الخميس، 5 مارس 2009

قانون منع بيع السجائر للقاصرين خطوة لإنقاذ الشباب المغربي


هل يصحح القانون ما أفسده التدخين؟

تقدمت الكتلة البرلمانية لحزب "الاستقلال" خلال السنة التشريعية 2006، بمشروع قانون للبرلمان يقضي بمنع بيع منتجات التبغ أو منحها مجانا للقاصرين دون الـ18 عاما،خاصة وأن الإحصاءات الأخيرة تدق ناقوس الخطر بعد انتشار التدخين بين الأطفال الذين لم يتجاوزوا المرحلة الابتدائية. وبعد ثلاث سنوات من بقاءه رهين المشاورات والمداولات داخل قبة البرلمان ها هو اليوم يرى النور في انتظار صدوره في الجريدة الرسمية.
صادق مجلس المستشارين في 12 يناير الماضي بالإجماع على مقترح قانون يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم91- 15 والمتعلق في شق منه بمنع بيع التبغ للقاصرين. ويهدف مشروع القانون إلى تحقيق سلطة التدابير القانونية الرامية لمنع التدخين وكذا حماية الفئة الأكثر تضررا من هذه الآفة وهي الشباب وقاصري السن، إلى جانب فرض غرامات أكثر جرأة من تلك التي تضمنها القانون 15-91 الذي دخل حيز التنفيذ سنة 1996.
ويعتبر محمد علمي رئيس لجنة التعليم والشؤون الثقافية بمجلس المستشارين، في تصريح ل"مغرب اليوم" " أن هذا القانون المعدل جاء لملأ فراغ تشريعي في هذا الباب والمتمثل في غياب العقوبات لاسيما فيما يخص القاصرين" فمن خلاله ستمكن عملية أخذ الغرامات المالية المترتبة عن انتهاك القانون من توفير موارد مالية إضافية للحكومة.
وينظر عبد الحميد السالكي ناشط جمعوي إلى القانون في نسخته المعدلة على أنه "جاء لحماية الأطفال والمراهقين من الإدمان على التدخين لدى يتوجب على السلطات الحكومية أن تتعامل مع تطبيق هذا القانون بإيجابية. فنحن نأمل من خلال هذا القانون الحفاظ على صحة المواطنين وحماية الشباب المغربي من أضرار التدخين"
وإذا كان للقانون نتائج إيجابية على صحة القاصرين، فإنه وبالمقابل يبقى التدخين الآفة التي تفتك بأطفال في عمر الزهور.فحسب الدكتور عبد العالي المريني المتخصص في أمراض الجهاز التنفسي فإن
عدد مرضى السرطان في ازدياد بسبب التدخين. لاسيما في صفوف الأطفال خاصة منهم المعاشرين للمدخيين، فاليوم هناك العديد من الأمراض الخطيرة التي يُسببها التدخين".
وقد لقي القرار ارتياحا من لدن المهتمين بقطاع الصحة الذين أشاروا إلى جملة من الدراسات التي تم إجراؤها على الصعيد الوطني بشأن خطورة معضلة التدخين في صفوف القاصرين، حيث
أشارت إحدى الاستطلاعات التي قامت بها وزارة الصحة أن قرابة 35 في المائة من الذكور الذين تزيد أعمارهم عن 20 عاما مُدخّنون. وكشف استطلاع آخر أن ما يزيد عن 15 في المائة من أطفال المدارس ما بين 13 و15 عاما مُدخّنون. ويتنوع العمر الذي يبدؤون فيه هذه العادة، حيث ذكر نحو 13 في المائة منهم أنه كان في سن 15.
لكن مشروع القانون من المنتظر أن يلقي معارضة في بعض الجهات. خاصة من طرف أصحاب المقاهي والمطاعم الذين أصبحوا في قلق شديد مما قد يتسبب فيه القانون من تراجع في أعمالهم التجارية من جهة ومن طرف بائعي السجائر من جهة أخرى. إلا أن بائعي "الديطاي" لا يجدون ما يضايقهم في هذا القانون لأنهم سيعتمدون على السرية في بيعها للمراهقين والأطفال خاصة أمام الإعداديات والثانويات، وفي هذا الصدد يقول حسن 38 سنة "أن صدور قانون منع بيع السجائر للقاصرين أمر لن يهمني لأنني سأجد من يشتري سجائري وبسهولة، حيت الكليان ديالي معروفين وكايجيو عندي حتى لدار".
أما الأطفال والمراهقين فالأمر سيان لديهم، حيث قال رشيد الذي لم يتجاوز الستة عشر سنة من عمره إن القانون لن يتسبب له في أي مشاكل لأن تواجد باعة التقسيط بالجملة خاصة أمام المدارس لن يبعده عن شراء السجائر مضيفا "قانون منع بيع السجائر للأطفال مثلي لن يضرني في شيء لأنني أُدخن خلسة من عائلتي.
ويتألف مقترح القانون من خمس مواد، تنص أولاها على منع بيع منتجات التبغ أو منحها للقاصرين، والمادة الثانية تنص على عقاب من يبيع التبغ أو يمنحه للقاصرين بغرامة مالية قدرها 2000 درهم
ويعاقب مرتكب المخالفة المذكورة، حسب المادة الثالثة، في حالة العودة بعقوبة السجن لمدة شهر وبغرامة مالية قدرها 5000 درهم، كما تسحب من صاحب المتجر رخصة بيع منتجات التبغ.
أما المادة الرابعة فتنص على قيام وزارة الصحة، بالتعاون مع وزارة التربية الوطنية، بتدشين حملات توعية منتظمة بمدارس التعليم الابتدائي والإعدادي والثانوي حول مخاطر التدخين.
ويوكل إلى السلطة الحكومية المختصة، حسب المادة الخامسة من مشروع القانون، اتخاذ التدابير اللازمة لتنفيذ مقتضيات هذا القانون بمقتضى مرسوم. والذي سيصبح ساري المفعول بعد شهرين من صدوره في الجريدة الرسمية.

الأربعاء، 4 مارس 2009

الجزائر تؤكد استمرار إغلاق الحدود مع المغرب





يبدو أن الجزائر لم تنس حتى الآن قرار المغرب سنة 1944 بفرض التأشيرة لدخول الجزائريين إلى المملكة على خلفية اتهام المغرب آنذاك أطرافا أمنية بالتورط في تفجيرات بمراكش وفاس في العام نفسه. ولعل ما يؤكد هذا الطرح هي تصريحات المسؤولين الجزائريين منذ تلك الفترة إلى يومنا هذا، ومنها تصريحات وزير الداخلية الجزائري نور الدين يزيد زرهوني الذي أراد تحديد الجانب الذي تسبب في هذه المشكلة وتحميله المسئولية ولو ضمنيا عندما قال "إن الجيل القادم في البلدين الذي لم يعش أحداث تلك الفترة لابد أن يعرف الأسباب التي دفعت الجزائر إلي إغلاق الحدود‏".
توالت التصريحات والأقوال الجزائرية غير آبهة بالخطوة المغربية الداعية إلى إعادة فتح الحدود والتي انطلقت منذ سنة 2004، حيت دعا المغرب بروح من الصداقة الأخوية، إلى تطبيع العلاقات مع الجزائر وفتح الحدود بين البلدين. لم تتوقف الجزائر عند هذا الحد بل سارعت ‏السلطات بوضع ما يشبه لائحة شروط وضمانات لابد من توفيرها أولا قبل الإقدام علي أية خطوة تتعلق بفتح الحدود، وكان آخر التصريحات قول الأمين العام لجبهة التحرير الوطني الجزائري عبد العزيز بلخادم "بأن الجزائر لن تتخذ قرارا بفتح الحدود مع المغرب إلا بعد أن تستجيب الرباط إلى مطلب التعاون الأمني ومكافحة التهريب والمخدرات والهجرة السرية، إضافة إلى أمور أخرى".
لم يشر بلخادم إلى ماهية الأمور الأخرى، الشيء الذي فسره المحللون بكونه يقصد تخلي المغرب عن موقفه بشأن قضية الصحراء وتسليمه بمبدأ تقرير المصير.

وفي قراءة للتصريحات الجزائرية، يعتبر عبد الفتاح البلعمشي مدير المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات"أن ما قاله بلخادم هو مجرد تحصيل حاصل" فالمتتبعون يرون أن رفض الجزائر لإعادة فتح الحدود مع المغرب قرارا يتنافى والرهانات الحالية والمستقبلية المطروحة على دول المغرب العربي،والمتمثلة في التصدي لمجموعة من التحديات التي تواجه هذه الدول ، ومنها ما يتعلق بالإرهاب والمخدرات والهجرة السرية. على اعتبار أن الجزائر معنية بالأمر أيضا.
ويضيف البلعمشي أن قضية فتح الحدود يجب التعامل معها في بعدها الإنساني على اعتبار أن الشعبين تربطهما مجموعة من الروابط الإنسانية والنفسية، لدى يجب أن يعمل كل من موقعه لأجل تسوية الخلاف".
وبالرجوع إلى مشكلة الصحراء المغربية التي تعد أحد قضايا التوتر الرئيسية بين الجزائر والمغرب من ناحية‏، وأحد أسباب التعنت الجزائري بخصوص قضية الحدود‏ من ناحية أخرى، يقول مصطفى النعيمي المتخصص في شؤون الصحراء في تصريح ل"مغرب اليوم"، "إن الجزائر تستعمل هذه القضية كورقة ضغط على القوى الأوروبية خاصة من أجل انتزاع أكبر قدر من المطالب بخصوص هذا النزاع المفتعل"
وبالتالي يضيف النعيمي، فهي تضع ذلك كأولوية قبل البدء بتسوية ملفات الإرهاب والمخدرات وكذا الهجرة السرية.
ولكون قضية الحدود المغربية الجزائرية أثرت ولا تزال على مستقبل المنطقة، فإن العديد من الأطراف في المغرب العربي ترى أنه مع استمرار لائحة الشروط الجزائرية، فإن الهوة مازالت قائمة والتوتر بشأن إغلاق الحدود بين الجانبين سيظل قائما إلى ما لا نهاية‏، لكون التعنت الجزائري أعاد‏ هذه القضية الملتهبة منذ‏14 ‏ عاما إلى نقطة الصفر.






الأحد، 1 مارس 2009

فوضى قطاع الصيدلة في ظل غياب القوانين التنظيمية


يعيش مهنيو الصيدلة أزمة حقيقية، في ظل غياب الترسانة القانونية التي تنظم القطاع و تراجع القدرة الشرائية للمواطنين وضعف الولوج للعلاج، إلى جانب التغطية الصحية التي لا تشمل إلا 30 في المائة من المواطنين، ما يجعل 70 في المائة منهم لا يتوفرون على هذه التغطية، عوامل تنعكس بشكل مباشر على قطاع الصيدلة، رغم أن ظهير 1960، جرى تحيينه، وصدر بصيغة مدونة الدواء والصيدلة، لكن هذه المدونة ظلت غير قابلة للتفعيل في ظل عدم إخراج نصوصها التطبيقية.
يضم قطاع الصيدلة في المغرب قرابة 10 آلاف صيدلي لازالوا ينتظرون إصدار قوانين تطبيقية لمدونة الأدوية والصيدلة رقم 17ـ04 التي خرجت إلى حيز الوجود سنة 2006، فهم يطالبون وزارة الصحة بالتدخل لأجل تنظيم أفضل للمهنة وحل مشاكل العاملين في القطاع ، صيانة لحقوق المواطنين الصحية وتفاديا للأزمات القانونية والاقتصادية التي يعانيها القطاع الذي يوفر 20 ألف منصب شغل مباشر ومناصب عديدة غير مباشرة.
إلى متى يستمر غياب النصوص التنظيمية؟
يجمع مهنيو الصيدلة، على أن الترسانة القانونية التي تنظم القطاع، أصبحت متجاوزة وغير قادرة على مواكبة التطورات التي عرفها، مع العلم أنه جرى تحيين ظهير 1960، الذي صدر بصيغة مدونة الدواء والصيدلة، التي بقيت غير قابلة للتفعيل في ظل عدم إخراج النصوص التطبيقية لها، إذ يؤكد أنور فنيش رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب " أن قطاع الصيدلة يعيش نوعا من الفراغ القانوني، لأنه لا يخضع اليوم إلى قانون مضبوط ومحدد، نستطيع بمقتضاه حصر وتقنين ممارسة الصيدلة، ما يطرح عدة إشكاليات على مستوى ممارسة المهنة".
الأزمة لا تقف عند هذا الحد، إذ أصبحت تنعكس ليس فقط على القطاع، بل أيضا على صحة المواطنين، وذلك عن طريق الممارسة غير القانونية للمهنة، فالدواء يروج عبر مسالك غير مشروعة أحيانا، وخارج الإطار القانوني والمتمثل في الصيدلية، "إذ يباع في الأسواق وداخل عدد من الجمعيات، التي تتستر وراء العمل الاجتماعي، وتتاجر في الأدوية، كما يتم بيعه أيضا أمام المستشفيات وفي السوق السوداء" يضيف فنيش في تصريح ل"مغرب اليوم". ربما هذا ما يشكل في حد ذاته خطرا على صحة المواطنين، فضلا عن أنه يجعل مهنة الصيدلة في مواجهة المنافسة غير الشريفة.
وبالرجوع إلى الترسانة القانونية المنظمة للقطاع في المغرب فقد كان ظهير 1960 يشكل الإطار القانوني الذي ينظم مهنة الصيدلة، ويحدد شروط منح التراخيص وممارسة المهنة، و قد جرى تحيينه ، وإصدار مدونة الدواء والصيدلة، إلا أن تعثر صدور النصوص التطبيقية، يقول فنيش أدى إلى عرقلة تفعيل ما جاءت به هذه المدونة، بالإضافة إلى أن القانون الذي يصنف الأدوية، وضع منذ سنة 1922، وهو ما يطرح عدة إشكاليات وتناقضات داخل القطاع،مما يستدعي ضرورة التعجيل بصدور القانون التنظيمي.
الصيدلية والمصحة...والمنافسة غير المشروعة
ويشكل بيع الدواء بالمصحات إحدى أهم المعيقات التي تزيد مشاكل القطاع ، فوظيفة هذه المصحات تتلخص حسب فريد هكو رئيس مصلحة علم الأدوية بمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء في معالجة المرضى باعتبار أن مهمتها هي التطبيب" فالدواء الذي يجب أن تتوفر عليه، يوظف للعلاج فقط ، ويضيف أنوار فنيش "القانون المصادق عليه في مدونة الدواء والصيدلة للأسف لم يعالج المشكل بالطريقة المنتظرة ، بحيث أنه يسمح بتفصيل لائحة الأدوية التي تصرف في المصحات وتلك التي تصرف في الصيدليات " وهناك العديد من هذه المصحات تعيش ببيع الدواء. لذا يطالب المهنيون
بوضع لائحة محصورة للأدوية التي يجب أن تصرف في المصحات، مع تعليب خاص لها، مما قد يساعد على فرز الأدوية التي تستعمل في المصحات عن تلك المعروضة للبيع في الصيدليات لتفادي أي تلاعب، ومراعاة للقدرة الشرائية للمواطنين.


عشوائية توزيع الصيدليات
في جميع الأحياء والشوارع أصبحت ظاهرة تكاثر الصيدليات شبيهة بظاهرة تكاثر المقاهي والمخادع الهاتفية يقول خالد 30 سنة إطار بنكي " الغريب في الأمر أن نرى عدد الصيدليات في تكاثر إذ أصبح مابين صيدلية وصيدلية، صيدلية ". فعددها حسب المهنيين يتجاوز بشكل كبير مستوى المتطلبات والحاجيات، وذلك اعتمادا على المعايير المعمول بها دوليا، لأنه في الوقت الذي تحدد هذه المعايير عدد الصيادلة بالنسبة لعدد السكان في صيدلي لكل 5000 ساكن، نجد في المغرب أننا نتوفر على صيدلي لكل 2000 ساكن وهنا تطرح المسألة المرتبطة بالرقم القافل، المتعلق بفتح الصيدليات حسب عدد السكان، وفي هذا الصدد يقول رئيس الفيدرالية الوطنية لنقابات صيادلة المغرب "هذا العامل معتمد تقريبا في جميع أنحاء العالم، أما في المغرب فالمسؤولون أثناء إعداد مدونة الدواء والصيدلة لم يقبلوا بعامل الرقم القافل لأسباب نجهلها، ربما لأنهم غير مقتنعين به أو لأسباب أخرى" ويضيف "المهم أننا نحن مقتنعون بأن الرقم القافل ستكون له انعكاسات إيجابية على قطاع الصحة وعلى التوزيع العادل للصيدليات على المستوى الوطني". نفس الأمر يؤكده عبد الله، صيدلي قائلا: "لا أظن أن هناك تخوفا من قبل المسؤولين بخصوص هذا العامل، ولكن الأمر يحتاج إلى شيء من الجرأة".
في المقابل نجد أن هذه الوضعية لا تنطبق على المناطق القروية وحتى بعض المناطق الحضرية النائية، وربما السبب في ذلك يعود حسب مسؤول في وزارة الصحة "إلى سعي المهنيين وراء الربح المادي قبل أي شيء مما يتنافى مع ما يدعوا إليه الصيادلة من تقريب الدواء من المواطنين"