الاثنين، 3 نوفمبر 2008

"الزاوية الهماوية" تستقطب السياسيين والفنانين وبعض المحسوبين على الحركة الأمازيغية




يقولون مشاكل البلد لا يمكن أن تحل إلا عبر حزب سياسي، وهذا الإطار السياسي سيكون –كان المشكل بالنسبة إلينا في البداية-ولم يكن ذلك ممكنا في الأول لأن الحزب سيكون آنذاك مجرد رقم ومآله الفشل".
هذا الكلام للرجل الذي استطاع أن يصنع من نفسه رجل الساعة، أقام الدنيا ولم يقعدها لحد الآن، وأثار ضجة سياسية محبوكة السيناريو بشكل دقيق، توالت خرجاته الإعلامية منذ استقالته من كرسي الداخلية واتخاذه لقرار خوض غمار اللعبة السياسية، تفننت الأقلام في تحليل خطواته وربطها في مسار حياته الذي انطلق من صخور الرحامنة ليحط الرحال قبة البرلمان، ومن يدري ربما في جعبته المزيد من المفاحآة.
فلم يتوقف الجدل حول مرامي صديق الملك محمد السادس، ولازالت تطرح حوله أسئلة عديدة بتعدد وغموض الإجابات وذلك مع كل حركة يقوم بها في المشهد السياسي المغربي.
بالعودة إلى تصريحه عقب تأسيس "حركة لكل الديمقراطيين" في اللقاء التواصلي الذي عقد بأكادير، نجد أن الرجل قرر الانتقال من العمل على جبهة "حركة لكل الديمقراطيين" بعد أن أسس توا بثها إلى النظر إلى الخطوة التي جاءت فيما بعد وهي تأسيس الحزب. خطوة شابها الكثير من الغموض لكون صديق الملك والمحسوبين على حركته صرحوا غيرما مرة بأن تأسيس حزب سياسي فكرة وقرار مستبعد وغير مسطر في أجندتهم، حيث صرح زعيمهم في مناسبات عديدة قائلا "نحن حركة ولسنا حزبا سياسيا ولا نفكر في تأسيس حزب سياسي". لكن بين عشية وضحاها بدأت السيناريوهات تتغير، وبدأت مؤشرات حزب تلوح في الأفق.
فلماذا إذن هذا الغموض في أخد القرارات؟ هل هو سيناريو متعمد لجس نبض مختلف الفرقاء السياسيين؟ أم أن شيخ "الزاوية الهماوية" لم يكن يتوفر آنذاك على ما يكفي من الجرأة السياسية ليؤكد أن الحركة ما هي إلا خطوة أولى في مشوار الألف ميل كما يقولون؟

ربما لا ننسى أن المغاربة لديهم من الذكاء ما يكفي لمعرفة وسبر خبايا الأمور، وقراءة ما وراء السطور "قبل ما طيح الفاس فالراس"
*حزب الأصالة والمعاصرة يجمع ما حصده تراكتور الهمة
وأخيرا انتهى مخاض حركة لكل الديمقراطيين، لتعطي مولودا جديدا قديما، يجمع في تشكيلته الفزيولوجبة بين الأصالة والمعاصرة. لتبدأ سلسلة التخمينات حول حيتيات ميلاد هذا الحزب، في محاولة من وسائل الإعلام والأوساط السياسية لرسم ملامحه. فعراب الحزب الجديد فؤاد عالي الهمة مؤسس حركة لكل الديمقراطيين أبى إلا أن يؤسس حزبا ضم خليطا من خمسة أحزاب معروفة بهشاشتها السياسية، يجمعها قاسم مشترك، وهو فشلها السياسي في الانتخابات التشريعية لسنة 2002 و2007، (حزب رابطة الحريات، حزب العهد، حزب البيئة والتنمية، حزب مبادرة المواطنة، والحزب الوطني الديمقراطي) ورفعت جلها خلال حملاتها الانتخابية السابقة نفس الشعار الذي يحمله الحزب الجديد، ولم تحصل مجموع هذه الأحزاب في الانتخابات التشريعية الأخيرة إلا على 8.68 بالمائة من عدد الأصوات.
