الأربعاء، 18 أبريل 2012

ماركات الأزياء العالمية ولوبيات التقليد



تحقيق:فوزية عزاب

نهب الأفكار الأصلية هو أسوء شكل من أشكال السرقة في صناعة الأزياء. فاختراع النماذج الأصلية ، وخلق علامة تجارية تتطلب جهدا كبيرا. ومع ذلك ، فإنه ليس من المألوف بالنسبة للستهلكين التعامل مع البضائع الفاخرة المقلدة كجريمة. فالبعض منهم يشترون السلع الفاخرة المزيفة، وليسوا على استعداد لدفع الثمن الحقيقي لهذه المادة. معتقدين في ذلك أنهم يساهمون في انتشار صورة العلامة التجارية دون أدنى خسارة، هذا الموقف يعد أحد العوامل التي ساهمت في ارتفاع التقليد في جميع أنحاء العالم.

قراصنة الصين

يقول "جون تايلور" رئيس وحدة إنقاذ حقوق الملكية الفكرية بالاتحاد الأوروبي في حوار مع أسبوعية "نيوز ويك" : في السابق كانت عمليات التفتيش تسفر عن اكتشاف عدد لا بأس به من الحاويات سنويا وتبدو هذه الأرقام جيدة في التقارير، لكن حاليا ومع التقدم التكنولوجي تراجع عدد الحاويات المكتشفة وتضاعف الجمارك جهودها لاكتشاف أكبر عدد ممكن من المنتجات بسبب إقبال المستهلكين على الشراء عبر الإنترنت. فحسب المتتبعين أصبح الانترنت ملاذا لمقلدي ماركات الأزياء العالمية بشكل كبير، وأضحى طريقا آخر يسلكه القراصنة لنشر بضائعهم المقلدة وإيصالها بأسهل الطرق إلى المستهلك، مما جعل المسؤولية تبدو صعبة على المؤسسات الدولية لحماية الملكية الصناعية.

ويعد مجال صناعة الحقائب (لوي فيتون، شانيل، جوتشي...) من الأكثر الصناعات تضررا من التقليد عبر التاريخ، الأمر نفسه يحصل في صناعة الملابس الرياضية والأحذية. وقد رصد أحد المواقع المختصة في التواصل مع المقلدين عن طريق غرف الدردشة أن أرقى السلع المقلدة للماركات العالمية التي يمكن شراؤها عبر الإنترنت تأتي من كل من "جاك" و"كاتي" و"لوي" وهي أسماء مستعارة لأشخاص من أصل صيني، وعند دخولنا صفحة "كاتي" على "الفيس البوك" فتحنا باب الدردشة معها حيث تحكي أنها بدأت بيع منتجات" لوي فيتون" المقلدة كعمل إضافي. ولأنها عاشت عدة سنوات في الخارج فهي تعتمد اللغة الإنجليزية كوسيلة تواصل مع زبائها المحتملين على موقعها الإلكتروني كما تعمل منذ خمس سنوات في صناعة حقائب شانيل مقلدة تطابق الأصلية تماما. وتبيع ما بين ٢٠٠٠ إلى ٣٠٠٠ حقيبة شهريا لزبنائها في كل أنحاء العالم مقابل ١٠٠ دولار للحقيبة. الأمر الذي ينطبق عليه وفقا للقوانين الصينية فتح تحقيق جنائي بدلا من فرض غرامة مدنية.


تعددت المتاجر والهدف واحد

ولا تستوجب قضايا التقليد طبقا للقانون الصيني فتح تحقيق جنائي إذا لم تتجاوز حدا معينا من القيمة أو الحجم. لكن يستحيل تقريبا الوقوف على حجم التقليد بدون إجراء تحقيق وبدون دليل يثبت توفر الحد المطلوب لا يمكن للشرطة فتح تحقيق.

ويضيف "جون تايلور"،"مايزيد من تأزم الوضع كثرة أعداد المتاجر الصغيرة التي تبيع هذه الماركات العالمية المعروفة،(باربري، هوجو بوس،رالف لورون، كارتيي) فأنت تتجول في أحياء الصين أو تركيا أو تايلاند، أو فيتنام، لابد أن تجد محلات بالجملة تبيع هذه السلع، إنها سلسلة لاتنتهي، كلما أمسكت واحدا يخرج آخر من مكان آخر ويجب أن تتربص به مجددا، الأمر صعب للغاية".

يعتبر "مورتون"- رئيس إدارة الهجرة والجمارك في الحكومة الأمريكية - أن التقليد والتزوير باتا هدفا للجريمة المنظمة.“ وأضاف أن هناك الكثير من المال يهدر بسبب التقليد ولا بد من تبني عمليات معقدة جدا لكي يتم التصدي للأمر. وفي الولايات المتحدة الأمريكية، اعتقد الكثيرون أن انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية سيساهم في انتعاش الصادرات الأمريكية. لكن بدلا من ذلك ارتفع العجز التجاري عاما بعد عام مسجلا نحو ٢٥٠مليار دولار العام الماضي. فالولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا باعتبارهم أكثر البلدان تضررا من التقليد في ماركات الأزياء العالمية يرون أن المشكلات التي تسببها السلع المقلدة أكبر وأخطر مما يتصور كثير من الناس.

وحسب الإحصائات المتوفرة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية فإن حجم البضائع المقلدة وحقوق الملكية الفكرية التي تتعرض للقرصنة من التجارة العالمية تزايد من نحو 100 مليار دولار في عام 2001 الى نحو 250 مليار دولار في 2007. فيما تغيب إحصائيات خاصة بحجم البضائع المقلدة التي تباع عن طريق الانترنت والتي تفوق التوقعات حسب نفس المصدر.

أزياء مقلدة ولكن...
تعود بداية تسليط الضوء على ظاهرة تقليد الأزياء العالمية إلى عام 1997 ،عندما اكتشفت الجمارك البريطانية حوالي100 ألف علامة تجارية بريطانية مزورة ، بقيمة تفوق 4مليون جنيه استرليني. تحمل ماركات (أتش.إم، رالف لورون،تامبرلاند...). كلها تحمل اسم نفس العلامة التجارية الأصلية لكن بتواريخ ومواد صناعية مقلدة بشكل دقيق.

وتشير الأرقام إلى أن أكثر الدول تأترا بتقليد الأزياء العالمية المعروفة هي إيطاليا، التي تعتبر أن الأمر يزداد تعقيدا مع تفنن القراصنة في تقليد البضائع واكتشاف طرق جديدة لإخفاء الفرق بينها وبين الأصلي.

تقول "هيما فيسلاني" عضو مكتب التحقيقات في الغرفة التجارية العالمية " في تحقيقها المقدم لغرفة التجارة الدولية، إنه لاتوجد أي مؤسسة مهنية لصناعة الأزياء على الصعيد الدولي الأمر الذي يجعل هذه الصناعة تحمي نفسها بنفسها في غياب تأسيس جمعيات وطنية اللهم فقط "تجمع اتحاد المنتجين".

وتضيف "هيما" في الدراسة التي أعدتها سنة 1997 بفرنسا أن البعض يعتقد أن تقليد"ماركات الأزياء" يعتبر نوعا من إعادة إنتاج نفس العلامة لكنه في حقيقة الأمر يعد خرقا صريحا لحقوق الملكية الفكرية، ويشمل هذا المفهوم أيضا نسخ التعبئة والتغليف ووضع العلامات أو أي ميزة أخرى مهمة تشابه تلك التي يتميز بها المنتج الأصلي.

من جهة أخرى يقول "فرانسيس جوري"المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية: "تقدر في الوقت الحاضر حجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد العالمي بما يزيد على 5 في المئة من التجارة العالمية من خلال السلع المقلدة. وهناك عدد من العوامل التي تفسر هذه النسبة المرتفعة منها، التقدم التكنولوجي و تكثيف التجارة الدولية وظهور أسواق جديدة لتطوير الأزياء التي تجذب المقلدين والمزورين.

عطور برائحة مزورة

في عالم العطور تعد "الماركات" الأمريكية الأكثر استهدافا من طرف المقلدين، وخاصة عطر"كالفان كلاين"، ناهيك عن باقي العطور المعروفة عالميا (شانيل، ديور، فيرزاتشي...).

ويضيف "جوري" -خلال المؤتمر العالمي السادس لمحاربة التقليد والقرصنة والذي نظم في باريس العام الماضي- "ينتج عن التقليد خسارة كبير لأصحاب هذه "الماركات" حيث أن 80 بالمائة من العطور المقلدة تباع في السوق أوفي الشوارع بأسعار بخسة. غير أن ما يزيد من تفاقم الوضع تقول" هيما فيسلاني" هو معرفة المستهلك المسبقة بأن هذه العطور ليست أصلية وأنها تشكل خطرا على صحته بسبب المواد المضافة غير المطابقة لمعايير الجودة".

وتوجد هناك ثلاث أنواع من العطور المقلدة، منها تلك التي تباع في ظروف مشابهة للأصلية، ثم العطور التي تشبه الأصل لكن ليست مطابقة لها تماما، والأقل سعرا نوعا ما، وأخيرا تلك المزورة بشكل واضح وتباع بأرخص سعر ممكن.

وتكلف هذه العطور المقلدة حسب آخر إحصائيات صادرة عن الفيدرالية الفرنسية للعطور أزيد من 5 بالمائة من رقم المعاملات السنوي. كما أكدت التحقيقات التي أجراها مركز الإحصاء الصناعي عام 2006 أن 80 بالمائة من مصنعي العطور في فرنسا راحو ضحية التقليد، كما تعرضت 7 "ماركات" من العطور للتقليد من أصل 10 منها( جادور، كريستيان ديور،شانص، شانيل،لوي فيتون...).

هناك تعليق واحد: