الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

عندما تصبح إجازة الوضع في الإمارات سببا في خلل البنية السكانية

مطالب نسائية لزيادة مدتها



إن خلق التوازن بين العمل والأسرة هدفا رئيسيا تسعى إلى تحقيقه كل المجتمعات ، ففي الماضي كانت المرأة بعد الولادة تهتم بشكل كبير بصحتها وصحة طفلها وتسهر على راحته ولا تغادر بيتها حتى لا تسبب أي ضررٍ له، كما كانت تحرص على أن تتم الرضاعة حولين كاملين دونما استجابة لأي ضغوط خارجية، سواء تلك المتعلقة بجمالية مظهرها أو بعملها داخل وخارج المنزل.
ومع خروج المرأة للعمل، وقِصر الإجازة التي يخولها لها قانون العمل، أصبحت غير قادرة على توفير الرعاية الكافية لطفلها منذ شهوره الأولى، مما زاد في عدد وفيات الأطفال وإصابتهم بأمراض جراء نقص المناعة.  مما جعل العديد من الجمعيات النسائية  تتجه مؤخراً إلى المطالبة  بزيادةعدد أيام إجازة الوضع  باعتبارها ضرورة ملحة لضمان استقرار الأسرة وحفاظاً على صحة الأم والطفل.
فماهي المدة القانونية المسموح بها كإجازة للوضع في القطاعين الحكومي والخاص؟ وهل هي كافية في نظر المختصين؟ وإلى أي حد استجابت الهيئات التشريعية لمطالب النساء بتعديل القانون الحالي لإجازة الوضع والأمومة؟
التحقيق التالي يجيب عن هذه الأسئلة.
القانون الحالي
سعاد 
سايسي/مستشارة قانونية
وفقاً لقانون الموارد البشرية المعدل لحكومة دبي رقم 14 لعام  2010فبالنسبة للنساء العاملات في القطاع الحكومي ، تستحق العاملات إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 60 يوماً بالإضافة إلى إجازة غير مدفوعة لمدة 100 يوماً. كما نص القانون على منح الآباء إجازة أبوّة لمدة 3 أيام. وهناك قانون حكومي صدر أخيراً وينص على تأمين دور حضانة نهارية في الدوائر الحكومية لأطفال النساء العاملات في القطاع الحكومي
أما النساء العاملات في القطاع الخاص ووفقاً للمادة 30 من قانون العمل في دولة الإمارات، تمنح المرأة العاملة إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 45 يوماً بما فيها الفترة التي تسبق الولادة والفترة التي تليها، شريطة أن تكون قد أكملت ما لا يقل عن عام واحد من الخدمة المستمرة لدى رب عملها. أما المرأة العاملة التي لم تكمل فترة الخدمة المذكورة أعلاه فتمنح إجازة أمومة بنصف الأجر.
وتتمثل التعديلات التي يدرسها المجلس الوطني الاتحادي في زيادة مدة إجازات المرأة في حال ولادتها توأم، أو أطفالاً من ذوي الإعاقة، أو وفاة الجنين، أو ولادة طفل قبل الموعد.
اجازة الوضع..والخطط الانتاجية
مروة محمد - أستاذة جامعية
تعتمد جل القطاعات التي تشغل عدداً كبيراً من القوى العاملة النسائية، على أن تكون سياساتها أكثر مرونة في إعطاء أهمية لإجازة الوضع ،إلا أن قانون إجازة الأمومة في الإمارات العربية المتحدة، يؤثر سلباً على القوى العاملة من النساء، بما أن لدى المرأة الكثير من المهارات، والأفكار، وأخلاق العمل التي تقدمها، فإن عدم وضع سياسات تدعم النساء للعودة إلى عملهن، والاستمرار في مساهماتهن بعد إجازة الأمومة، سيؤدي بالشركات إلى خسارة الكثير من المواهب، وإلى عدم التزام الموظفات بالمؤسسة على المدى الطويل.
خلل في البنية السكانية
د. أمل القبيسي عضو المجلس الوطني
 يجب على الحكومة الأخذ بتوصيات الجمعيات النسائية بشأن جعل إجازة الوضع أربعة أشهر براتب وشهرين بنسبة عمل 70% وبواقع 5 ساعات يومياً أو العودة إلى قانون الموارد البشرية القديم الذي كان ينص على إجازة الوضع لمدة شهرين براتب كامل وشهرين بنصف راتب وشهرين من دون راتب.
إننا اليوم نتحدث عن التركيبة السكانية والخلل فيها وضرورة إيجاد حلول لمعدلات الولادة التي بدأت تتناقص في الإمارات، ولذلك لابد من النظر إلى قوانين الدول المتقدمة إذ تتجاوز إجازات الوضع فيها عاماً كاملاً، ونحن لانطلب التغيير إلى هذه الدرجة، ولكن لابد من إيجاد حلول تحقق حقوق المرأة العاملة وحق الطفل بالرعاية والاهتمام.
وتشير الإحصائيات إلى أن معدل الإنجاب قديماً كان يزيد على سبعة أبناء، لكنه انخفض في الوقت الجاري بسبب ظروف المرأة العاملة، ما يؤثر سلباً في تركيبة المجتمع الإماراتي.
مطالب نسائية..
منى الكعبي- موضفة حكومية
 إذا كانت سياسات الحكومة الإماراتية تهدف إلى إنشاء جيل صحي يتمتع ببنيةٍ سليمةٍ وقوية، فإن ذلك في نظري يتعارض تماماً مع إقرار القانون الجديد لإجازة الوضع للمرأة العاملة لأنه سيجبرها على أن تستغني عن الرضاعة الطبيعية لتلجأ للحليب الصناعي، مما ستترتب عليه مضارّ كبيرة على صحة الطفل نفسه مثل الزيادة في الوزن. أما من ناحية الأسرة فإنّها ستتحمل الأعباء المادّية لتحمل تكاليف الحليب الصناعي وغيرها من الأمور التي طرأت في الآونة الأخيرة مثل الغش في حليب الأطفال.
القطاع الخاص..ومشاكل الإجازة
سوسن العربي - موضفة في القطاع الخاص
 عدت مؤخراً لاسئناف العمل  بعد إجازة الوضع لمدّة 45 يوماً، هي فعلا فترة قصيرة جداً للأم،  إلى  أنّ ظروفي الصحية لا تساعدني في أن أستأنف العمل بعد هذه المدّة البسيطة، لأنني من النساء اللاتي يلدن عن طريق عملية قيصرية، ويكون وضعي الصحي حرجاً جداً، إذ إنّي أحتاج إلى وقت أطول كي أسترد صحتي وعافيتي.
 فلماذا لا نستفيذ نحن العاملات في القطاع الخاص بنفس مدة إجازة الموظفات في الهيئات الحكومية؟ هل هن نساء ونحن أشباه؟ لا أعتقد ذلك فنفس البنية الجسمية وظروف الوضع التي تعيشها تلك النساء نعيشها نحن أيضا. إنّ عودتي للعمل باكراً جعلت طفلي يستغني عن الرضاعة الطبيعية ويتّجه إلى الحليب الصناعي، مما جعل مناعته ضعيفة وقابلة لالتقاط الفيروسات.
تهديد بالطرد
 أم أحمد- مدرسة
رغم أن القانون يحمي المرأة العاملة في القطاع الخاص،إلا أن جهل البعض من النساء بحقوقهن والخوف من مواجهة أرباب العمل والدخول في مسيرة البحث عن عمل جديد جعل الكثيرات ُيحرمن من حقهن في إتمام المدة القانوية لإجازة الوضع، كما حصل مع صديقتي وهي مدرسة بمدرسة خاصة..تعرضت للتهديد بعدم تجديد عقدها أو حرمانها من راتبها إذا هي لم تعد إلى العمل بعد شهر فقط من الولادة..فلم تجد أمامها سوى التضحية بصحتها وصحة طفلتها واستجابة لطلب إدراة المدرسة.
راحة الأم...ضرورة طبية
د.أيمن أباظة - اختصاصي الأمراض النسائية والتوليد
الإشكالية المطروحة في موضوع إجازة الوضع والأمومة لا تتعلق بشكل كبير بالأم بقدر ماهي بالأساس مشكلة طفلٍ رضيعٍ لم يبلغ من العمر سوى 45 او 60 يوماً لا يعرف شيئا عن العالم الخارجي وفي أشد الحاجة لحنان أمه، وأمام خيارين أحلاهما مُرُّ تجد الأم نفسها قد ضحت بصحة ابنها ووضعته في الحضانة  لتعود لعملها بسرعة دون مراعاة إذا كانت هذه الحضانة تتوفر على شروط السلامة الصحية لهذا المولود، التي تكون بالتأكيد مهددة بنسبة كبيرة كون البعض منهن يضعن المولود لدى امرأة "حاضنة" وهي لاتتوفر لا  على رخصة لذلك ولا توفر لهذا الطفل الرعاية الضرورية فيصبح عرضةً للأمراض والفيروسات المنتشرة في المكان.
أعتقد أن طبيعة المجتمع هنا تجعل البعض من الأمهات َيسعين وراء المال وخوفاً من الطرد من العمل ُيضحين  ِبصحتهن وصحة أطفالهن من أجل المادة، فكيف يعقل أن تعود الأم لعملها بعد شهر من الولادة القيصرية، مع العلم أنه من الضروري الإشارة أن خلال الأربع أشهر الأولى يجب على الطفل أن يتغدى على الرضاعة الطبيعية دون أي إضافات للحليب الصناعي. حتى تتقوى مناعته ويصبح قادراً على مواجهة الأمراض في محيطه.
عناوين فرعية:
-         يجب أن تتماشى سياسة الحكومة في زيادة معدلات الولادة مع تعديل قانون الوضع والأمومة.
-         الرغبة الملحة وراء المادة تجل بعض الأمهات يضحين بصحة أطفالهم.
-         تعويض الرضاعة الطبيعية بالصناعية ينشئ جيلا معرضا للأمراض الخطيرة.
-         لابد من إيجاد حلول تحقق حقوق المرأة العاملة وحق الطفل بالرعاية والاهتمام.
-         انخفاض معدل الولادة  بسبب ظروف المرأة العاملة، يؤثر سلباً في تركيبة المجتمع الإماراتي





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق