقراطيين" محمد مجيد رئيس الجامعة الملكية الذي لم يخفي مساندته للهمة قائلا " أنا متأكد أن المنتخبين عندما سيذهبون إلى صناديق الاقتراع سيقولون يموت الهم ... يحي الهمة".
لائحة الرياضيين لا زالت طويلة، ومع إشراقه كل يوم يزداد عددهم وتزداد معهم مآربهم في الوقوف إلى جانب الهمة. فلا هشام الكر وج ولا محمد مجيد كانوا أول المساندين" للزاوية الهماوية" ولا مصطفى الحداوي، وحسن ناظر ولا حتى فاطمة عوام وحسنة بنحسي سيكونون آخر المصفقين لخطبة الزعيم.
الفنانون والمثقفون كان لهم دورهم ومكانتهم داخل حركة وحزب الهمة فاللائحة تجاوزت السياسيين والجمعويين ورجال الأعمال وحتى الرياضيين، لتضع أسماء فنانين لهم وزنهم داخل المجتمع وداخل المشهد الفني المغربي.
ولعل اجتماع "حركة لكل الديمقراطيين" التواصلي الذي نظم بالدار البيضاء، عرف حضورا لوجوه فنية معروفة بعطاءاتها الفنية في مجال السينما، المسرح، والتلفزيون، وحتى الأغنية المغربية... وتوال حضور هؤلاء إلى جانب الهمة وحزبه كان آخره الحملة الانتخابية البرلمانية الجزئية بمراكش، والتي إن كانت قد خيبت آمال حزب الأصالة والمعاصرة بعد هزيمة مرشحه الحبيب بلكوش أمام مرشح الحزب الدستوري الملقب "بولد العروسية".إلا أنها أبانت عن حجم دعم الفنانين والمثقفين لعالي الهمة وقيادات حزب الأصالة والمعاصرة، دعم ترجمته وجوه مثل الفنانة حبيبة المد كوري، وفركوس، و"ستيف راكامان" واللائحة طويلة. مما يجعلنا نتساءل هل فعلا حزب الهمة و"حركته لكل الديمقراطيين" مفتوحة أمام جميع فعاليات المجتمع ومنهم الفنانون والمثقفون؟ وهل هذا الانفتاح هدفه خدمة المشروع الديمقراطي الذي ينادي به الهمة؟.
الوضع أيضا يدفعنا على القول، هل اهتمام حركة وحزب الرجل السابق في الداخلية بالفن والفنانين والمثقفين هو فعلا من بين النقط المسطرة في أجندته؟ وهل سيتنفس هذا القطاع الصعداء أخيرا وتحل له مشاكله التي لا تعد ولا تحصى؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون رغبة من الهمة ور فاقه في استغلال شهرة هؤلاء ومكانتهم لدى الشعب المغربي لتمرير خطاباتهم؟ أو ربما تكون هناك رغبة من هؤلاء الفنانين والمثقفين في نيل رضى صديق الملك، والتقرب منه وتحسين وضعيتهم. فمن يدري قد يبتسم لهم الحظ كما فعل مع ثوريا جبران قريطيف، التي عاشت في فلك إحدى تنظيمات اليسار، فباتت وزيرة دون انتماء سياسي بعد زيارة قصيرة لصخور الرحامنة

الإسلاميون موجودون رغما عن أنف الهمة
لماذا استطاع حزب الهمة وحركته أن يخلقا هذه الثورة في صفوف مختلف الفرقاء السياسيين وفعاليات المجتمع المدني؟ والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي أصاب الجميع هوس أسمه الهمة، وسارعوا للدخول إلى بلاطه، استطاع آخرون الوقوف أمامه وتحذير الناس من " شره القادم" بل ومنهم من" سلم عليه البارح، وقلب عليه وجهو اليوم"، ومنهم من أنبه ضميره السياسي واعتبر أن الرجل بريء مما وصف به من "استبدادية الخطاب" و"مخزنة النخب"... براءة الدم من دم يعقوب.
ولعل أول من أعلنه الهمة خصما سياسيا له، حزب العدالة والتنمية، فإقدام فؤاد عالي الهمة على تأسيس حزب كبير لقطع الطريق على "الإسلاميين" وعلى كل الأحزاب الوطنية واليسارية، ربما يندرج في سيرورة إعادة إنتاج نفس الهياكل السياسية التي تقف وراءها المؤسسة المخزنية وأجهزتها الإدارية كما وقع في انتخابات 1976-1977 على يد أحمد عصمان، والذي ساندته آنذاك المؤسسة المخزنية لإعداد الأعضاء المؤسسين لحزبه وإنشاءه لمؤسسة إعلامية كبيرة لتصريف خطاباته.
الإسلاميون موجودون رغما عن أنف الهمة، أكدها عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أينما حل وارتحل، كان آخرها خلال ندوة نظمت بالرباط تحت عنوان "انتخابات 2009 غدا" حيث اعتبر أن حزبه له كامل الثقة في نفسه، غير أنه أبدى تخوفه من تحيز أجهزة الدولة لحزب الأصالة والمعاصرة ضد الأحزاب الأخرى.الهمة إذن يريد أن يخلق درعا يقف في وجه حزب العدالة والتنمية بشكل خاص، فهو ضد "استخدام الدين في السياسة" أو ما يصطلح عليه "أدلجة الإسلام" لأن من يصفهم الإسلاميين "يهددون الإسلام المغربي" الذي يسعى صديق الملك محمد السادس إلى تحقيقه.
المقربون من الرجل الثاني في المملكة يعتبرون مواجهة الإسلاميين ليست بالمهمة الوحيدة الموكولة إلى "حركة لكل الديمقراطيين"، بل إن هناك مهمة أكبر تتجلى في خلق قطب ليبرالي ديمقراطي، نظرا لافتقار المشهد السياسي لهذا القطب وارتكازه على قطب يساري وقطب محافظ يضم الإسلاميين .
أما الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية, فقد تبنى للوهلة الأولى موقفا متشددا من الهمة الذي وصفه بالوافد الجديد , وأصدر بلاغا يقول فيه أن النتائج التي أسفرت عليها الانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر والخريطة السياسية التي وضعت عليها الحكومة , لهما علاقة بهذا "الوفد الجديد " على حد قولهم , وماهي إلا مؤشرات تبشر بعودة أجواء مرحلة كان يعتقد الاتحاديون أن التوافق قد حصل من أجل تجاوزها .
محمد اليازغي الكاتب الأول المستقيل حذر بدوره من حركة الهمة قائلا " لايمكن لأي حركة أن تعتمد على وسائل الدولة , فالملك لايحتاج إلى حزب يؤطر المواطنين, لأن المؤسسة الملكية هي اليوم مساندة من طرف كل القوى ". موقف تغير في الأيام التي تلت الانتخابات الجزئية بكل من مراكش وأسفي وتزنيت, وعاد ليتراجع عن البيان الذي أصدره المكتب السياسي لحزب الوردة, واعتبر أن " البيان كان ظرفيا أملته الحملة الانتخابية ".
فلماذا تراجع حزب الإتحاد الاشتراكي عن موقفه من حزب وحركة الهمة ؟ هل فعلا لنتائج الانتخابات الجزئية دخل في هذا القرار ؟ أم أن حزب الوردة استغل هذه النتائج التي جاءت لغير صالح الهمة وأصحابه من اجل انقاد الوضع وإصلاح ما يمكن إصلاحه مع حزب الأصالة والمعاصرة وحركة لكل الديمقراطيين؟.
خماسية الحزب الجديد التي ضمت حزب رابطة الحريات حزب العهد, حزب البيئة والتنمية,وحزب مبادرة المواطنة,ثم الحزب الوطني الديمقراطي لم تدم طويلا وربما أصابتها عين الحسود, فبين الأمس واليوم أصبح حزب الأصالة والمعاصرة يظم فقط أربعة أحزاب بعد الانشقاق غير المتوقع للحزب الوطني الديمقراطي . القرار اتخذه عبد الله القاديري الأمين العام للحزب, وإن كان لم يلقى رد فعل داخل حزب الهمة أو من الهمة نفسه يوازي حجم قرار الانشقاق, إلا انه أذى ومما لاشك فيه إلى خلخلة موازين القوى داخل تشكيلة الحزب .
ربما جاء قرار القادري ليصحح أخطاء وقع فيها بعد السرعة التي وصفت بها عملية انضمام حزبه إلى فريق الهمة. وفسر القادري هذا التراجع في حوار أجراه مع إحدى الصحف الوطنية, بأنه "كان لأسباب وعوامل موضوعية هي التي حتمت علي ذالك, ولست في حاجة لمن يوجهني بعد ثلاثين سنة من الممارسة السياسية والخوف من أن يقال إن القادري باع الحزب أو قتله".
فإذا كان الكثيرون يصفقون ويطبلون لخطبة زعيمهم الهمة ويتمنون رضاه ونيل شرف الانضمام إلى حزبه أو حركته فلماذا يعتبر عبد الله القادري أن حزبه كان سيتكبد خسارة كبيرة لو ظل مندمجا " في مجال لاعلاقة له به, ومع أناس لاشيء يجمع بينه وبينهم، ولن تتحقق معهم أي أهداف مشتركة؟ ".

*الهمة يغازل الأمازيغيين
اكتساح فؤاد عالي الهمة لجل منظمات وهيئات المجتمع المدني، امتد ليصل إلى الجسم الأمازيغي حيث علق البعض عن مغازلة الهمة للأمازيغيين، بسعيه لكسب مزيد من النقط كان قد أضاعها بعد أن تخلى عن مكانته لصالح بعض منافسيه في دائرة المحيط الملكي. كما وصفه البعض الآخر باستغلال نفوذه لتحقيق أهدافه، تقول أمينة بنشيخ مديرة جريدة "العالم الأمازيغي" وعضو المجلس الملكي للثقافة الأمازيغية "أنا ضد أن يستعمل الهمة وسائل انتهازية للوصول إلى مآرب شخصية، فلا يمكن أن يصدق المرء تخلي شخص كان في مستوى أرقى في وزارة الداخلية ليختار مستوى اقل ويدعي أنه يريد خدمة بلده".
فقد كان بإمكان الهمة أن يدعم الأشخاص المنادين بالديمقراطية عندما كان في دواليب السلطة التنفيذية "لكن باش يجي ويدير حركة و وحزب ويشتغل بوسائل الدولة فهذا احتقار لأشخاص آخرين" تضيف أمينة بن الشيخ وهي تؤكد في تصريحها "للألباب المغربية" أن حركة وحزب الهمة لا يخدمان مصالح الأمازيغية ولأدل على ذلك الوضعية المتراجعة التي احتلها تدريس الأمازيغية منذ تولي أحمد اخشيشن رئيس "حركة لكل الديمقراطيين" منصب وزير التربية الوطنية والتعليم .
وغريبة بالمقابل بعض المواقف "الانتهازية"التي بدأت تتبناها بعض الفعاليات الأمازيغية في الآونة الأخيرة، مما ساهم في الكشف عن حقيقة توجهاتهم،فحسب تصريحات مناضلي الحركة الأمازيغية بدأ بعض نشطاء العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان في التودد "لحركة لكل الديمقراطيين" التي يتزعمها رجل الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة. الداخلية التي تعتبر في نظرهم مسؤولة عن ما يقترف في حق الحقوقيين والمعطلين والمناضلين.
فمكانة الهمة السابقة كوزير منتدب في الداخلية لم تكن أبدا عاملا معرقلا له في استقطاب الأنصار، كما لم تكن حاجزا في وجه المدافعين عن الأمازيغية أمام الاتصال به. فهل يمكن أن نفسر ذلك بكون الهمة جاء ليخدم مصالح الأمازيغيين؟ أم أن الأمر ليس إلا واقع فرضته اللعبة السياسية التي يحيك سيناريوهاتها شيخ "الهماويين" وهي التي أملت عليه ضرورة احتواء هؤلاء في "حركة لكل الديمقراطيين"؟
ربما إذا أجبنا عن هذه التساؤلات قد نفهم سبب افتتاح الهمة لنشاط ثقافي في حجم المهرجان الربيعي للثقافة الأمازيغية الذي نظمته وككل سنة الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، والتي يرأسها المناضل الأمازيغي إبراهيم أخياط. هذا الأخير وصفه البعض من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية "بالمتملق والانتهازي" كونه أعطى للهمة خلال افتتاح هذا المهرجان فرصة للتخاطب مع الأمازيغ حيث ردد أخياط قوله "نحن نعلم مدى حاجة الهمة إلى مثل هذه اللقاءات في هذه الظرفية بالذات".
ويعلق أحد المناضلين الأمازيغ فضل عدم الكشف عن نفسه، أن مثل هذه التصرفات تعد أمرا خطيرا جدا لا يعلم انعكاساته الوخيمة على مستقبل الحركة الأمازيغية والتي كان من المفترض حسب نفس المصدر أن تقف في وجه ما وصفه بالمؤامرة المخزنية.
الهمة استطاع إذن بعد قلب موازين وحسابات كل الفاعلين في المشهد السياسي المغربي أن يجد له موطئ قدم داخل الجسم الأمازيغي مستعينا حسب تصريحات بعض المناضلين الأمازيغ بوسيط ينحدر من منطقة الريف ومتخصص في الربط بين وزارة الداخلية والحركة الأمازيغية وهو إلياس العمري العضو في المجلس الأعلى للاتصال المعي البصري، والذي كان وراء اقتراح إدراج صديقه عالي الهمة في إلقاء الكلمة الافتتاحية للمهرجان الربيعي للثقافة الأمازيغية، مقابل تمويل مصاريف المهرجان.
فكل مكونات المجتمع السياسية والثقافية بمختلف توجهاتها، أصبحت في معادلة صعبة أمام هذا "الوافد الجديد" الذي جعل من" زاويته" مكانا لكل مريد يسعى إلى تحقيق "الديمقراطية الهماوية" وربما لم تستهويهم أي ديمقراطية أخرى إلا ديمقراطية السيد فؤاد عالي الهمة.







الأحد، 2 نوفمبر 2008

أفواه بلا أرانب



أضحت ظاهرة أطفال الشوارع بالمغرب من الظواهر التي تثير قلق المجتمع المدني بالمغرب، خصوصا أمام تناميها و ازدياد عدد أطفال الشوارع بالمدن المغربية الكبرى يوما بعد الآخر.
ولا تخلو أي مدينة مغربية من أطفال في حالة يرثى لها، تجدهم في مواقف السيارات.. قرب المطاعم .. على الأرصفة .. في الحدائق.. لا ملجأ لهم و لا مسكن، فهم يتخذون بعض الأماكن والحدائق المهجورة مكانا للمبيت، مفترشين الأرض و ملتحفين السماء.
معظمهم – للأسف – ينحرفون، فيتعاطون التدخين و المخدرات بل الكحول أيضا، و قد تطور الأمر ليصل إلى حد الإجرام في عدد من الحالات.
و لا أحد يستطيع أن يلومهم لوما مباشرا، فهم ضحايا عوامل مجتمعية و اقتصادية لم ترحمهم و لم تترك لهم فرصة للخيار أمام صعوبة الظروف التي يعيشونها.

الطلاق أول الأسباب

وهنالك عدة أسباب ساهمت في تفاقم تلك الظاهرة، ويعتبر الطلاق واحدا من أهم تلك الأسباب، ذلك أن افتراق الوالدين يعرض الأبناء للتشرد و الضياع بالضرورة، و يكفي أن نعلم أن 90% من أطفال الشوارع لديهم آباء و أمهات، إما أب أو أم. فهم ليسوا لقطاء. ويمكن تقسيم الأطفال الذين يندرجون تحت هذه الفئة إلى ثلاث حالات:
- أطفال يعيشون بين الشارع و البيت.
- أطفال يشتغلون بالشوارع، و أغلبهم يحققون دخلا لا بأس به.
- أطفال يتعرضون للاستغلال البشع من طرف الشارع، إما عن طريق تشغيلهم في ظروف صعبة أو عن طريق الاستغلال الجسدي.

الفقر عامل رئيسي

تعتبر المغرب من أكثر الدول العربية التي تعرف هجره مكثفة من القرى إلى المدن، و التي تسفر عن بون شاسع في المستويات المعيشية بين الأسر، فتضطر الأسر الفقيرة – بسبب عدم كفاية أجرة الأب مثلا – إلى دفع أبنائها للعمل في الشارع.
يقول الطفل عبد السلام، 13 سنة: "إذا لم أعد للبيت في آخر اليوم بمبلغ 30 درهما (3 دولارات ) فإن أبي سيقتلني ضربا، لذا لا أستطيع الرجوع إلى البيت إلا بعد الحصول على هذا المبلغ حيث أضطر للعمل في عدة مهن في اليوم الواحد".

المشاكل الأسرية والانقطاع عن الدراسة

الأطفال بطبعهم حساسون، وكل توتر يحدث داخل البيت يؤثر سلبا على نفسية الطفل الهشة، فيجد في الشارع ملاذا لا بأس به بالنسبة لما يعانيه.
يقول كريم ، 16 سنة: "أفضل الشارع على البيت، فهناك دائما صراع في المنزل بين أخي الكبير و والدي، حيث يقوم الأول بسرقة الأمتعة مما يجعل أبي يطرده من البيت و هناك دائما مشاحنات بينهما" هنالك نسبة كبيرة من أطفال الشوارع من الذين لم يكملوا تعليمهم لسبب أو لآخر، حيث يصبح وقت الفراغ أطول و الآفاق المستقبلية أضيق، فينضمون بالتالي إلى قافلة التشرد

الجمعة، 3 أكتوبر 2008

عندما يتحول الزواج إلى صفقة مربحة



بات الزواج الأبيض هاجس العديد من الشباب المغربة الذين يراودهم حلم العبور الى الضفة الأخرى، فتتوالى الجهود للتنقيب عن شريك صوري. فيقيمون عقد القران شكليا، فمنهم من يقيم حفل الزفاف كذلك.
ويتم الاتفاق على مبلغ محدد ليتم الطلاق بعد الحصول على الوثائق ... انها تجارة ؟؟ بل أصبحت وسيلة لجني المال من طرف العديد من الشبان المغاربة المقيمين في الخارج، بينما يراها المقيمون في الداخل و سيلة للظفر بلقمة العيش في أروبا. وتزداد أرقام هذه التجارة خاصة مع مجئ العطلة الصيفية أو الأعياد الدينية.

بدأت القصة عندما تلقت كريمة دعوة لحضور حفل زفاف نجاة ، ابنة الجيران، و الذي كان له وقع الصاعقة عليها و على بنات الحي خاصة عند علمهم بأنها سوف تهاجر الى ايطاليا بعد عقد القران.
لم تكن نجاة لتخبر صديقاتها من بنات الجيران أنها عثرت على فرصة العمر. فكل شئ كانت تخطط له في صمت.
"شوفوا البنات علاش قادات" . بهذه الكلمات عبرت رجاء ، احدى صديقات كريمة و هن جالسات في الكراسي الأمامية لقاعة الحفلات حيث يقام زفاف نجاة على أحد الشبان المغاربة الذين يقيمون بايطاليا. و هو عامل بأحد المصانع.

و لم تتوانى الصديقات الثلاثة و من بينهم كريمة ، عن ابداء غيرتهن من العروس رغم أنها تزوجت زواجا أبيضا. و الكل يعلم بالأمر . ومع ذلك تصر العروس نجاة على أن تعلن زفافها للجميع و كأنها تخبرهم بأنها ذاهبة اليوم أو غدا لأروبا " ما فهمتش كيفاش غدي تبرز بوجهها احمر و هي عارفة راسها غدي تطلق ملي تمشي لايطاليا" تقول كريمة ، و قسمات و جهها تنم عن حالة من الاستغراب من جرأة نجاة و عدم خوفها من اقبالها على زواج مصلحة كهذا. ليست فيه ضمانات.
تقول رجاء،23 سنة ،و هي طالبة جامعية ، ان العروس نجاة التقت بالشاب الذي سيأخذها الى الضفة الأخرىفي احدى مقاهي الأنترنت، و طلبت منه بجرأة أن يتزوج بها مقابل مبلغ مالي يقدر بأربع ملايين سنتيم يحصل عليها بعد أن يتمم وثائق اقامتها . و عندها يتم الطلاق.
و يجتهد العديد من الشباب ذكورا و اناثا للحصول على صفقة الزواج الأبيض و لكن بأقل التكاليف. فيلجؤون أحيانا للزواج سواء من أجنبيات أو أجانب أو حتى مغاربة و مغربيات مقيمين بالخارج عبر الاعتماد أحيانا على أقاربهم أو على الأنترنت .

انتهت مراسيم زفاف نجاة، و افترق جمع بنات الجيران، كلهن عزم على أن تسرن على نفس منهاج نجاة علهن يظفرن بعريس ينقلهن من واقع يعتبرنه بئيسا، الى حلم طالما تمنين أن يعانقن من خلاله أحضان أروبا، مهما كانت الطرق، فكلها مشروعة بالنسبة لهن، بغض النظر عن نوعيتها. اقتنعت كريمة هي الأخرى بالفكرة و قررت أن تبدأ البحث عن صانع الأوراق، فكرة لم تدم طويلا، فسرعان ما انمحت نتيجة تملكها من هذه المغامرة. "كم كنت أتمنى أن أهاجرالى ألمانيا أو اسبانيا لكني خائفة من مغامرة الزواج الأبيض" هكذا قالت كريمة بعد أن تخلت عن فكرة الزواج الأبيض.
بعد مرور ثلاثة أشهر، على زفاف نجاة، هاهي ابنة الجيران حياة، صديقة كريمة، تمكنت من ايجاد فرصة زواج صوري والذهاب لاسبانيا، عن طريق عملية للتبادل وفرها لها أخوها المقيم هناك ."تزوجت حياة بصديق أخيها زواجا أبيضا ليس بمقابل مادي و لكن مقابل أن يتزوج أخوها بابنة عم صديقه و يأخدها الى اسبانيا . حينها تكتمل الصفقة " تقول كريمة في حرقة.وهي تتحسر على نفسها . فلم تتبقى من الصديقات الأربعة سوى هي و صديقة رابعة. مما ولد في نفسها الرغبة مجددا في البحث عن أي طريقة للحصول على زوج صوري" المارياج بلون هو الحل اللي بقى قداميباش نخوي الدرب حتى أنا" تضيف كريمة و قسمات وجهها تأكد أنها لن تعدل عن قرارها هذه المرة.
كثيرة هي الحالات التي يتحول فيها الزواج الأبيض الى زواج حقيقي كما حدث مع سعاد، فتاة في الخامسة و العشرين من عمرها سلكت مسلك باقي زميلاتها في العمل، فهاجرت الى اسبانيا عن طريق" المارياج بلون" الذي أصبح" ملونا" لأن الشاب الذي عقد قرانه عليها رفض طلاقها. "اتفقت مع شاب مغربي مقيم باسبانيا على أن تقترن شكليا" في مقابل مبلغ مالي يقدر بستين ألف درهم مقابل أن يتم الطلاق بعد حصولي على وثائق الاقامة بالخارج، و بعد أن أقمنا حفلا صوريا للزفاف و حصلت على الوثائق مقابل المبلغ المتفق عليه." و بعد أن ذهبت الى اسبانيا رفض طلاقي . فأعاد الي المال الذي أخذه مني و أخبرني أنه يريدني زوجة حقيقية لأنه أعجب بي، فأقمنا حفل زفاف في المغرب بعد عودتنا اليه لتثبيت الزواج" تحكي لنا سعاد تفاصيل ما وقع و هي تضحك. فهي لحد اليوم لم تصدق ما حصل.
بعد أن باءت تجارب كريمة في البحث عن زوج صوري ينقلها الى الضفة الأخرى رغم ساعات من" الشات" في مقاهي الأنترنت و رغم نشرها الخبر وسط زملاء أخيها الذي عوض أن يغير من تفكيرها الخاطئ أخذ هو الآخر يشجعها على ماهي عليه، لم تجد كريمة مطلبها و لم يحقق الأنترنت مرأبها."ما كانش عندي الزهر ، شحال و أنا كنقلب على شي واحد مغربي أو أجنبي يتزوج بي و مالقيتش" تتحسر كريمة على طول انتظارها للعريس الأبيض القادم من بلاد الغرب.
لكن بالمقابل نجحت الصديقة الرابعة و ابنة جيران كريمة اللحاق بالأخريات نجاة و حياة فقد استطاعت أن تضغط على صديقتها حياة بأن تقنع أخاها بأن يتزوج بها بمقابل مادي ليس بالكبير ليأخذها معه الى اسبانيا، و هو نفسهالذي جاء بأخته حياة لاسبانيا في مقابل صفقة تبادل. بعد اتمام اجراءات طلاق أخ حياة، بادر في الزواج بالصديقة الثالثة لكريمة.

انهارت كريمة بالبكاء عندما علمت أن الحظ حالفت صديقتها الثالثة، و ستلحق بالأخريات الى الضفة الأخرى. فبقاؤها وحيدة وسط "الدرب" لم تستسغه.و رغم أنها ميسورة الحال هي على استعداد أن تدفع مبلغا كبيرا مقابل الهجرة بهذه الطريقة الآمنة في نظرها " أنا أفضل أن أدفع أي مبلغ للزواج بشخص زواجا صوريا، انه أأمن لي من شراء عقد عمل، قد أكتشف أنه مزور فيما بعد أو ليست فيه ضمانات كافية ، و قد لا يفور لي الاقامة الدائمة". هكذا بررت كريمة رغبتها الكبيرة في الهجرة عن طريق الزواج الأبيض.

طفت اذن ظاهرة الزواج الأبيض على السطح، كبديل عن الهجرة السرية في نظر الكثيرين. و من بين الممارسات التي تصب في هذا الاتجاه، التجارة في الأعراض بعبارة أخرى. هناك من يفضل المتاجرة في ابنته للحصول على صفقات مربحة كأن يجعلها تتزوج مرة و اثنان و ثلاثة .........و عشرة، ليحصل هو على أموال مقابل أن توفر الأوراق للآخرين.
تنوعت الطرق الذي يختارها الشباب المغاربة ذكورا و اناثا لتحقيق الزواج الأبيض لكن النتيجة تظل واحدة، هي الحصول على فرصة يعتبرها البعض ذهبية للعيش في الضفة الأخرى.
بعد بحث مضي اسطاعت كريمة أخيرا الغثور على شريك حياة مزور ، مع ايقاف التنفيذ، و يتعلق الأمر بابن عم احدى زميلاتها أيام الدراسة. و هو شاب مقيم في ايطاليا منذ خمسة أعوام، و يعمل كسائق "أحسست بفرحة عارمة عندما أخبرتني صديقتي بأن لديها ابن عم قاطن بايطاليا و بامكانه قبول عرض الزواج الصوري لينقلني الى هناك" تحكي كريمة عن فرحتها.و هي تستعد نفسيا و ماديا لخوض غمار الهجرة و الزواج و لو بهذه الطريقة " دفعت مبلغ سبعة ملايين سنتيم حتى يوافق الزوج المنتظر على الزواج بي" تضيف كريمة بلغة بدأ نوع من الحزن يخيم عليها.

بعد عملية مزايدة حول المبلغ الذي سيأخذه الزوج تم الاتفاق على الحصة المذكورة.
ظنت كريمة أن أبواب الفرج فتحت لها وأن حلمها بالهجرة سوف يتحقق عما قريب، فقررت أن تقيم حفلا للزفاف بعض أفراد العائلة فقط، "لم يكن الهدف من إقامة حفل زفاف هو الحفل بعينه، بقدر ما كنت أسعى أن يعرف الجميع أنني سوف أغادر أرض الوطن" تتحدث كريمة بعد أن أخدت تنفسا عميقا ينم على أنها تخفي الكثير في قلبها، تستطرد قائلة:" بعد مرور ثلاثة أيام على زواجي غادر الزوج الصوري المغرب وهو يؤكد لي أن الفقرة التي ستأخذها عملية إعداد الوثائق للحاق به لن تكون طويلة".

غادر الزوج وغادرت معه أحلام كريمة ، مر شهر، اثنان، ثلاثة... وبدأت المدة تطول والشكوك تتسرب إلى كريمة.في كل مرة كانت تتل به لتستعلم سيرورة إعداد الأوراق، كان يقدم لها حجة مختلفة. ومع مرور الأيام تأكدت أنه لا ولن يفي بالاتفاق الذي كان بينهما، خاصة بعد أن علمت من أحد أقربائها يسكن بنفس المدينة التي يقطن فيها الزوج الصوري، أن هدا الأخير لن يقم بأي إجراء لإعداد أوراق كريمة."كانت صدمة مميتة بالنسبة إلي، لم يخطر ببالي يوما أن الأمور ستصير هكذا" قالت هده العبارات وبدأ الدموع تنهمر كالسيل من مقلتيها.

لم تقف القصة عند هدا الحد، بل بدا الزوج يصارح كريمة بأنه لن يفعل شيئا إدا لم تقبل أن تزيده أربعة ملايين سنتيم أخرى ، وإن رفضت لن يطلقها. "بغى يخليني ما أنا مطلقة ما أنا عروس" لم يكتف بدلك بل طلب منها أن تعطيه نفس المبلغ إن أرادت أن يطلقها. ابتزاز واضح وقعت فيه كريمة فلم ينفعها لا تدخل الأقارب ولا الأصدقاء للخروج من ورطة الزواج الأبيض.
إن قرار العديد من الفتيات والشباب الدخول في مغامرة الزواج لا يكلف الكثيرين النظر للخلف والتمسك بأخلاقهم ودينهم، فلا يأبهون لمعرفة عن كانت هده الخطوة مسموح بها سواء في نظر الدين والأخلاق المغربية.حيث يعتبر الزواج الأبيض في نظر الدين الإسلامي زواجا باطلا كما يؤكد دلك رشيد أبو معاوية خريج دار القرآن" الزواج الأبيض باطل لأنه يفتقر لشروط الزواج الحقيقي، ومن بينها الإعلان كما أن الزواج الشرعي أو المعتبر شرعا يجب أن يكون بنية الدوام، بينما الزواج الصوري لا يتوفر على هدا الشرط، وهو بدلك يشبه على هدا الحال زواج المتعة الذي حرمه الكتاب والسنة".

فنية الأطراف المثقفة على عقد زواج أبيض يكون غرضها مادي محض على عكس الزواج الشرعي حيث يرى الدكتور الحسن بلعيد أستاذ الدراسات الإسلامية ، "أن الزواج الصوري تغيب فيه نية الإحصان والعفاف وتكثير سواد الأمة".
وغدا كان "المارياج بلونش" من الناحية القانونية، يعتبر زواجا صحيحا ، فإن المشاكل التي تقع فيها الكثيرات تأتي عندما يرفض الزوج أو الزوجة أن يفي بالاتفاق المسبق ويبدأ بالابتزاز، حينها يدخل الشخص الضحية في متاهة القضاء للحصول على طلاق يخلصه من صفقة فاشلة.
"ما بني على باطل فهو باطل" هذه هي العبارات الأخيرة التي لا زالت كريمة ترددها وهي في انتظار أن ينظر القضاء في وضعيتها ويخلصها من ويلات وتبعات زواج كانت تعتبره حقا فإذا به ينقلب باطلا.

الخميس، 25 سبتمبر 2008

بأي برامج جئت يا رمضان

في الأيام القليلة التي سبقت حلول شهر الصيام، تنافست جل القنوات العربية علة القيام بحملات إعلانية للبرامج التي ستميز شبكتها في شهر رمضان، تنافست قناة (إم.بي.سي، وقناة أبو ظبي و باقة قنوات أ.إر. تي...والفضائيات المصرية) كل واحدة أعطت للمشاهد صورة عن نوعية المسلسلات والأفلام التي سيستمتع بها المشاهد طيلة 30 يوما.
القناتين المغربيتين الأولى والثانية سارتا على نفس النهج، فظل المشاهد المغربي ينتظر ماذا ستكون المفاجأة هذا العام ؟ ما الجديد؟ وهل ستعود ريمة لعادتها الدائمة؟ "كنت أتوقع أن يرقى مستوى البرامح المغربية على القناتين إلى ما هو أحسن من السنوات الماضية، لكني تفاجأت بهذا المستوى الخجول". بهذه العبارات تحدثت فاطمة وهي طالبة جامعية، كانت كباقي المغاربة تنتظر فرجة بمستوى جيد إلا أن القناتين المغربيتين عودتانا كل سنة على الرداءة، رداءة تفنن في نقلها لنا وككل رمضان وجوه أبكت المشاهد أكثر مما أضحكته فحلت به لعنة مشاهدة الضحك على الدقون." ماعرفتش شنو لي كيعجبهم فهادوك الممثلين ماكيضحكونا ما والو غير كيضحكو علينا" لم تتوان فريدة عن إبداء امتعاضها مما تشاهده يوميا مع موعد اللإفطار من سيتكومات "باسلة" تفقدنا الشهية ونخن في أمس الحاجة إلى الأكل بعد يوم طويل من الصيام كنا نأمل أن يكون ختامه مسك.

"السيتكوم" المغربي "كيف داك العام كيف هاد العام"
«السيتكوم» نوعية من المسلسلات وهي أيضا اختصار لتعبير "موقف كوميدي" بالانجليزية وقد بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية بالراديو وتحديداً في راديو شيكاغو ومع النجاح الكبير الذي حققه السيتكوم، كان من الطبيعي أن ينتقل إلى شاشة التلفزيون في عام 1947 وبالتحديد في شبكة تليفزيون" ديمونت".
وبمرور الوقت تعددت هذه المسلسلات الكوميدية التي لعب أغلبها علي فكرة العلاقة بين الرجل والمرأة الأمر الذي جعل البعض ينظر إليها باعتبارها مرآة تعكس التطور الاجتماعي والتغيير في علاقات الأزواج فإذا أردت التعرف على شكل الحياة في الولايات المتحدة، عليك متابعة مسلسلات السيتكوم.
التجربة الأمريكية إذن انطلقت منذ سنة 1947 وطورت نفسها مع مرور الوقت وأصبحت في مستوى يقتدى به على الصعيد العالمي.المغرب أيضا وكباقي الدول عاش هذه التجربة وإن كانت حديثة العهد مقارنة مع نظيرتها الأمريكية، لكن وللأسف لم تخلق من نفسها فضاء للتميز، خاصة والمجتمع المغربي الذي تستمد منه سيناريوهاتها يعرف تطورا متزايدا، وبالتالي لم ينجح السيتكوم المغربي من الرقي بالشكل المطلوب، فأصبحنا مجبرين على أن نشاهد كل رمضان "سيتكومات" متشابهة، سواء من حيث الوجوه أو من حيث المواضيع التي تعالجها أو من حيث السيناريوهات المعتمدة. "كون غير بلاما يديرو لينا الإعلان على هادوك السيتكومات، ويكولو لينا غير كيف داك العام كيف هاد العام ويهنيوا راسهم" يقول عصام 35 سنة موظف، بلغة تجمع بين الأسف وفقدان الأمل.فلم يفلح لا سيتكوم "يوم يشبه يوم" ولا مبارك ومسعود ولا حتى "سير حتى تجي" في جزءه الثالث، في إعطاء تلك الفرجة الممزوجة بخفة الدم المغربية الهادفة.
فملايين السينتيمات تخصص لإنتاج السيتكوم المغربي من دون نتيجة تذكر، فقد تم تخصيص مائة وخمسين مليون سنتيم لإنتاج سيتكوم "مبارك ومسعود".
من جهته اعتبر يحيى اليحياوي الباحث في قضايا الإعلام والاتصال في تصريح لإحدى الجرائد الوطنية أن هذه الوضعية مردها إلى أمرين: "إما أن هذه المواد (السيتكومات تحديدا) هي بمثابة هبة لأشخاص محددين كائنة ما تكن مضامين ما يعرضون. وأنا أزعم أن ثمة لوبيات ومصالح هي التي تتحكم في العملية. أو أن المعايير الجمالية والفنية لا تعتمد في الاختيار. وأزعم بهذه النقطة أيضا أن معيار الزبونية والمحسوبية هو المتحكم بالبداية وبالنهاية".

ويبدو أن هؤلاء المنتجين لا يكلفون أنفسهم عناء البحث عن ممثلين جدد والساحة الفنية تعج بهم،
وجوه ألفناها كل سنة حتى أصبحنا نضن أن الفكاهة المغربية أصابها العقم فلم تعد قادرة على إعطاء وجوه جديدة.فأين حسن الفذ الذي تميز بشكل كبير من خلال "شانيلي تي في"، وأين آخرون لم تعطى لهم الفرصة ليخلقوا التميز."باراكا علينا من الخياري وفهيد والجم... راهم طلعو لينا فراسنا، بغينا الجديد" يقول السي عبد الرحمان عجوز حفرت السنين في وجهه أخاديد تعكس طول تجربته ومعرفته بالمجال الفني والوجوه التي تسبح في فضائه.
وفي تصريح له يرى الناقد الفني محمد جبراوي أن المشكلة تتلخص في كون برامج التلفزيون المغربية لا يتم إنتاجها إلا نادرا وقال موضحا "في المغرب لا ينتجون سوى برامج التلفزيون لرمضان ويترك الفنانون بقية السنة دون عمل. ولا يطلب منهما تقديم خدماتهم سوى في اللحظات الأخيرة وهذا يعني الارتجال بحيث لا يتسع لديهم ما يكفي من الوقت للاستعداد".

وأضاف "العديد من الفنانين الكوميديين يقبلون عروضا رديئة حتى تسنح لهم فرصة الظهور في التلفزيون نظرا لندرة الفرص ومن الطبيعي أن يقدموا أداء لا يلبي تطلعات المشاهد".

"حوتة وحدة كتخنز شواري"
ولشدة امتعاض المشاهد المغربي وملله من الرداءة على مستوى الكوميديا التي هو في أمس الحاجة إليها في ظل المشاكل التي يعج بها المجتمع، لم يعد قادرا على قول كلمة حق بخصوص باقي الإنتاجات المغربية في القناتين الأولى والثانية، بحيث ظهرت بعض الأعمال في المستوى مقارنة مع العام الماضي كالسلسلة البوليسية "القضية"و" البعد الآخر" ومسلسل "رمانة وبرطال" والجزء الثاني من المسلسل المغربي "أبرياء" وكاميرا النجوم أيضا. إلا أن ضعف مستوى بعض الأعمال التلفزية حجب على المشاهد نجاح البعض الآخر ليضع الكل في خانة واحدة "بكثرة ماكانشوفو مور لفطور غير التخربيق كل عام مابقاوش كيبانو لينا باقي الأعمال الفنية اللي فيها مايتشاف" يضيف السي عبد الرحمان ضاحكا...

"الله يجيب اللي يفهمنا"

من الطبيعي أن يكون النقد والنقد البناء خاصة عاملا أساسيا في تغيير الواقع من سيء إلى حسن تم إلى أحسن ، إلا أن الإنتاجات التلفزيونية المغربية وخاصة "السيتكوم" تأبى إلا أن تأخذ على عاتقها التطور والتحسن رغم السيل الموجه لها من الانتقادات على صفحات جل الجرائد الوطنية، وتأبى إلى أن تستمر في إنتاج "الرداءة" ولا شيء سواها، عام تلوى الآخر، ورمضان تلوى رمضان. لتجد نفسك أمام نفس الانتقادات والاقتراحات لأشكال جديدة من المواضيع. لكن يعجبك بعض هؤلاء الفنانين الذين ينقلون لنا يوميا أسلوبهم في الضحك الّذي أصبح متجاوزا، تجدهم يطلون في خرجاتهم الإعلامية كرد على هذه الانتقادات ويقولون "الحمد لله نحن نحاول دائما أن نستفيد من أخطائنا ونصححها في الأعمال القادمة فهذه الانتقادات لن تحبطنا بل ستزبد من عزيمتنا للاجتهاد وتقديم ماهو أحسن".
المشاهد المغربي سئم هذه التصريحات المستنسخة، ويريد أعمالا فنية تأخذ بعين الاعتبار انتقادات الصحافة وآراء النقاد، كما تعبر عن ذلك لطيفة وهي أستاذة جامعية مستطردة " نحن على مشارف نهاية شهر رمضان، نريد أن يصيبكم الإحباط حتى تبتعدوا عن ساحتنا وتفسحوا المجال لتقديم الجديد العام القادم أو تبحثوا عن طرق جديدة لخلق الفرجة الهادفة".

الجمعة، 15 أغسطس 2008

مافيا حافلات الدار البيضاء تزرع الخوف في نفوس راكبيها

"حضي راسك لا يفوزوا بيك الشفارة"

كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الزوال حيث قررت حياة أن تستقل الحافلة متجهة لمحطة القطار الدار البيضاء الميناء قادمة من عملها. داك اليوم هو الموافق لنهاية الشهر. اليوم الذي اعتادت حياة أن تقبض مرتبها الشهري من عملها كموظفة. بعد وقوفها لمدة عشرة دقائق في محطة الحافلات . هاهي الحافلة قادمة تترقبها حياة كموجة خرجت من بطن بحر هائج مليء بالخوف نعم فحياة خائفة من أن يسلبها احد اللصوص مرتبها أثناء صعودها الحافلة وحتى داخلها فقد بات هناك لصوص محترفين في السرقة متخصصين في الحافلات. ظاهرة تقض مضجع كل بيضاوي وهم يحمله وهو يضع قدماه على الدرج الأول للحافلة "ترى هل سأسلم من اللصوص اليوم أم سيحرمني احدهم نشوة الاستمتاع بمرتبي ولو لساعات". تلك هي العبارات التي كانت تجول في دهن حياة و هي تهم بالصعود إلى الحافلة متأبطة حقيبتها و شفتاها لا تردد سوى كلمة "يارب تحفضني من هاد ولا كرام" .
مرات قليلة هي تلك التي كانت تسلم منها حياة من مافيا الحافلات "في كل مرة كنت اركب الحافلة أخاف من أن يتربص إلي احدهم.كما حصل لي في داك اليوم حيث كنت عائدة من عملي ,و في زحمة الحافلة أمسك بي أحد اللصوص و أخرج سكينا فيما وقف الأخر حائلا بيني و بين باقي الركاب و أخدا يبحثان في حقيبتي حتى وجد البزطام أخذاه فانسلا وسط حشد الركاب و نزلا بسرعة البرق" . تحكي حياة و الدموع تخالج مقلتيها "ما بقاش في البزطام اللي سرقو ولكن بقى في الحال لأنه لم يتدخل أحدهم لتخليصي من هادان اللصان."
كثيرة هي الحالات التي تحدث فيها السرقة في الحافلة و الركاب تراهم مكتوفي الأيدي و كأنهم يتفرجون أمام شاشات منازلهم ويكتفون بقول اللهم إن هدا لمنكر في سرهم و دلك أضعف الإيمان.



البيضاويون خائفون من لعنة اللصوص.
الخوف , اللامبالات و غيرها من الأسباب التي تجعل البيضاويين لا يتدخلون أمام شخص يتعرض للسرقة من غير أن يدري , "أنا كنبغي ندخل ملي كنشوف شي واحد كيتسرق و لكن كنخاف لنصدق حتى أنا مكريسي" يقول أحمد 30 سنة موظف وهو يحك جبينه خجلا من كلامه ربما لأنه دلك يتعارض إلى حد ما مع شيم الرجولة التي ما فتأت تغيب على بعض الذكور ليس فقط في مجال السرقة بل في كتير من المواقف .
"لم تعد هناك قيم المروءة و الرجولة , عندما يتفرج الرجل على امرأة تقف بجانبه في الحافلة و هي تتعرض للسرقة من دون أن تدري, ألا يخطر بباله أنها قد تكون أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته في ذاك الموقف. أو ربما هو نفسه ماذا يكون رد فعله آنذاك" بهذه العبارات تصف حليمة 23 سنة طالبة ما تشاهده يوميا في دوامة حافلات "كزبلانكا" في واضح النهار." أنا ما فهمتش علاش ولا فينا الخوف كثر من لقياس" تضيف حليمة و تقاسيم وجهها تنم على تأسفها من حالة الحافلات في غياب الأمان.
اصيبت حياة بحالة من الهستيريا وسط الحافلة في ذلك اليوم المشؤوم كما تصفه بقي جميع الركاب مندهشون .. لرد فعلها صمت، لم يدم طويلا حتى تكلم احدهم قائلا ما تبكيش ابنتي هادوك راه أولاد الحرام ما كيوقرو حتى واحد" كان رجلا عجوزا بالكاد يستطيع الحركة والكلام تقول حياة صرخت في وجه الجميع وقلت لهم "حشوما عليكم ما بقاوش الرجال وما بقيش فيكم" ربط احدهم على كتفها ليواسيها وقال لها "في مثل هذه الحالات لا تتوقعي أن يتدخل احد لتغيير ما وقع"، فقد سبق وقام الرجل بدور البطل وتدخل في إحدى حالات السرقة وسط ازدحام الحافلة فهرب اللص وتربص به في محطة أخرى وانتقم منه شر انتقام، حيث جرده من كل مايحمل من نقود وطعنه بسكين في كتفه حتى أغمي عليه.
انه الخوف ادن هو الدفاع امام حالات السرقة وسط زحام الحافلات.

لصوص اميون مدمنوم .....ومحترفون

بعد حالات الذعر التي خلفها حادث السرقة، تصل حياة إلى منزلها منهكة حزينة وعبارة " الله ياخد فيهم الحق" لاتفاقها. تقول حياة بعد وصولي إلى المنزل دهش الجميع للحالة التي كنت عليها داك اليوم قصصت عليهم ما وقع تألموا لحالي. " لقد كثر لصوص الحافلات في الدار البيضاء من دون أن تتدخل السلطات وتعيد الأمان للركاب" يتحدث أخ حياة 45 سنة إستاد وهو يحاول تهدئة أخته.
إن اغلب هؤلاء اللصوص مدمنين ومتشردين لايجدون مأوى ولاطريقة لجلب المال سوى اصطياد "البزاطم". وانت تقوم بعملية مسح لأعضاء هده المافيا تجدهم و سمياهم على وجوههم من اثر ما يتعاطونه من مدخرات وأقراص مهلوسة تفقدهم السيطرة على عقولهم فتبدي لهم القبيح طيبا و السرقة أسهل طريق لجلب المال و شراء المخدرات.
"لم أفكر يوما و أنا أسرق أحدهم أن ما أقوم به يتعارض مع القيم و الأخلاق أو الدين" يقول هشام 21 سنة و الندوب رسمت خريطة على إحدى خديه من آثار تناول الأقراص المهلوسة. "أنا ما قاريش و ما خدامش و ما عندي منين نجيب لفلوس" يضيف هشام بلغة أختلط فيها الجد بالهزل و عيناه تبدوان كأن النوم فارقهما مند ليالي و ليالي.ليست الأمية هي الدافع الأول للجوء هؤلاء الشباب إلى اصطياد جيوب ركاب الحافلات بل أيضا الظروف الاجتماعية. فقلة الحاجة تولد الشر في نفوس البعض حتى المتعلمين منهم. "حصلت على شهادة البكالوريا و لم أجد ما أقوم به بعد فشلي في الجامعة، تعرفت على أحد الشبان علمني السرقة فصرت محترفا في ظرف أسابيع، قلت الشي كترشي" بهده العبارات يجيب العربي مصحوبة بقهقهة و هو ينتشي سيجارته، حيت لم يمنعه ولوجه فصول العلم من ارتكاب جرائم السرقة.
و يرتكب البعض السرقة و هم من غير معتادي الإجرام نتيجة لتعرضهم لظروف قاسية متل الفشل في تحقيق بعض طموحاتهم أو حين يتردى وضعهم الأجتماعي و قد يفشل بعضهم في أيجاد أي عمل فلا يكون له اختيارات غير الاتجاه للسرقة للحصول على متطلبات الحياة، و قد يقلع بعض هؤلاء اللصوص بعد تحسين ظروفهم المادية غير أن نسبة منهم يستمرون في احتراف السرقة لأنهم ربما يجدونها الطريقة الأسهل في الحصول على المال. فصول عمليات السرقة لا تحدت فقط على مرأى من الركاب بل أيضا سائق الحافلة وموزع التداكر يساهمان في تفاقم هده الظاهرة بشكل كبير.لأنهما يعرفان جيدا وجوه لصوص الحافلات و رغم دلك يسمحان لهم بالركوب دون أداء تمن التذكرة "انه تواطؤ صريح و معلن بين هؤلاء اللصوص و موزع التداكر، لا أفهم لمادا لا يعيره أي انتباه و يجعله يقضي غرضه و يمضي بسلام. " تقول حياة و علامات التعجب تملأ وجهها. ربما الخوف دائما وأبدا هو الذي لا يحرك نفوس سائقي الحافلات وموزعي التذاكر خصوصا و أن مهنتهم تجعلهم في احتكاك يومي مع وجوه مختلفة تجمع بينها الرغبة في الوصول إلى الفرسية في اقرب وأسرع وقت وأسهل طريقة ممكنة ودون مشاكل. "فالحقيقة ماكرهناش كون دارو في كل طوبيس بوليسي ولاجوج باش يحشمو شويا دوك الشفارة" هكذا علقت احدى مرتديات الحافلة وهي تصعدها رفقة حياة ممسكة بحقيبتها بقوة خوفا من أي يد تتسلل إليها من دون أن تدري.
انتشار ظاهرة السرقة في مدينة الدار البيضاء لم يلفت انتباه رجال الأمن رغم تدمر المواطنين من هده المضايقات لتبقى شكاويهم حبيسة الأزقة والشوارع والموائد من دون اللجوء إلى مراكز الشرطة قصد الشكاية، "لا احد يريد أو لديه الرغبة في تقديم شكايات في أقسام الشرطة لأنهم يعرفون أن لاحياة لمن تنادي". هكذا قالت حياة في نبرة تجمع بين اليأس والحسرة.
بعد صعود حياة الحافلة وهي تتأبط حقيبتها الممتلئة براتبها الشهري، استطاعت أن تنفد بمعجزة من أيدي القناصين، لتصل إلى منزلها منتشية فرحة انتصارها على لصوص الحافلات، ونجاحها في مهمة طالما كانت تجدها صعبة التحقق، وحافلات الدار البيضاء تئن تحت وطأة عصابات تتزايد بتزايد ساكنة المدينة.