فإذا كانت لغة الأرقام تؤكد فشل هذه الأحزاب الخمسة والتي أصبحت أربعة فيما بعد، بعد انسحاب الحزب الوطني الديمقراطي، فلماذا نجد أن تصريحات مؤسسي حزب الأصالة والمعاصرة سواء الأعضاء في "حركة لكل الديمقراطيين" أو أعضاء الأحزاب المنصهرة، تشيد بهذه الخطوة وتعتبرها نقلة نوعية منبثقة من تحليلها للواقع الوطني" كما صرح بذلك الأمين العام لحزب الهمة حسن بنعدي لإحدى الصحف الوطنية، و وصف عدد من قادة هذه التنظيمات الحزب "بالقوى" الذي سيمكن من التوفر على قطب سياسي قادر على التغيير في الساحة السياسية.
ولعل النتائج الأخيرة المخيبة التي حصدها تراكتور الهمة في كل من آسفي ومراكش، تجعلنا نتساءل هل فعلا أن حزب الأصالة والمعاصرة وما أثاره من ضجة سياسية قبل وبعد تأسيسه قادر فعلا على قلب الموازين؟ ربما هذه النتائج قد تجعل " الزاوية الهماوية" تعيد ترتيب أوراقها استعدادا لما هو آت، وربما هذه فرصة أيضا لأولائك الملتفون حول "الزاوية" ليتأكدوا فعلا من أن شيخهم قادر على قضاء تلك الحوائج المخبأة تحن جلابيبهم والتي تحتاج إلى من يزكيها ويعطيها "الهمة والشان"؟.
منذ إطلالة صديق الملك على الساحة السياسية، تناسلت الأحاديث وتوالت ردود الأفعال بين المؤيدة والمعارضة لتحركات وتصريحات الهمة ، ولأن المؤيدين كانوا أكثرمن المعارضين ، والمنظمين إلى حزب الأصالة والمعاصرة كانوا أكثر من المنشقين. فالأمر يستدعي منا التساؤل عن سبب هذه الثورة التي خلفها حزب الهمة على الساحة السياسية بل وحتى الاجتماعية؟ ولماذا هذا الكم الهائل من المساندين لمشروع الحركة والحزب الجديد والذين ينتمون إلى مختلف الأطياف السياسية والألوان الاجتماعية ؟

"اللي بغا الهمة والشان ... "
بعد مرور أشهر قليلة على ميلاد حركة لكل الديمقراطيين , استطاعت أن تظم في صفوفها العديد من الحزبين والسياسيين والمثقفين والفنانين والرياضيين، فمن كل فن طرب , من اليمين إلى اليسار مرورا بالوسط , بل واستطاعت أن تنفذ إلى أحزاب ومؤسسات وتجتذب منها مساندين تنكروا لمبادئهم ليس حبا في الديمقراطية ولا في سواد عيون الحزب الجديد بل طمعا في نيل بركة " الزاوية الهماوية ".
استطاع عالي الهمة إذن أن يحقق المعادلة الصعبة « أردنا أن نهتم بالسياسة, بالرياضة وبالثقافة, بالموروث وبالهوية. إن هدفنا أن نعطي الإطار المناسب للتعاون المحلي والجهوي بين المنظمات غير الحكومية " .
فتصريحه هذا كما جاء في حوار أجراه مع إحدى المجلات الوطنية, إن دل على شيء فإنما يدل على أن الرجل القادم من الداخلية، صدق حين قال " لدينا رؤية وسنذهب في الطريق الصعب, وليس لنا الحق في ارتكاب الخطأ" .
توافدت إذن العشرات من الشخصيات من عالم المال والأعمال والفن والثقافة ومن مختلف مناطق المغرب على تقديم طلبات العضوية داخل حركة الهمة , فعلى رأس أصحاب الشكارة , نجد مصطفى باكوري مدير صندوق الإيداع والتدبير وعزيز أخنوش وزير الفلاحة والصيد البحري وأحمد أخشيشن وزير التربية والتعليم , وصلاح الدين مزوار وزير الاقتصاد والمالية الذي خلع قميص التجمع الوطني للأحرار, وشاعر الحركة صلاح الوديع، الذي عاش سنوات الضياع خلف أسوار الاعتقال السياسي في سجن القنيطرة. ونعيم كمال الصحفي السابق في جريدة حزب الاستقلال ، وأحمد حرزني رئيس المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان الذي كان من مناضلي حركة " لنخدم الشعب " اليسارية في السبعينيات، والقائمة طويلة تضم أسماء لها وزنها السياسي داخل المجتمع , منها من تنكر لحزبه ومنها من تناسى مبادئه وماضيه القريب البعيد حتى ينال شرف مجالسته ومشاركة صديق الملك في تحقيق مشروعه من دون أي خطئ على حد قوله .
ربما يحق لنا أن نتساءل عن الأسباب التي تجعل شخصا له وزنه السياسي ، يغير جلده كالثعبان بين عشية وضحاها بل وحتى الثعابين تأخذ وقتها الكافي لتقوم بهذه العملية تدريجيا ماشي "سلم عليه زرب عليه ".
إن الضعف الذي تعرفه الساحة السياسية ببلادنا والحزبية منها خاصة هو الذي أنتج مثل هده الأوضاع فأصبح الكل يتصارع من أجل الفوز برضى الهمة، والدخول في حزبه وحركته. ولأدل على ذالك تلك الإشاعة التي تداولها الحقل السياسي ومفادها أن حوالي 180 برلمانيا أعربوا عن نيتهم في الانضمام إلى الفريق الذي ينتمي إليه الهمة, مما يجعلنا أمام صورة كارثية ومهولة للواقع السياسي نقلتها وسائل الأعلام بعد تشريف صديق الملك إلى قبة البرلمان .
ويعتبرا لمتتبعون للحقل السياسي أن السيد فؤاد عالي الهمة أصبح بمثابة تلك الشماعة التي يطمع العديد من أولائك الذين استجابوا لشعار " انظموا... انظموا " تعليق فشلهم السياسي عليها والذي يشهد عليه التاريخ و تؤكده صناديق الاقتراع والمشاركة الخجولة للمواطنين في الانتخابات .
فهل الديمقراطية الحقة تقتضي أن نبجل شخصا ونضفي عليه من المواصفات والبهارات ما يجعل منه زعيما مفترضا ؟.
ولا يستغرب البعض من قدرة هذا الشخص في وقت قياسي على استقطاب هذا الكم الهائل من المساندين له, استقطاب لم يكتفي فقط بالمناضلين الحزبيين الذين كانوا بالأمس القريب ينتمون إلى أحزاب أخرى قبل إطلالة حزب الأصالة والمعاصرة ، بل شمل أيضا منظمات المجتمع المدني في خطوة إن دلت على شيء, فإنما تدل على ضعف هذه المنظمات، الأمر الذي يفسره بحثها عن مكانة مريحة في سباق مع الكل للظفر بغنيمة السلطة والثروة والقرب من مركز القرار .
ولا يسعنا إلا أن نقول صدق الباحث يحي يحياوي في قوله لإحدى الصحف الوطنية " مخطئ من يراهن على أناس من هذه الطينية لبناء مقومات مجتمع المدني لاتغريه المناصب أو يعتريه النفاق من بين يديه أو من خلفه".
* حركة لكل الديمقراطيين ..... حركة لكل الفنانين والرياضيين.
جحافل المنظمين سواء إلى " حركة لكل الديمقراطيين أو حزب الهمة , لم تكفي فقط بربح ورقة العضوية, بل أبت إلا أن تشارك الهمة في كل خرجاته لتؤكد هذا الأمر. فنانون ورياضيون حضروا رفقة الهمة في كل المهرجانات الخطابية والتجمعات التي كان ينظمها الهمة منذ إطلالته الأولى على الساحة السياسية , وكلنا يعرف أهمية استغلال وجوه معروفة لدى المواطن المغربي حققت شهرتها الفنية والثقافية, وماذا يمكن أن تفعل, وكيف يمكن أن تخدم مصالح من تظهر إلى جانبهم, فحضور المثقفين والفنانين وحتى الرياضيين, ليس فقط للبهرجة وتأثيث الاجتماعات والمهرجانات بل له غايات وأهداف لايعلمها إلا الراسخون في تمرير خطاباتهم إلى المواطنين، وان كانت بعضها بالمرموز والأخرى بالواضح.
وبالعودة إلى الانتخابات التشريعية التي جعلت الهمة يضع أولى خطواته داخل قبة البرلمان، نجد انه والى جانب الفاعلين السياسيين والفاعلين في المجتمع المدني، رياضيون عبروا بالواضح عن مساندتهم لتراكتور الهمة وعلى رأسهم البطل العالمي السابق هشام الكر وج. فقد حضر هذا الأخير جميع اجتماعات الهمة بمنطقة الرحامنة، كما صاحبه في جولة انتخابية لبعض الدواوير المجاورة. وفي أول تصريح للكروج عن سبب وقوفه إلى جانب الهمة قال إنه فضل المجيء إلى بن كرير عوض الذهاب إلى "أوساكا" لتحميس الشباب للمشاركة السياسية." جئت إلى هنا لكي أمنح للناس ثقة في المستقبل والانخراط في سلسلة التنمية الذي بدأه المغرب".وبالرغم من أنه تهرب من إبداء مساندته الكاملة لفؤاد عالي الهمة أثناء حديثه، إلا انه كان يستعمل شعار حملته الانتخابية آنذاك في كلامه وهو " الكرامة والمواطنة".
وكان إلى جانب الكر وج العضو في "حركة لطل الديمقراطيين" محمد مجيد رئيس الجامعة الملكية الذي لم يخفي مساندته للهمة قائلا " أنا متأكد أن المنتخبين عندما سيذهبون إلى صناديق الاقتراع سيقولون يموت الهم ... يحي الهمة".
لائحة الرياضيين لا زالت طويلة، ومع إشراقه كل يوم يزداد عددهم وتزداد معهم مآربهم في الوقوف إلى جانب الهمة. فلا هشام الكر وج ولا محمد مجيد كانوا أول المساندين" للزاوية الهماوية" ولا مصطفى الحداوي، وحسن ناظر ولا حتى فاطمة عوام وحسنة بنحسي سيكونون آخر المصفقين لخطبة الزعيم.
الفنانون والمثقفون كان لهم دورهم ومكانتهم داخل حركة وحزب الهمة فاللائحة تجاوزت السياسيين والجمعويين ورجال الأعمال وحتى الرياضيين، لتضع أسماء فنانين لهم وزنهم داخل المجتمع وداخل المشهد الفني المغربي.
ولعل اجتماع "حركة لكل الديمقراطيين" التواصلي الذي نظم بالدار البيضاء، عرف حضورا لوجوه فنية معروفة بعطاءاتها الفنية في مجال السينما، المسرح، والتلفزيون، وحتى الأغنية المغربية... وتوال حضور هؤلاء إلى جانب الهمة وحزبه كان آخره الحملة الانتخابية البرلمانية الجزئية بمراكش، والتي إن كانت قد خيبت آمال حزب الأصالة والمعاصرة بعد هزيمة مرشحه الحبيب بلكوش أمام مرشح الحزب الدستوري الملقب "بولد العروسية".إلا أنها أبانت عن حجم دعم الفنانين والمثقفين لعالي الهمة وقيادات حزب الأصالة والمعاصرة، دعم ترجمته وجوه مثل الفنانة حبيبة المد كوري، وفركوس، و"ستيف راكامان" واللائحة طويلة. مما يجعلنا نتساءل هل فعلا حزب الهمة و"حركته لكل الديمقراطيين" مفتوحة أمام جميع فعاليات المجتمع ومنهم الفنانون والمثقفون؟ وهل هذا الانفتاح هدفه خدمة المشروع الديمقراطي الذي ينادي به الهمة؟.
الوضع أيضا يدفعنا على القول، هل اهتمام حركة وحزب الرجل السابق في الداخلية بالفن والفنانين والمثقفين هو فعلا من بين النقط المسطرة في أجندته؟ وهل سيتنفس هذا القطاع الصعداء أخيرا وتحل له مشاكله التي لا تعد ولا تحصى؟ أم أن الأمر لا يعدو أن يكون رغبة من الهمة ور فاقه في استغلال شهرة هؤلاء ومكانتهم لدى الشعب المغربي لتمرير خطاباتهم؟ أو ربما تكون هناك رغبة من هؤلاء الفنانين والمثقفين في نيل رضى صديق الملك، والتقرب منه وتحسين وضعيتهم. فمن يدري قد يبتسم لهم الحظ كما فعل مع ثوريا جبران قريطيف، التي عاشت في فلك إحدى تنظيمات اليسار، فباتت وزيرة دون انتماء سياسي بعد زيارة قصيرة لصخور الرحامنة

الإسلاميون موجودون رغما عن أنف الهمة
لماذا استطاع حزب الهمة وحركته أن يخلقا هذه الثورة في صفوف مختلف الفرقاء السياسيين وفعاليات المجتمع المدني؟ والغريب في الأمر أنه في الوقت الذي أصاب الجميع هوس أسمه الهمة، وسارعوا للدخول إلى بلاطه، استطاع آخرون الوقوف أمامه وتحذير الناس من " شره القادم" بل ومنهم من" سلم عليه البارح، وقلب عليه وجهو اليوم"، ومنهم من أنبه ضميره السياسي واعتبر أن الرجل بريء مما وصف به من "استبدادية الخطاب" و"مخزنة النخب"... براءة الدم من دم يعقوب.
ولعل أول من أعلنه الهمة خصما سياسيا له، حزب العدالة والتنمية، فإقدام فؤاد عالي الهمة على تأسيس حزب كبير لقطع الطريق على "الإسلاميين" وعلى كل الأحزاب الوطنية واليسارية، ربما يندرج في سيرورة إعادة إنتاج نفس الهياكل السياسية التي تقف وراءها المؤسسة المخزنية وأجهزتها الإدارية كما وقع في انتخابات 1976-1977 على يد أحمد عصمان، والذي ساندته آنذاك المؤسسة المخزنية لإعداد الأعضاء المؤسسين لحزبه وإنشاءه لمؤسسة إعلامية كبيرة لتصريف خطاباته.
الإسلاميون موجودون رغما عن أنف الهمة، أكدها عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية أينما حل وارتحل، كان آخرها خلال ندوة نظمت بالرباط تحت عنوان "انتخابات 2009 غدا" حيث اعتبر أن حزبه له كامل الثقة في نفسه، غير أنه أبدى تخوفه من تحيز أجهزة الدولة لحزب الأصالة والمعاصرة ضد الأحزاب الأخرى.الهمة إذن يريد أن يخلق درعا يقف في وجه حزب العدالة والتنمية بشكل خاص، فهو ضد "استخدام الدين في السياسة" أو ما يصطلح عليه "أدلجة الإسلام" لأن من يصفهم الإسلاميين "يهددون الإسلام المغربي" الذي يسعى صديق الملك محمد السادس إلى تحقيقه.
المقربون من الرجل الثاني في المملكة يعتبرون مواجهة الإسلاميين ليست بالمهمة الوحيدة الموكولة إلى "حركة لكل الديمقراطيين"، بل إن هناك مهمة أكبر تتجلى في خلق قطب ليبرالي ديمقراطي، نظرا لافتقار المشهد السياسي لهذا القطب وارتكازه على قطب يساري وقطب محافظ يضم الإسلاميين .
أما الإتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية, فقد تبنى للوهلة الأولى موقفا متشددا من الهمة الذي وصفه بالوافد الجديد , وأصدر بلاغا يقول فيه أن النتائج التي أسفرت عليها الانتخابات التشريعية ل 7 شتنبر والخريطة السياسية التي وضعت عليها الحكومة , لهما علاقة بهذا "الوفد الجديد " على حد قولهم , وماهي إلا مؤشرات تبشر بعودة أجواء مرحلة كان يعتقد الاتحاديون أن التوافق قد حصل من أجل تجاوزها .
محمد اليازغي الكاتب الأول المستقيل حذر بدوره من حركة الهمة قائلا " لايمكن لأي حركة أن تعتمد على وسائل الدولة , فالملك لايحتاج إلى حزب يؤطر المواطنين, لأن المؤسسة الملكية هي اليوم مساندة من طرف كل القوى ". موقف تغير في الأيام التي تلت الانتخابات الجزئية بكل من مراكش وأسفي وتزنيت, وعاد ليتراجع عن البيان الذي أصدره المكتب السياسي لحزب الوردة, واعتبر أن " البيان كان ظرفيا أملته الحملة الانتخابية ".
فلماذا تراجع حزب الإتحاد الاشتراكي عن موقفه من حزب وحركة الهمة ؟ هل فعلا لنتائج الانتخابات الجزئية دخل في هذا القرار ؟ أم أن حزب الوردة استغل هذه النتائج التي جاءت لغير صالح الهمة وأصحابه من اجل انقاد الوضع وإصلاح ما يمكن إصلاحه مع حزب الأصالة والمعاصرة وحركة لكل الديمقراطيين؟.
خماسية الحزب الجديد التي ضمت حزب رابطة الحريات حزب العهد, حزب البيئة والتنمية,وحزب مبادرة المواطنة,ثم الحزب الوطني الديمقراطي لم تدم طويلا وربما أصابتها عين الحسود, فبين الأمس واليوم أصبح حزب الأصالة والمعاصرة يظم فقط أربعة أحزاب بعد الانشقاق غير المتوقع للحزب الوطني الديمقراطي . القرار اتخذه عبد الله القاديري الأمين العام للحزب, وإن كان لم يلقى رد فعل داخل حزب الهمة أو من الهمة نفسه يوازي حجم قرار الانشقاق, إلا انه أذى ومما لاشك فيه إلى خلخلة موازين القوى داخل تشكيلة الحزب .
ربما جاء قرار القادري ليصحح أخطاء وقع فيها بعد السرعة التي وصفت بها عملية انضمام حزبه إلى فريق الهمة. وفسر القادري هذا التراجع في حوار أجراه مع إحدى الصحف الوطنية, بأنه "كان لأسباب وعوامل موضوعية هي التي حتمت علي ذالك, ولست في حاجة لمن يوجهني بعد ثلاثين سنة من الممارسة السياسية والخوف من أن يقال إن القادري باع الحزب أو قتله".
فإذا كان الكثيرون يصفقون ويطبلون لخطبة زعيمهم الهمة ويتمنون رضاه ونيل شرف الانضمام إلى حزبه أو حركته فلماذا يعتبر عبد الله القادري أن حزبه كان سيتكبد خسارة كبيرة لو ظل مندمجا " في مجال لاعلاقة له به, ومع أناس لاشيء يجمع بينه وبينهم، ولن تتحقق معهم أي أهداف مشتركة؟ ".

*الهمة يغازل الأمازيغيين
اكتساح فؤاد عالي الهمة لجل منظمات وهيئات المجتمع المدني، امتد ليصل إلى الجسم الأمازيغي حيث علق البعض عن مغازلة الهمة للأمازيغيين، بسعيه لكسب مزيد من النقط كان قد أضاعها بعد أن تخلى عن مكانته لصالح بعض منافسيه في دائرة المحيط الملكي. كما وصفه البعض الآخر باستغلال نفوذه لتحقيق أهدافه، تقول أمينة بنشيخ مديرة جريدة "العالم الأمازيغي" وعضو المجلس الملكي للثقافة الأمازيغية "أنا ضد أن يستعمل الهمة وسائل انتهازية للوصول إلى مآرب شخصية، فلا يمكن أن يصدق المرء تخلي شخص كان في مستوى أرقى في وزارة الداخلية ليختار مستوى اقل ويدعي أنه يريد خدمة بلده".
فقد كان بإمكان الهمة أن يدعم الأشخاص المنادين بالديمقراطية عندما كان في دواليب السلطة التنفيذية "لكن باش يجي ويدير حركة و وحزب ويشتغل بوسائل الدولة فهذا احتقار لأشخاص آخرين" تضيف أمينة بن الشيخ وهي تؤكد في تصريحها "للألباب المغربية" أن حركة وحزب الهمة لا يخدمان مصالح الأمازيغية ولأدل على ذلك الوضعية المتراجعة التي احتلها تدريس الأمازيغية منذ تولي أحمد اخشيشن رئيس "حركة لكل الديمقراطيين" منصب وزير التربية الوطنية والتعليم .
وغريبة بالمقابل بعض المواقف "الانتهازية"التي بدأت تتبناها بعض الفعاليات الأمازيغية في الآونة الأخيرة، مما ساهم في الكشف عن حقيقة توجهاتهم،فحسب تصريحات مناضلي الحركة الأمازيغية بدأ بعض نشطاء العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان في التودد "لحركة لكل الديمقراطيين" التي يتزعمها رجل الداخلية السابق فؤاد عالي الهمة. الداخلية التي تعتبر في نظرهم مسؤولة عن ما يقترف في حق الحقوقيين والمعطلين والمناضلين.
فمكانة الهمة السابقة كوزير منتدب في الداخلية لم تكن أبدا عاملا معرقلا له في استقطاب الأنصار، كما لم تكن حاجزا في وجه المدافعين عن الأمازيغية أمام الاتصال به. فهل يمكن أن نفسر ذلك بكون الهمة جاء ليخدم مصالح الأمازيغيين؟ أم أن الأمر ليس إلا واقع فرضته اللعبة السياسية التي يحيك سيناريوهاتها شيخ "الهماويين" وهي التي أملت عليه ضرورة احتواء هؤلاء في "حركة لكل الديمقراطيين"؟
ربما إذا أجبنا عن هذه التساؤلات قد نفهم سبب افتتاح الهمة لنشاط ثقافي في حجم المهرجان الربيعي للثقافة الأمازيغية الذي نظمته وككل سنة الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، والتي يرأسها المناضل الأمازيغي إبراهيم أخياط. هذا الأخير وصفه البعض من داخل الحركة الثقافية الأمازيغية "بالمتملق والانتهازي" كونه أعطى للهمة خلال افتتاح هذا المهرجان فرصة للتخاطب مع الأمازيغ حيث ردد أخياط قوله "نحن نعلم مدى حاجة الهمة إلى مثل هذه اللقاءات في هذه الظرفية بالذات".
ويعلق أحد المناضلين الأمازيغ فضل عدم الكشف عن نفسه، أن مثل هذه التصرفات تعد أمرا خطيرا جدا لا يعلم انعكاساته الوخيمة على مستقبل الحركة الأمازيغية والتي كان من المفترض حسب نفس المصدر أن تقف في وجه ما وصفه بالمؤامرة المخزنية.
الهمة استطاع إذن بعد قلب موازين وحسابات كل الفاعلين في المشهد السياسي المغربي أن يجد له موطئ قدم داخل الجسم الأمازيغي مستعينا حسب تصريحات بعض المناضلين الأمازيغ بوسيط ينحدر من منطقة الريف ومتخصص في الربط بين وزارة الداخلية والحركة الأمازيغية وهو إلياس العمري العضو في المجلس الأعلى للاتصال المعي البصري، والذي كان وراء اقتراح إدراج صديقه عالي الهمة في إلقاء الكلمة الافتتاحية للمهرجان الربيعي للثقافة الأمازيغية، مقابل تمويل مصاريف المهرجان.
فكل مكونات المجتمع السياسية والثقافية بمختلف توجهاتها، أصبحت في معادلة صعبة أمام هذا "الوافد الجديد" الذي جعل من" زاويته" مكانا لكل مريد يسعى إلى تحقيق "الديمقراطية الهماوية" وربما لم تستهويهم أي ديمقراطية أخرى إلا ديمقراطية السيد فؤاد عالي الهمة.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق