كانت الساعة تشير إلى الثالثة بعد الزوال حيث قررت حياة أن تستقل الحافلة متجهة لمحطة القطار الدار البيضاء الميناء قادمة من عملها. داك اليوم هو الموافق لنهاية الشهر. اليوم الذي اعتادت حياة أن تقبض مرتبها الشهري من عملها كموظفة. بعد وقوفها لمدة عشرة دقائق في محطة الحافلات . هاهي الحافلة قادمة تترقبها حياة كموجة خرجت من بطن بحر هائج مليء بالخوف نعم فحياة خائفة من أن يسلبها احد اللصوص مرتبها أثناء صعودها الحافلة وحتى داخلها فقد بات هناك لصوص محترفين في السرقة متخصصين في الحافلات. ظاهرة تقض مضجع كل بيضاوي وهم يحمله وهو يضع قدماه على الدرج الأول للحافلة "ترى هل سأسلم من اللصوص اليوم أم سيحرمني احدهم نشوة الاستمتاع بمرتبي ولو لساعات". تلك هي العبارات التي كانت تجول في دهن حياة و هي تهم بالصعود إلى الحافلة متأبطة حقيبتها و شفتاها لا تردد سوى كلمة "يارب تحفضني من هاد ولا كرام" .
مرات قليلة هي تلك التي كانت تسلم منها حياة من مافيا الحافلات "في كل مرة كنت اركب الحافلة أخاف من أن يتربص إلي احدهم.كما حصل لي في داك اليوم حيث كنت عائدة من عملي ,و في زحمة الحافلة أمسك بي أحد اللصوص و أخرج سكينا فيما وقف الأخر حائلا بيني و بين باقي الركاب و أخدا يبحثان في حقيبتي حتى وجد البزطام أخذاه فانسلا وسط حشد الركاب و نزلا بسرعة البرق" . تحكي حياة و الدموع تخالج مقلتيها "ما بقاش في البزطام اللي سرقو ولكن بقى في الحال لأنه لم يتدخل أحدهم لتخليصي من هادان اللصان."
كثيرة هي الحالات التي تحدث فيها السرقة في الحافلة و الركاب تراهم مكتوفي الأيدي و كأنهم يتفرجون أمام شاشات منازلهم ويكتفون بقول اللهم إن هدا لمنكر في سرهم و دلك أضعف الإيمان.
مرات قليلة هي تلك التي كانت تسلم منها حياة من مافيا الحافلات "في كل مرة كنت اركب الحافلة أخاف من أن يتربص إلي احدهم.كما حصل لي في داك اليوم حيث كنت عائدة من عملي ,و في زحمة الحافلة أمسك بي أحد اللصوص و أخرج سكينا فيما وقف الأخر حائلا بيني و بين باقي الركاب و أخدا يبحثان في حقيبتي حتى وجد البزطام أخذاه فانسلا وسط حشد الركاب و نزلا بسرعة البرق" . تحكي حياة و الدموع تخالج مقلتيها "ما بقاش في البزطام اللي سرقو ولكن بقى في الحال لأنه لم يتدخل أحدهم لتخليصي من هادان اللصان."
كثيرة هي الحالات التي تحدث فيها السرقة في الحافلة و الركاب تراهم مكتوفي الأيدي و كأنهم يتفرجون أمام شاشات منازلهم ويكتفون بقول اللهم إن هدا لمنكر في سرهم و دلك أضعف الإيمان.
البيضاويون خائفون من لعنة اللصوص.
الخوف , اللامبالات و غيرها من الأسباب التي تجعل البيضاويين لا يتدخلون أمام شخص يتعرض للسرقة من غير أن يدري , "أنا كنبغي ندخل ملي كنشوف شي واحد كيتسرق و لكن كنخاف لنصدق حتى أنا مكريسي" يقول أحمد 30 سنة موظف وهو يحك جبينه خجلا من كلامه ربما لأنه دلك يتعارض إلى حد ما مع شيم الرجولة التي ما فتأت تغيب على بعض الذكور ليس فقط في مجال السرقة بل في كتير من المواقف .
"لم تعد هناك قيم المروءة و الرجولة , عندما يتفرج الرجل على امرأة تقف بجانبه في الحافلة و هي تتعرض للسرقة من دون أن تدري, ألا يخطر بباله أنها قد تكون أمه أو أخته أو زوجته أو ابنته في ذاك الموقف. أو ربما هو نفسه ماذا يكون رد فعله آنذاك" بهذه العبارات تصف حليمة 23 سنة طالبة ما تشاهده يوميا في دوامة حافلات "كزبلانكا" في واضح النهار." أنا ما فهمتش علاش ولا فينا الخوف كثر من لقياس" تضيف حليمة و تقاسيم وجهها تنم على تأسفها من حالة الحافلات في غياب الأمان.
اصيبت حياة بحالة من الهستيريا وسط الحافلة في ذلك اليوم المشؤوم كما تصفه بقي جميع الركاب مندهشون .. لرد فعلها صمت، لم يدم طويلا حتى تكلم احدهم قائلا ما تبكيش ابنتي هادوك راه أولاد الحرام ما كيوقرو حتى واحد" كان رجلا عجوزا بالكاد يستطيع الحركة والكلام تقول حياة صرخت في وجه الجميع وقلت لهم "حشوما عليكم ما بقاوش الرجال وما بقيش فيكم" ربط احدهم على كتفها ليواسيها وقال لها "في مثل هذه الحالات لا تتوقعي أن يتدخل احد لتغيير ما وقع"، فقد سبق وقام الرجل بدور البطل وتدخل في إحدى حالات السرقة وسط ازدحام الحافلة فهرب اللص وتربص به في محطة أخرى وانتقم منه شر انتقام، حيث جرده من كل مايحمل من نقود وطعنه بسكين في كتفه حتى أغمي عليه.
انه الخوف ادن هو الدفاع امام حالات السرقة وسط زحام الحافلات.
لصوص اميون مدمنوم .....ومحترفون
بعد حالات الذعر التي خلفها حادث السرقة، تصل حياة إلى منزلها منهكة حزينة وعبارة " الله ياخد فيهم الحق" لاتفاقها. تقول حياة بعد وصولي إلى المنزل دهش الجميع للحالة التي كنت عليها داك اليوم قصصت عليهم ما وقع تألموا لحالي. " لقد كثر لصوص الحافلات في الدار البيضاء من دون أن تتدخل السلطات وتعيد الأمان للركاب" يتحدث أخ حياة 45 سنة إستاد وهو يحاول تهدئة أخته.
إن اغلب هؤلاء اللصوص مدمنين ومتشردين لايجدون مأوى ولاطريقة لجلب المال سوى اصطياد "البزاطم". وانت تقوم بعملية مسح لأعضاء هده المافيا تجدهم و سمياهم على وجوههم من اثر ما يتعاطونه من مدخرات وأقراص مهلوسة تفقدهم السيطرة على عقولهم فتبدي لهم القبيح طيبا و السرقة أسهل طريق لجلب المال و شراء المخدرات.
"لم أفكر يوما و أنا أسرق أحدهم أن ما أقوم به يتعارض مع القيم و الأخلاق أو الدين" يقول هشام 21 سنة و الندوب رسمت خريطة على إحدى خديه من آثار تناول الأقراص المهلوسة. "أنا ما قاريش و ما خدامش و ما عندي منين نجيب لفلوس" يضيف هشام بلغة أختلط فيها الجد بالهزل و عيناه تبدوان كأن النوم فارقهما مند ليالي و ليالي.ليست الأمية هي الدافع الأول للجوء هؤلاء الشباب إلى اصطياد جيوب ركاب الحافلات بل أيضا الظروف الاجتماعية. فقلة الحاجة تولد الشر في نفوس البعض حتى المتعلمين منهم. "حصلت على شهادة البكالوريا و لم أجد ما أقوم به بعد فشلي في الجامعة، تعرفت على أحد الشبان علمني السرقة فصرت محترفا في ظرف أسابيع، قلت الشي كترشي" بهده العبارات يجيب العربي مصحوبة بقهقهة و هو ينتشي سيجارته، حيت لم يمنعه ولوجه فصول العلم من ارتكاب جرائم السرقة.
و يرتكب البعض السرقة و هم من غير معتادي الإجرام نتيجة لتعرضهم لظروف قاسية متل الفشل في تحقيق بعض طموحاتهم أو حين يتردى وضعهم الأجتماعي و قد يفشل بعضهم في أيجاد أي عمل فلا يكون له اختيارات غير الاتجاه للسرقة للحصول على متطلبات الحياة، و قد يقلع بعض هؤلاء اللصوص بعد تحسين ظروفهم المادية غير أن نسبة منهم يستمرون في احتراف السرقة لأنهم ربما يجدونها الطريقة الأسهل في الحصول على المال. فصول عمليات السرقة لا تحدت فقط على مرأى من الركاب بل أيضا سائق الحافلة وموزع التداكر يساهمان في تفاقم هده الظاهرة بشكل كبير.لأنهما يعرفان جيدا وجوه لصوص الحافلات و رغم دلك يسمحان لهم بالركوب دون أداء تمن التذكرة "انه تواطؤ صريح و معلن بين هؤلاء اللصوص و موزع التداكر، لا أفهم لمادا لا يعيره أي انتباه و يجعله يقضي غرضه و يمضي بسلام. " تقول حياة و علامات التعجب تملأ وجهها. ربما الخوف دائما وأبدا هو الذي لا يحرك نفوس سائقي الحافلات وموزعي التذاكر خصوصا و أن مهنتهم تجعلهم في احتكاك يومي مع وجوه مختلفة تجمع بينها الرغبة في الوصول إلى الفرسية في اقرب وأسرع وقت وأسهل طريقة ممكنة ودون مشاكل. "فالحقيقة ماكرهناش كون دارو في كل طوبيس بوليسي ولاجوج باش يحشمو شويا دوك الشفارة" هكذا علقت احدى مرتديات الحافلة وهي تصعدها رفقة حياة ممسكة بحقيبتها بقوة خوفا من أي يد تتسلل إليها من دون أن تدري.
انتشار ظاهرة السرقة في مدينة الدار البيضاء لم يلفت انتباه رجال الأمن رغم تدمر المواطنين من هده المضايقات لتبقى شكاويهم حبيسة الأزقة والشوارع والموائد من دون اللجوء إلى مراكز الشرطة قصد الشكاية، "لا احد يريد أو لديه الرغبة في تقديم شكايات في أقسام الشرطة لأنهم يعرفون أن لاحياة لمن تنادي". هكذا قالت حياة في نبرة تجمع بين اليأس والحسرة.
بعد صعود حياة الحافلة وهي تتأبط حقيبتها الممتلئة براتبها الشهري، استطاعت أن تنفد بمعجزة من أيدي القناصين، لتصل إلى منزلها منتشية فرحة انتصارها على لصوص الحافلات، ونجاحها في مهمة طالما كانت تجدها صعبة التحقق، وحافلات الدار البيضاء تئن تحت وطأة عصابات تتزايد بتزايد ساكنة المدينة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق