الثلاثاء، 2 مايو 2017

مهن تنقرض وأخرى ترتعد أمام الغزو التكنولوجي فهل نواكب العصر أم مكانك سر؟




تحقيق / فوزية عزاب
نشر في مجلة:"عين الإمارات:

مع الغزو التكنولوجي الذي طال مختلف نواحي حياتنا وسهل أمورنا كان للجانب الاقتصادي حيز هام في عملية التغيير من حيث ظهور مهن جديدة لقاء مهن أخرى انقرضت أو باتت قاب قوسين أو ادنى من الانقراض في المستقبل القريب. حيث أفاد تقرير حديث للمنتدى الاقتصادي العالمي ، حول مستقبل المهن في ظل التطور ‏التكنولوجي المتسارع، بأن 65% من الأطفال في المرحلة الابتدائية حاليا سيعملون في مهن ليست ‏موجودة الآن، وأضاف التقرير الذي شمل دراسة العوامل المؤثرة في سوق العمل والمهن التي يقل الطلب ‏عليها، أن ثلث مهارات العمل الحالية لن تكون مطلوبة بعد خمس ‏سنوات، ولن تكون هناك حاجة لـ5.1 ملايين وظيفة في الفترة بين 2016 و2018، وستحل محلها ‏الأجهزة الالكترونية المتطورة. مما يدق ناقوس الخطر حول احتمالية تفشي البطالة في المجتمعات غير المؤهلة لمثل هذه المتغيرات، كما قد يضطر الكثيرون إلى البحث عن مهن أخرى غيرمهنهم أو تحديث مهاراتهم بما يتوافق ومتطلبات المرحلة القادمة.
فماهي المهن المهن المهددة بالانقراض وماهي المهن التي باتت بحكم المنقرضة بسبب التكنلوجيا ؟ وهل ستحل محلها مهن أخرى؟ وإلى أي حد نحن مستعدون (مؤسسات وأفراد) للتغيرات التي ستطرأ على سوق العمل بحلول العام 2030؟ هذا ماحاولنا تقصيه في تحقيقنا التالي :


‎‎اختفاء المهن
معتز كوكش /خبير تقنية المعلومات
يقول الخبراء إن الحاجة إلى هذه المهن، المؤجلة إلى "ما بعد 2020"، ستعتمد على نجاح التطور التكنولوجي للبلاد والعالم بالعموم. وتتطلب هذه المهن معايير تختلف عن المعايير التي نعرفها اليوم، وسيتم بناء هذه المعايير من الصفر، وسيؤخذ بالحسبان تطور التقنيات التعليمية. التشكيل القانوني لهذه المهن، وإدراجها في سجل المهن سيقوم بدعم وتطوير الصناعة والرعاية الصحية في أي سيناريو لتطوير البلاد أو حتى العالم، كما يدّعون.
كما تم تخصيص جزء مستقل من البحوث للمهن التي ستختفي. حيث يدّعي المؤلفون أن بعض المهن ستختفي من سوق العمل، تحت ضغط نظم الأتمتة والروبوتات. جزءٌ آخر سيموت مع تطور بعض الصناعات المرتبطة بها. فقد توقع العلماء الاختفاء السريع لصناعة الورق، وأعمال النشر، وعلوم المكتبات والأرشفة، والخدمات البريدية. ويتوقعون أنه، حتى قبل عام 2020، ستختفي من سوق العمل بعض المهن مثل وكيل سفر، محاضر، ومؤرشف ملفات، ومشغّل مصاعد، وميكانيكي، وساعي البريد. وبعد عام 2020، سيختفي عدد آخر من المهن غير الضرورية مثل عمال النظافة، ومدراء الأعمال، وعمال المناجم، والصحفيين، وكتّاب العدل، والصيادلة، والمستشارين القانونيين، وحتى مفتشي شرطة المرور.

مواجهة المد التكنولوجي
سعيد شافني/صحفي بجريدة الوطن
بالتأكيد، غالبا ما يتم وضع مقارنة بين ما هو حديث وما هو تقليدي، وأن الأول سيأخذ مكان الثاني لاعتبارات كثيرة، لكن فيما يخص الصحافة التقليدية وتضررها من التكنولوجيا أو الإعلام الحديث كما يصطلح عليه "مواقع الكترونية، مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها"، يجب أولا أن لا ننكر ما باتت تلعبه هذه الوسائط من أهمية من حيث تمرير الأخبار واتساع رقعة وانتشار الخبر، خصوصا وأننا صرنا نعيش عهد الصحفي المواطن من خلال الهاتف النقال وجهاز الكمبيوتر المحمول، كما بات العالم قرية صغيرة بفعل التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، لكن هذا لا يمنع أن نقول أن للصحافة الورقية مكانتها وحجمها الطبيعي وإن كانت بعض الدراسات والمؤشرات تقول بأن العهد الجديد هو للصحافة الالكترونية وأن الأخيرة أخذت حيزا كبيرا من اهتمام القراء، فهذا أمر يبقى نسبياً، والدليل على ذلك هو ما عاشته الصحافة الورقية في عهد التلفزيون والراديو إذ أن الجميع توقع اندثار الجرائد في ظل زحف التلفزيون والراديو، وأعتقد أن الأمر ذاته تعيشه الصحافة الورقية مع انتشار المواقع الالكترونية، حيث تبقى للورق ميزته وخاصيته التي يستحيل الاستغناء عنها، ومن التسرع جدا القول أن الجرائد الورقية إلى زوال ،وعلى العكس من ذلك  العالم ما زال يشهد ميلاد جرائد ورقية من حين لآخر..
وفي ظل كل هذه  المتغيرات والتطورات الملموسة التي يشهدها مجال الإعلام، يظل الصحفي محور الاهتمام، إذ عليه أن يواكب التطور الحاصل في المجال من حيث إدراك التقنية والمحتوى الرقمي والتكيف مع طبيعة العمل الصحفي سواء أكان ورقيا أو الكترونيا.
أحمد علي /عامل الكاشير
إن سرعة التطور التكنولوجي الذي نعيشه حاليا ستفرض على المتاجر ومراكز التسوق مستقبلا  استبدال عامل الكاشير أو أمين الصندوق، بالكاشير الآلي وهو جهاز يحسب قيمة مشتريات الزبائن، وسيقوم الكاشير الآلي بالدورالبشري .ولن يكون على المشتري سوى تمرير المنتجات على الجهاز، كي يقرأ الباركود أو رقاقات الراديو المرفقة بها.ثم يضع الزبون المنتج على ميزان لقياس وزنه وتسجيله، ثم يدفع الفاتورة بالطريقة التي تناسبه، نقداً أو بواسطة بطاقة ائتمانية أو شرائية، من خلال الجهاز.  وقد يسرع من قدوم هذا التغيير، بعض التطبيقات التي تسهل الدفع بواسطة الهواتف الذكية. لذا علينا أن نعي  جيدا خطورة القادم وان نحاول  جاهدين تطوير معارفنا في مجال تقنية المعلوميات والتكنولوجيا من خلال حضور بعض الدورات للطلبة الجامعيين فالمستقبل فقط للتكنولوجيا وعلينا اختيار المهن ذات المستقبل .

