الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

المختص الاجتماعي أحمد الريسي: "الوسطية في التعامل هي الفيصل في تقويم السلوك السلبي للشباب"


مما لاشك فيه أن لكل مرحلة عمرية طبيعتها وخصوصيتها. و كلما اقتربنا من مرحلة المراهقة والشباب، أصبح دائرة الخصوصوية تتسع وتأخذ شكلا مختلفا يتمثل في العديد من الممارسات  قد لا يقبلها المجتمع وتؤدي بالشباب إلى الطريق المسدود بسسب فكر خاطئ أو تقليد أعمى  لكن الأمر لم يعد قاصراً، من حيث المسؤولية على المراهق أو الشاب وحده، إنما هي مجموعة من العوامل لابد أن نتوقف أمامها ملياً.
"عين الإمارات" تسلط الضوء على هذا الموضوع  من خلال هذا الحوار مع المختص الإجتماعي أحمد الريسي الذي يتوفر على خبرة كبيرة في هذا المجال من خلال البرامج التلفزيونية والإصدرات السمعية التي قدمها لفائدة الشباب والمشرف الاجتماعي على مقاطع بنق والتي وصل عدد مشاهديها إلى مليون مشاهد من 59 دولة وهي عبارة عن رسائل تلامس الجوانب الاجتماعية .
هناك الكثير من المظاهر السلوكية السلبية التي بدأت تظهر، وبشكل واضح أخيراً، عند فئة الشباب، هل يمكن أن تحدد أهمها و أسبابها ؟
التعامل مع مرحلة الشباب، أو ما يُعرف بالمراهقة، يحتاج منا إلى الكثير من الخبرة والحكمة، لذلك لابد لنا من رصد مستمر لسلوكياتهم، لإمكانية التدخل السريع والمباشر عند اللزوم  ومن أهم مظاهر السلوك السلبي لدى الشباب:
1.التقليد الأعمى:
الأمم تتعارف فيما بينها وتنتفع بتجارب وخبرات بعضها البعض،لكن الشاب الذي يأخذ من الشاب الغربي حريته المنفلتة وضعف انتمائه الديني والوطني يولد فيه شخصية مهزوزة تبحث عن أي شيء لتبرز وتثبت وجودها باسم السعادة والرقي. ولاشك بأن ربط الشباب بالاجداد من أهم ركائز تقوية الشخصية المتزنة .
2.المخدرات:
بدايتها خطوة صغيرة عن طريق رفقاء السوء أو فضول التجربة ثم تتدرج شيئا فشيئا حتى يصل للتدخين والشيشة والمسكرات غير مبالين بعواقبها المختلفة عندما تتحول إلى إدمان.
3.العلاقات الغرامية :
لاشك بأن الحب عاطفة مهمة في حياة الأفراد والمجتمعات فبها تسود الرحمة والود ولكن الحب الذي يبنى على أساس ضعيف بين الجنسين يخالف الأديان والأعراف فهو حب هش لن يستمر إلا بخسائر مادية ومعنوية لما فيها من تبديد للمشاعر الحقيقية في غير موضعها ..والدراسات واستطلاعات الرأي مستفيضة في هذا الجانب.
بالاضافة إلى رفقاء السوء والفراغ الذي يشكلان هاجسأ لدى هذه الفئة المهمة في مجتمعاتنا.
ويمكن تحديد أسباب هذه الظواهر السلوكية المتفشية لدى الشباب في النقط التالية:
1.غياب دور الأسرة الحقيقي:
"لقد قامت بعض الدول كالاتحاد السوفيتي (قبل انهياره) بتكوين مؤسسات معلنة لأداء دور الأسرة ليتمكنوا من نقل القيم التي يريدونها من الأبوين إلى الأطفال، وأهم ما استند إليه هؤلاء في الإقدام على عملهم هذا أنّ المربين الذين يملكون مواصفات الأبوة الحقيقية، هم أقدر على نقل هذه القيم إلى الأطفال من الوالدين الذين تعوزهم التجارب والخبرات  ". وهذا مثال بسيط على دور الأسرة الفعال.
2.بعض وسائل الأعلام:
 لقد كشفت الدراسات الجنائية الحديثة أن أحد أسباب العنف والسرقة هو مشاهدة الأفلام  التي يتقن فيها السارقون اقتحام المنازل ويرتكبون فيها الجريمة .
وتكرار هذه اللقطات يعمل كمنبّه  يقرع بشكل دوري لمخاطبة ما يسمّى بالعواطف السفلية لدى الشباب. وخطورة المؤشر الإعلامي تأتي بالدرجة الأولى من أسلوب العرض المشوّق والمغري للدرجة التي تنطلي فيها الرسالة الإعلامية على المشاهد فلا يلمسها  لأنّه يسترسل أمام التلفاز فلا يحاكمه ولا ينتقده إلا نادراً، فالمشاهد – إلا ما رحم بي – يستقبل مواد البث التلفازي كمسلّمات، الأمر الذي يزرع في عقله الباطن ثقافة العنف والغش والخداع والتهالك على الخطأ.
بحكم تعاملك مع مع فئة الشباب ما أهم المشكلات الأسرية التي رصدتها والتي قد تكون سببا في زيادة المشاكل الاجتماعية ؟
يشكل استقرار العلاقة الأسرية وديمومتها بإيجاد نوع من الملائمة والتفاهم من خلال جو يتسم بالدفء وإذا ماكانت هذه السمة غالبة على المحيط الأسري فإن نوعا من الصراع سيتخللها وتظهر أشكالا متعددة من المشكلات الأسرية توتر العلاقات داخل الأسرة ومن أهمها : التفكك الأسري والطلاق وغياب القدوة الحقيقية.
هل يتطلب الوضع إعادة النظر في سياسة تعاملنا مع الشباب، بما يتوافق مع المتغيرات الحالية، وكيف؟
نحن الآن مشكلتنا أننا نعالج الخطأ بخطأ مثله ونعالجه من آخر حلقة فيه ، ومع هذا لدينا منهج قويم دلنا عليه أرحم البشر-صلى الله عليه وسلم- من خلال موقفه مع الشاب الذي طلب الإذن بالفاحشة. لو تأملنا كيف حكم الرسول عواطفه وعقله في تعامله، وخلق جوا حواريا جميلا ومبينا بأن الأب الحقيقي لا يتأثر بالجو المحيط عند حصول الخطأ بل يتأنى ويدرس حالة المخطئ من جميع الجوانب مع أهمية مصاحبة الشاب والقرب منه دون التنازل عن المبادئ .
 
يشتكي العديد من الآباء من نفور الشباب من الجامعة ومن البحث عن التنمية الذاتية،  ويرجعون ذلك إلى توافر أماكن الترفيه والمقاهي بكثرة،  إضافة إلى موجة التكنولوجيا،ما رأيكم؟
للتكنلوجيا أثرها السلبي في حال غياب الرقيب الذاتي عند الشباب، ولكن ياترى هل ستؤثر التكنلوجيا كثيرا على الشاب الذي رأى قدوة حقيقية في بيته؟! من خلال بعض الممارسات التي يقوم بها المحيط الأسري وللأسف تكون أحيانا سلبية يصبح لامجال للحديت عن تنمية الذات بل لايجد الشاب أمامه سبيلا للهروب من هذه الممارسات الأسرية إلا في الذهاب إلى أماكن ترفيهية كالمقاهي ونوادي الأنترنت وقاعات البيلياردو وغيرها .. كبديل عن هذا النفور الأسري.  
هل تعتقد أن التشدد في التعامل مع الشباب أو الدلال الزائد يؤثران على تعاملهم مع المجتمع  وكيف نحقق التوازن المطلوب في شخصية الشاب؟
الوسطية في التعامل هي الفارق الحقيقي ،فالشدة الزائدة تولد شخصية عدوانية سلبية والدلائل الزائد يولد شخصية اتكالية لاتستطيع اتخاذ قرارات أو التحكم بالمشاعر ولتحقيق التوازن يكون بالعدل وذلك من خلال التنبيه على الأخطاء تدريجيا ويختلف من شخصية لأخرى وأيضا من خلال تقوية الجانب الروحي .
ماهي طبيعة الدورات التدريبية او التوجيهية التي تقدمونها للشباب وكيف يتم ذلك.
دورات اجتماعية تصقل فيها قدراتهم ومواهبهم وتبين لهم أهمية دورهم في ترك بصمتهم الحقيقية في أوطانهم مثل: "الشخصية الناجحة" و"الاتصال الفعال" و "تواصل ناجح على شبكات التواصل" وتكون من خلال مشاركاتهم والاستماع لآراءهم .
يعاني الاختصاصي الاجتماعي ضغوطات مختلفة في محيط العمل، هل لك أن تحدد بعضها؟.
قبل الاجابة اوجه رسالة تقدير إلى كل من يقوم بالدور التوجيهي حفاظا على المجتمع فهم يقدمون أعظم رسالة  دينية ووطنية ومجتمعية  ومن بين الضغوط التي تحيط بهم  وبعضها راجعة على الاختصاصي : عدم تطوير ثقافته ومهاراته لمواكبة جديد المتغيرات،مع قلة الامتيازات الوظيفية .
كلمة توجهها لفئة الشباب ؟.
نحن نملك أقوى الامكانات وأكثرها حيوية ونشاطا ومتى ما استثمرناها حصدنا مجتمعا قويا في جميع مجالاته وخاصة وانهم المستقبل الذي يعول عليه الحكومات .. وكلمتي للشباب أوطانكم بحاجة إليكم وكل أحد منكم له مقومات تجعله ناجحا في مجاله وتمسكوا بماضي اجدادكم واسلافكم ولاتنسوا مقولة زايد الخير رحمه الله "الذي ليس له ماضي لا حاضر ولا مستقبل له" .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق