تحقيق: فوزية عزاب
نشر في: "مجلة عين الإمارات"(ديسمبر2017)
لاشك أن معظم النساء يملن بطبيعتهن
إلى الثرثرة، وهو شعور غريزي يجعلهن ـ وفقاً للدراسات ـ يشعرن بالراحة كونه يساعد في
إفراز هرمون السعادة لديهن. ولطالما شكّلت
مجتمعات المرأة الخاصة لغزاً محيراً للرجال.
فهم دائماً يتساءلون حول مايدور بين النساء من أحاديث لدى تجمعهن في النوادي
وصالات الرياضة، ومراكز التجميل أو في الجلسات النسائية في منزل إحداهن.
هذا ماكان يقتصر الأمر عليه في الماضي أما في عصرنا الحالي فقد توسعت دائرة
المشاركة عبر الفضاء الأزرق فاقتحمت النساء العالم الافتراضي ووجدت فيه متسعاً هائلاً للبوح
دون رقيب ولاعتيد ، من خلال "جروبات" و ملتقيات ومنتديات نسائية عبر
صفحات الفيس بوك- إما بحثاًعن حلول لمشاكلهن الشخصية أو رغبة في إشباع فضولهن
للإلمام بأخبار بعضهن، أو تبادل للتجارب
الحياتية- تجمعات اختلفت تسمياتها لكنها
في النهاية تشكل منبراً حراً للحديث دون
التقيد بشارات مرور. من إفشاء أدق الأسرار الشخصية والزوجية. أو المشادات
الكلامية. غير واضعات في حسبانهن ماقد ينجم عن إفشاء تلك الأسرار من كوارث عائلية
عن طريق الصدفة أو عن طريق تعمد البعض منهن إفشاء الأسرار لمن تهمه أولعدة اسباب
أخرى. وهذا ماجعل الشبكة العنكبوتية تدخل ضمن أحد المسببات الأساسية لازدياد حالات
الطلاق ولاسيما في مجتمعاتنا الشرقية التي لاتزال تتمسك بإطارها المحافظ .
فما هو واقع الجروبات
أو المنتديات النسائية عبر قنوات التواصل؟ وماهي أخطار تداول الأسرار عبرها هذا ما
نحاول تناوله في تحقيقنا التالي :
المهندسة رزان أبو دقة مؤسسة ملتقى سيدات الشارقة تقول : جاءت فكرة تأسيسي
لهذا الملتقى لسيدات الشارقة رغبة في
البحث عن صديقات وخلق فضاء للتعارف بيننا في إمارة الشارقة نظراً للغربة التي كنت
أعيشها في ذلك الوسط الاجتماعي. وكان الملتقى فكرة محلية في إمارة الشارقة لكن ما صادفه
من قببول وتجاوب ومشاركة واسعة جعلنا نجتاز عتبة المحلية إلى العالمية والآن أصبح الملتقى بمثابة ملتقى سيدات العالم. وتخطى المليون عضوة ،والفضل يعود في هذا
الانتشار إلى فكرة الملتقى وملامسته لرغبات النساء ومتطلباتهن وهواياتهن ومايشغل
فكرهن من أمور.، كما أن تنوع المواضيع التي تتم مناقشتها وشموليتها دون الإقتصار
على مواضيع الحياة الزوجية فحسب ليس فهناك عضوات غير متزوجات وأخريات مطلقات
وأرامل. فبالتالي المواضيع متنوعة بما فيها المشاكل التي تعترض النساء في حياتهن
اليومية وكيفية التعامل معها فمعظم العضوات تعتبرن الملتقى مكاناً للبوح والفضفضة
وتبادل الرأي والمشورة بعيداً عن الرقيب، ولاسيما أنهن تجدن
آذاناً صاغية وحلاً لمشاكلهن بفضل تفاعل باقي السيدات بالملتقى وهذا هو الهدف
الرئيسي من هذا التجمع، بعيداً عن المشاحنات رغم أن التجمع يضم عضوات من مختلف
النحل والجنسيات والمذاهب والتوجهات
المختلفة ونحن نحاول تقريب وجهات النظر
وجعله فضاءً للتواصل بعيداً عن إثارة الخلافات وقضايا التي تثير الجدل .
ومن المواقف الطريفة
التي حصلت داخل الملتقى تحكي رزان:" ذات يوم قمنا بطرح سؤال على العضوات ،
"من الأكثر حناناً مع الحفيد أهل الزوجة أم أهل الزوج؟" فكانت معظم الإجابات
بأن أهل الزوجة هم الأكثر، و90% ممن أجبن كانت حمواتهن بالملتقى. وسرعان ماجاءنا
الهجوم المعاكس من قبل الحموات لمعتابة ولوم
الكناين لتفضيلهن أمهاتهن على أمهات أزواجهن ..لينتهي الأمر بمساعينا للإصلاح بين الطرفين والتي تكللت بالنجاح.
للتجارة نصيب أيضاً
تمارا أبوغربية
أدمن في مجموعة "صبايا العين" تقول: بهدف التعارف وكسب صداقات، وتبادل
المعارف والخبرات والإجابة على عديد من التساؤلات والاستفسارات في الغربة، جاءت فكرة تأسيس ملتقى صبايا العين
الذي يضم مجموعة سيدات القاسم المشترك بينهن هو مكان الإقامة، في مدينة العين
وأبوظبي.. تخص مثلاً المدارس المرافق وأماكن لاقتناء أشياء معينة . فأصبحت
المجموعة فضاءً للتواصل يجيب على جميع هذه التساؤلات، وملأ فراغ العديد من ربات
البيوت اللواتي يشاركن بعضهن أحيانا وصفات المطبخ.
ونحن الآن في السنة الثالثة وعدد العضوات في
تزايد. وهناك أعداد كبيرة في قائمة الانتظار.. لكن يبقى دور الأدمن صعب جداً في
خلق التوازن وحل الخلافات التي قد تحدث بين الفينة والأخرى لأن الاختلاف في الرأي
بين امرأتين هو من المسلمات فمابالك بين جمع أنثوي بهذا العدد؟ أمر يصعب السيطرة عليه... كما أن الأدمن ليست
متفرغة دائماً للجروب، ورغم أننا حددنا مبادئ وضوابط الملتقى إلا أن الأمر لا يخلو
من بعض المشاكسات التي قد تضطرنا للتدخل من حين لآخر ولفت الانتباه أو التذكير بقواعد
الملتقى.. وإذا ما تمادت عضوة يتم حذفها أو حظرها نهائياً لردع الأخريات عن أمثال
هذه التصرفات ..
وبعيداً عن كون الملتقى منصة
للفضفضة وحكايات النساء ، هناك أيام في الأسبوع نخصصها لعرض منتجات أو
أغراض للبيع من طرف العضوات التاجرات وصاحبات الصالونات والمحلات حتى تعم
الفائدة.. وتبقى الخصوصية هي شعارنا ولا نتنازل عنها، لذلك خصصنا أدمن دورها فقط
تتبع الحسابات والتأكد من أنها ليست لرجال قبل الموافقة على انضمامها، لأننا نعرف
أن البعض من ضعاف النفوس شغلهم الشاغل هو التجسس على النساء ومعرفة مايقمن به أو
انتهاك خصوصيتهن.
ميدان للفضفضة
جيهان نبيل أدمن
"ملتقى مغربيات الإمارات" تقول: لم يكن التعارف فقط هو الدافع نحو تكوين هذا
"الجروب" النسائي، إنما تقاسم الثقافة واللغة، بين أعضاء هذه المجموعة
الفيسبوكية الخاصة بالنساء المغربيات المقيمات بدولة الإمارات ولقد فكرت مع مجموعة من صديقاتي المغربيات في خلق هذا التجمع بعد أن لاحظت أن
معظم المغربيات المتواجدات بالدولة يواجهن مشكلة في الحديث
بلهجتهن التي يصعب على الكثيرين
فهمها مما يضطرهن إلى الانضمام إلى مجموعات غريبة عنهن والدردشة بلهجات عربية أخرى
تختلف عنهن. فالثقافة والتقاليد المغربية
لا يعرفها الجميع كالأكل المغربي وطقوس الزفاف والولادة وغيرها .. فقلت لم
لانؤسس ملتقى خاصاً بنا في الإمارات نناقش فيه قضايانا بلهجتنا كوننا نتمتع بنفس
الخلفية الثقافية لأن هذا من شأنه أن يعزز التواصل بشكل أكبر لطرح مشكلة أو طلب
استشارة أو ماشاكل ذلك من أمور.
وتضيف جيهان:
" نحن في الملتقى نعتمد على التفاعلية من طرف العضوات، فمن لا تتفاعل يتم حذفها والتي تثير المشاكل ونتلقى
شكاوى عنها يتم أيضاً حذفها، ولا تتم
إضافة أي عضوة حتى تتم تزكيتها من طرف صديقة للملتقى ، ومن فترة لأخرى نقوم بما يسمى غربلة للعضوات ..لأن
الملتقى هو بمثابة حائط تنشر فيه أسرار الكثير من العضوات ..لذا يجب أن نحافظ على
هذه الأسرار قدر المستطاع.
عباءة المحقق
وعن الأزمات التي تواجه القائمين على سرية "الجروبات النسائية"، تقول
مؤسسة مجموعة "كلام نواعم" نور هندي: "نتعرض لمحاولات مستميتة من الرجال
لاختراق الجروب والانضمام إليه، لسبب أو لآخر ربما فضولاً لمعرفة ما يدور بداخله ،
وربما لاصطياد السيدات وابتزازهن والتشهير بخصوصياتهن. الأمر صعب جداً. ولذلك
ترانا نتأنى كثيراً قبل الموافقة على طلبات الانضمام ونراقب الحسابات لفترة حتى نتأكد
أنها لسيدات وأنها قديمة وليست مزيّفة. لكن الأمر لا يخلو من أخطاء.
ومع ذلك "قبل أسابيع، اندس أحد الرجال داخل المجموعة وأخذ صوراً للعديد
من السيدات اللواتي علّقن على مواقف ليلة الزفاف ونشرها عبر صفحة عامة أخرى، وكاد ذلك
أن يتسبب في طلاق الكثير من العضوات مما اضطرنا للتدخل السريع والضغط على أدمن تلك
الصفحة لحذف مانشر وانتهى الأمر.
فن التعامل مع الزوج
بدرية
حمدي إحدى العضوات في مجموعة "كلام نواعم" ، تقول إن "المجموعة مفيدة
ومتنوّعة. يمكنني طرح أي تساؤل عن وصفات التجميل و الطبخ أو تزيين المنزل و تربية الأبناء
أو الموضة. بجانب التسلية والبوستات التفاعلية.
. وتتابع: "أحب أيضاً جوّ التعاون والدعم عندما تطرح واحدة من النواعم مشكلة
أو استفساراً أو طلباً، الجميع يتفانى في المساعدة والتعليقات. وتضايقني بعض السيدات
المتشددات اللواتي يرغبن بفرض آرائهن المتزمتة على المجموعة أو ممارسة دور الرقيب
علينا حتى في كلامنا خلال فترات لهونا.
واجهة للاستعراض
كوثر بيوضي
المجموعات الفيسبوكية عامل جذب بامتياز للعديد من المتابعين، وتتنوع بين عامة وخاصة وأخرى موجهة إلى النساء بمواضيع متنوعة، وتختلف طبيعة المناقشات
فيها التي يغلب عليها طابع القضايا النسائية،
المشاكل الأسرية، ومواضيع تربية الأبناء وغيرها..، فضلاً عن كونها تعد ملاذاً نسائياً
بامتياز للتعبير بحرية. لكنها في كثير من الأحيان تتحول إلى مزاد علني لاستعراض
الممتلكات من حلي وألبسة وسيارات ومفروشات ...حيث تتفنن بعض العضوات في استعراض مقتنياتهن من باب التباهي
والتفاخر والتميز ..هذا أمر غير مقبول لأنه يثير حساسية الكثير من العضوات داخل
المجموعة اللائي ليست لديهن القدرة المادية لشراء أو امتلاك
ماتمتلكه الأخريات..لذلك يفترض أن نراعي مشاعر الجميع حتى لا تحيد هذه المجموعات
الجميلة التي تعتبر بمثابة المتنفس الوحيد للعديد من النساء عن هدفها الأساسي وهو
التعارف وتحقيق الاستفادة والمنفعة
العامة.
الاختلاف يفسد للود
قضية
نورة عادل
تجربتي مع المجموعات
الفيسبوكية بدأت منذ فترة قد أصفها بالبعيدة، بين عضو في مجموعات ومشرفة في مجموعات
أخرى، عشت فيها العديد من الأحداث والمواقف
الإيجابية والسلبية، بين مشاركة تطرح مشكلة مع زوجها، وأخرى مع حماتها وكيفية
التعامل معها، وثالثة تعاني في تربية الأبناء، ورابعة تبحث عن أفضل المدارس، ومشاركة
أخرى تبحث عن وظيفة، أو تود تنمية مهاراتها أو مشاركة وصفاتها وخبراتها مع زميلاتها
في المجموعة.
لكن مجموعات الفضاء
الأزرق وإن قلنا إنها إيجابية نوعا ما لكنها لا تخلو من السلبية، إما بسبب إفشاء الأسرار
أو الاختلاف في وجهات النظر والذي وصل في عدة حالات إلى مراكز الشرطة.فنحن لا نستطيع
أن نجزم أن هذه المجموعات رغم كونها مغلقة أو سرية تتسم بالخصوصية، فخاصية النسخ وتصوير
الشاشة لاتزال سلوكاً يتبعه البعض ممن يهوون
المتاجرة بخصوصيات الآخرين ونقل الكلام . هذه
التصرفات التي غالبا ما تخلق المشاكل بين الأعضاء وتنتقل خارج العالم الافتراضي وتأخذ
شكل خصومات واقعية ربما يعمل على تسويتها في القضاء أو مراكز الشرطة..
فمثلاً قرأت في إحدى
المجموعات منشورا لإحدى السيدات تقول فيه أنها "فضفضت" لصديقاتها عن ظروف
زوجها المادية، فالكثير نصحنها بالانفصال أو الثورة وما إلى ذلك من نصائح سلبية، هذه
السيدة التي تم شحنها بطاقة سلبية أدت إلى انفجارها في وجه زوجها ومطالبته بالعمل كغيره لتحسين
وضعهم المعيشي . ولم يملك الزوج رداً نظراً لظروفه المعاكسة ، بل اكتفى بالصمت وخلد
إلى نوم عميق لم يستيقظ بعده أبداً،، وتوفى من جراء الصدمة. ناهيك عن الصور ومقاطع
الفيديو التي تنتشر بسرعة البرق، ولا تظل حبيسة الصفحات النسائية المغلقة، بل وتصبح
"حديث اليوم" في المجموعات العامة، منها من يتم الاستهزاء من شكلها،أو لباسها،
أو حديثها أو تصرف مستهجن قامت فيه خلال جلسة أنس بين زميلات لها غير مدركة أنه
سينتشر خارج إطار الزميلات ويغدو بيد القريب والبعيد مما يشكل صدمة وفضيحة..
ولن ننسى الثرثرة والنميمة
التي تتحول إلى الرسائل الخاصة عن "فلانة"، وحياتها الخاصة وما إلى ذلك
هذه السلبيات جردت الصفحات
النسائية من هدفها الأساسي بكونها ملتقى نسائياً للفضفضة، والاستفادة من التجارب الإيجابية
والتعاون بين العضوات، وجعلت الحيطة والحذر شعار المشاركات.
الرقابة
الذاتية
جاسم /مستشار أسري
لم تعد شبكات التواصل الاجتماعى وعلى رأسها "الفيس بوك" وقفا على التعارف
بين الشباب وتبادل الصور والحكايات والأخبار حتى وان كانت مجرد شائعات، واقتحمت الزوجات
هذا العالم الافتراضي بحثاً عن حلول لمشكلاتهن الزوجية وأسسن "جروبات" للمتزوجين
والمتزوجات يتبادلن خلالها ما يعترض حياتهن من مشكلات، ويتبارين فى إفشاء الأسرار الزوجية ، وفى كثير من الأحيان
يتبادلن الصور الشخصية والعائلية التى تتباهى بنشرها كثير من النساء والفتيات..
علماء الدين أكدوا أن
إفشاء الأسرار الزوجية على الملأ لا يجوز شرعاً، وأن إفشاء الأسرار وتبادل صور قد يؤدي
الى أن تصبح مصدراً للفتنة بين الرجال والنساء . وأن ما يحدث بين الرجل والمرأة، أمانة
لا يجوز إفشاءها، وأن الشكوى من الزوج لا تجوز إلا أمام القاضي.
الأكاديميون ينصحون
الأزواج الراغبين في الحفاظ على حياتهم الاجتماعية والزوجية، بإغلاق حساباتهم على مواقع
التواصل الاجتماعي لأنها تبشر بالطلاق، لا سيما أنه عندما ارتفع عدد مستخدمي الفيسبوك
بنسبة 20% ارتفعت بالمقابل معدلات الطلاق بنسبة %2.18
هذه الحقيقة أذهلت كل المتابعين، ففي الوقت الذي تعمل الدراسات
المحذرة من التأثير السلبي لوسائل التواصل على استقرار الحياة الزوجية، لم تخرج دراسة
واحدة تشير من قريب أو بعيد إلى مسئولية الفقر والعوز على ارتفاع حالات الطلاق، بل
على العكس، ظهرت دراسات تشير إلى متانة العلاقات الأسرية في الأسر التي يضحي أفرادها
ويكدون في العمل لتوفير احتياجاتهم.