محمد صلاح / مستشار قانوني
نشرت بعض التقارير والمواقع أن خدمات المحاماة الإلكترونية بدأت في الظهور وأشهرها خدمة برنامج معلوماتي يدعى(روس) والتي يقوم بتحليل قرارات القضاة والأدلة والحجج التي يتم تقديمها في القضايا المماثلة للقضية التي تتم دراستها، من أجل ضمان أفضل النتائج.. أعتقد أن الأمر غير منطقي وغير مقبول لأن مهنة المحاماة مهنة سامية تتعلق بالعدالة وبقناعة المحامي في القضية وهي تحتاج إلى فن وحرفية  ليس بوسع  البرنامج الالكتروني المزعوم مسايرتها.
كيف يعقل أن يقوم هذا البرنامج الالكتروني بتحليل القضايا ونصوص القانون ومن ثم تجهيز ملف الدعوى للقاضي ؟!  أليس من العجيب أن تقوم آلة بما يقوم به المحامي من تفكير عميق وتحليل دقيق لملف الدعوى والتحقيق ومن ثم يبني عليها دفاعه ودفوعه المنصوص عليها طبقا للقانون ؟! تبقى للعقل البشري ميزته. فنسبة الخطأ إذا كانت من طرف المحامي 3% او قد تكاد تكون معدومة .. فبالتالي تكون نسبة الخطأ من ذاك البرنامج 97 % على الأرجح .. لأنه لن يستطيع مطلقا مطابقة الفكر والتحليل الذي يقوم به المحامي من سهر و كد وتعب لبناء الدفاع على الوجه الأكمل.
عمال المصانع ..بطالة ممنهجة
طوني  مدير فرع شركة الغربية للسيارات
أصبح الاعتماد على الإنسان الآلي أساسياً في بعض مجالات الحياة وعنصراً فاعلاً في العملية الإنتاجية داخل كبرى المصانع العالمية لما يتميز به من دقة وسرعة وقلة التكاليف، وأصبح منافساً قوياً للعنصر البشري الذي أصبح عبئاً على أصحاب الشركات بسبب الأجور المرتفعة وقوانين حماية العمال وغيرها.. .
ظهور الروبوت كبديل عن الإنسان في كثير من المصانع العملاقة في مختلف الصناعات بخاصة السيارات والإلكترونيات التي تتطلب إدارتها سرعة ودقة متناهية، واقتصر دور الإنسان فيها على ملاحظة الإنتاج وخلوه من العيوب والإشراف على عمل الروبوتات، ويأتي مصنع ''بي إم دبليو'' الألماني لصناعة السيارات كأبرز تلك النماذج منذ عدة سنوات، إذ تمتلئ عنابر العمال بأذرع آلية باتت تقوم بنفس المهام بقوة ودقة متناهية، خاصة في تصنيع وتجميع جسم السيارة الأساسي. ويمكن القول أنه في غضون السنوات القليلة القادمة سيكتسح الروبوت العالم وسيشكل البديل الأمثل للأيدي العاملة بنسبة مخيفة قد تتسبب في ظهور البطالة
الروبوت ..معلم مساعد
وترى مديرة التعلم الإلكتروني والابتكار في مجلس أبوظبي للتعليم، الدكتورة نجلاء النقبي، بأن التطور المذهل والسريع الذي تشهده صناعة الروبوت، قد يفرضه كمعلم مساعد في الصفوف الدراسية خلال السنوات الخمس المقبلة، من خلال ما يملكه من معلومات وبيانات، وقدرته على التحليل والقياس.
وذكرت إن التطور غير المحدود للروبوت سيعزز دوره داخل الفصل الدراسي، حيث سيعتمد عليه المعلم في قياس مهارات وقدرات كل طالب على حدة، واقتراح أنماط التعليم الخاصة بكل طالب، وفق ما يتناسب مع قدراته وإمكاناته، كذلك الاختبارات وأدوات القياس..
وعن رأيه في هذا القرار قال خالد السيد معلم لغة عربية أن هناك فرصة كبيرة للاستفادة من إمكانات "الروبوت" كمعلم  مساعد داخل الفصول الدراسية، واستبعد أن يتأثر الدور الراهن للمعلم سلباً بوجود الروبوت، لأن التفاعل الإنساني والوجداني والسلوكي وحاجة الطلاب للقدوة والمحفز، ستبقي دوره محورياً في المنظومة التعليمية".
وتابع قائلا: "يمكن للمعلم أن يعتمد على الروبوت في وضع الخطط التطويرية لكل طالب،  لكن الأمر حقيقة  سيفرض على المعلمين أنفسهم تطوير مهاراتهم وقدراتهم، ليتمكنوا من مجاراة التطور التكنولوجي المذهل وهذا هو الواقع الذي يجب علينا الاستعداد إليه"
الروبوت ليس بديلا
محمد الشامي /خبير وأول مخترع روبوت إماراتي
إن الروبوت لا يلغي الوظائف بل يساعد على تحسين مستوى الأعمال ورفع الأداء والقيام بالمهمات الصعبة والخطرة والروتينية المملة، وذلك في المجالات المدنية والعسكرية
كما أن شركات تصنيع الروبوتات تتيح فرصاً للوظائف. واعتبر أن آفاق التطور التكنلوجي لا حدود لها مثل الطيار الآلي في الطائرات والسيارات ذاتية القيادة، كما توجد استخدامات منزلية مثل تنظيف البيت والمراقبة، وأكبر سوق محلي للروبوتات هو في مجال تعليم الأطفال، حيث يبدأ الطفل بتعلم الرياضيات والفيزياء بمساعدة الروبوت. وهو أمر يطبق في الإمارات ومعتمد في التعليم الحكومي، وإن كانت المنتجات لم تزل تستورد من الخارج، ولكن مع توجه الحكومة لدعم الابتكار نأمل بتصنيع الروبوتات محلياً، ونحتاج من أجل ذلك إلى تطوير الكوادر الوطنية بدء من المراحل التعليمية الأولى
مهن المستقبل
الدكتور حازم إبراهيم / مستشار موارد بشرية ‏
من المهم الإشارة إلى أنه بالتزامن مع تلاشي الكثير من المهن، تستحدث وظائف جديدة تواكب المجالات المبتكرة، فمثلا مع التحوّل نحو الصحف الإلكترونية خلقت وظائف جديدة متعلّقة بالإعلانات الإلكترونية، التي تعمل أوتوماتيكياً بمجرّد اللمس على عنوان الخبر والفيديو، فأصبح هناك عمل لمن يضعون تلك الإعلانات ولمن يقيسون ترددات المشاهدة، ولمن يحلل هذه المعلومات، لمواءمة الإعلانات بحسب توجهات القارئ، وبفضل التكنولوجيا أيضا، ازدهرت مهن جديدة منها مثلا مبرمجي التطبيقات الهاتفية ومديري الأمن الإلكتروني ومطوّري الحوسبة السحابية.

وأكد حازم إبراهيم أن الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي المتسارع، هما العامل الأبرز في تغيير طبيعة الأعمال مستقبلا، وهذا يتطلب تغيير الجهات ذات العلاقة لطريقة التعليم والتدريب للأجيال الجديدة، اعتمادا على التعلم الذاتي المستمر، بحيث يرسخ في أذهان الطلبة الصغار أنهم من يتحملون الجزء الأهم من تطوير أنفسهم في المجالات التي يرغبون العمل بها مستقبلا، عبر التعلم التفاعلي عن بعد عبر الانترنت، وأيضا بحضور ورش عمل ودورات تدريب مناسبة، لأن سرعة التطور التقني وظهور اختراع كل 5 إلى 7 سنوات يجعل من الصعب بل المستحيل على الجهات المعنية إقامة مؤسسات وتدريب على أجهزة ستختفي ويظهر غيرها بعد بضع سنوات..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق