الأربعاء، 1 نوفمبر 2017

مؤسسات بلا ذمم .. تستغل حاجة أصحاب الهمم


تحقيق: فوزية عزاب
نشر في مجلة:"عين الإمارات (نوفمبر 2017) 
منذ وجد الإنسان على الأرض وهو يتحرك بمحركات ذاتية ترتكز على بنيته الجسمانية والحركية
لكن مع الغزو التكنولوجي أصبح الجميع  يسعى إلى الاعتماد على الآلة في أداء مهامه وواجباته، سواء في البيت (الروبوت كنترول، الهاتف المحمول، ،المكنسة الكهربائية..) أو مكان العمل (أجهزة الكمبيوتر..) ما أسهم في تكريس ثقافة الكسل،والاعتماد على الآلة في إنجاز المهام بسرعة من دون بذل مجهود، وهو ما زاد معدلات السمنة والأمراض بين مستخدميها بل وانتقلت العدوى للأطفال الذين كرسوا هذه الثقافة وأصبحت لديهم بدائل قد تساعد على أداء واجباتهم أحيانا لكنها قد تؤدي إلى تراجع مستوى ذكائهم واستيعابهم.
وفي مقابل هذه السلبيات التي تقدمها التكنولوجيا على طبق من ذهب، إلى أنها قدمت إيجابيات كثيرة لفئة أخرى من المجتمع وهم أصحاب الهمم الذين استفادوا من هذا التطور المتسارع للتكنولوجيا من خلال تصنيع أجهزة وآلات تساعدهم في أداء وظائفهم داخل المجتمع، وكانت دولة الإمارات سباقة إلى تحقيق ذلك من خلال مبادرات مختلف الجهات بتسخير كل السبل بما فيها التقنيات الحديثة للاستفادة منهم واندماجهم في المجتمع .
إلا أن هناك من يستغل هذه الحاجة الماسة للتكنولوجيا من أجل تصنيع وبيع الأجهزة المساعدة بأثمنة باهظة تعكس الجانب التجاري الربحي الصرف وتتنافى مع المبادئ الإنسانية، في غياب لأي رقابة من طرف المؤسسات المختصة لأسعار البيع الذي قد تفوق القدرة الشرائية للعديد من ذوي الهمم.
هذا ماحاولنا تناوله في تحقيقنا التالي مع بعض الجهات المعنية في الموضوع:
تحقيق: فوزية عزاب


أشرف محمد مصطفى ‏ /اختصاصي تربية خاصة- مجلس ابوظبي للتعليم
من الناحية النفسية والسيكولوجية أصبح للتكنولوجيا والتقنيات التربوية الحديثة أثر واضح في تعزيز ثقة أصحاب الهمم بقدراتهم، والتعويض عما افتقدوه من قدرات عن طريق التقنيات الحديثة التي باتت تدخل مختلف المجالات. حيث استطاعت هذه التقنيات أن تحدث التوافق والتكيف النفسي الذي طالما ‏حاول الباحثون والموجهون النفسيون تحقيقه  لذوي الهمم من خلال دراساتهم وأبحاثهم الاجرائية ، ‏مما مكنهم  من الاعتماد على أنفسهم بأنفسهم وشعورهم بالاستقلالية والتوازن، ويقصي عنهم فكرة أنهم عنصر غير فاعل ومؤثر أو أنهم بمثابة عالة على المجتمع، إضافة لخفض ‏نسبة القلق والتوتر لديهم . وهذا ما رصدته من خلال دراستي في رسالة ‏الماجستير الخاصة بي والتي ناقشت فعالية برنامج قائم على تدعيم مفهوم الذات باستخدام تقنية ‏برايل سنس في تحسين السلوك التوافقي لدى المكفوفين وقد أشارت نتائجها إلى تحسن في ‏مستويات التوافق  فأصبحت لدى أصحاب الهمم من العينة التي أجريت عليها الدراسة فكرة ايجابية عن ‏نفسه بعد أن كان يعاني من الشعور بالقلق. وطرأ تحسن واضح في مستوى ‏التحصيل الأكاديمي كنتيجة لتحسن مستويات السلوك التوافقي لدى الكفيف .‏
وما يؤكد هذا الأثر الايجابي والفعال للتكنولوجيا الحديثة ما لمسته خلال تجربتي ‏بتصميم أول حقيبة تعليمية تدريبية لذوي الإعاقة البصرية  ومعلميهم وأسرهم، خاصة طلابي من ‏فئة ضعاف البصر الذين تدنى بصرهم بشكل كبير لدرجة تحولهم إلى فئة المكفوفين وما حققته ‏هذه الحقيبة التي تستنذ إلى تعليم برايل ولكن بحروف ذات حجم كبيروذات لون ذهبي  يساعدهم ‏على استخدام بعض البقايا البصرية في رؤية خلية برايل وتؤهلهم بشكل جيد لتعليم برايل بطريقة ‏سهلة وهذا  ماخفف الضغط النفسي عندهم وساعد على تنمية تقدير الذات لديهم.‏
الربح أولا

حمدان البلوشي –إعاقة بصرية– طالب بجامعة الإمارات
بعد أن كان الكفيف ‏يعتمد على كتب برايل الثقيلة ويصعب عليه حملها من مكان إلى آخر أو يصعب عليه تسجيل ‏محاضراته ودروسه استطعنا اليوم وبفضل هذه التقنيات التي وفرتها دولة الامارات  لابنائها من أصحاب الهمم المكفوفين أن نحصل على المناهج الكترونياً من خلال جهاز برايل سنس، وأن نتواصل مع ‏جميع شبكات التواصل الاجتماعي بل وأن نشارك بآرائنا في أي قضية كأعضاء فاعلين في المجتمع. ففي السابق كنا نصاب بإحباط نفسي عندما نرى الأسوياء يفتحون كتبهم ويقرأونها بسهولة ويسر بينما نحن عاجزون عن مجاراتهم .
وجاءت العصا الإلكترونية لتسهل تنقلنا وكذلك  أجهزة الموبايل الحديثة التي تم تزويدها بتطبيقات تسهل اندماجنا بالمجتمع المحيط بنا مثل التطبيقات التي أحدثتها شركة أبل على الحاسوب والآيفون باستحداث التطبيق "الناطق". مما يعزز ثقتنا بأنفسنا وييسر الكثير من الأمور علينا. 
لكن كل هذه الثورة التكنولوجية رغم ماحملته لنا من إيجابيات  لازالت هناك سلبيات تحول دون استفادة الجميع من تقنياتها، وعلى سبيل المثال نجد الشركة المنتجة للساعة الناطقة وبرايل سنس تبالغ في أسعار البيع، وتتنافس الشركات فيما بينها لطرح سلع وتقنيات ظاهره السعي لخدمة أصحاب الهمم وتيسير أمور الحياة عليهم وباطنها تسابق محموم للربح المغالى فيه والذي يبعد هذه المؤسسات عن الهدف الإنساني الذي تتخذه كواجهة دعائية تغطي به على توجاتها المادية. حيث يترواح سعر طابعة برايل وطابعة الخرائط مابين 27 إلى 30 ألف درهم إماراتي. أما أجهزة "اللاب توب" فما بين 6 و7 آلاف درهم. وهي أسعار مبالغ فيها تعكس الهدف الأساسي من ورائها وهو الربح بالدرجة الأولى، وهذا للأسف استغلال لحاجتنا الملحة لمثل هذه الأجهزة والمتاجرة بها وبنا.
  
التكنولوجيا...بر الأمان

عائشة الزعابي -إعاقة حركية/عضو جمعية الإمارات للإيجابية والسعادة
إنَ استخدام وسائل التكنولوجيا في حياة أصحاب الهمم ، يعود بالفائدة الكبيرة، سواء من الناحية النفسيَة أو الأكاديميَة أو الاجتماعيَة أو الاقتصادية،حيث ساهمت في تسهيل المعاملات والتواصل التفاعلي مع المجتمع لأن أغلبهم يعيشون في عالم انطوائي تغيب فيه الثقة بالنفس .وبالتالي فإن الاعتماد على التكنولوجيا  بمختلف مكوناتها سواء الانترنت (وسائل التواصل الاجتماعي) أو الأجهزة الحديثة، خفف بشكل كبير هذا الإحساس بالعجز لكن تجدر الإشارة أن ليس كل أصحاب الهمم يتقنون استخدام التكنولوجية، هناك من لايزال يعيش رهين الإعاقة.وخارج عصره بسبب مايبديه أصحاب المؤسسات المعنية ببيع هذه الأجهزة من مغالاة بأسعار هذه السلع ، واستغلال حاجة أصحاب الهمم إليها.
وبعد مقارنتي لبعض أسعار هذه الأجهزة في السوق الإماراتية مع أسعارنظيرتها الأوروبية لاحظت فرقاً شاسعاً، وذلك راجع إلى اعتبار هذه الشركات أن السوق الإماراتية والخليجية مختلفة من حيث الطلب والسعر لأنها وببساطة دول بترولية. لكن ماذا عن أصحاب الهمم من المقيمين الذين ليست لديهم القدرة على تحمل تكلفة هذه الأجهزة.
فلذلك يبقى أصحاب الهمم خارج عصرهم إذا ماغاب الجانب الإنساني النبيل والذي يتحقق بتضافر جهود الجهات المختصة لرعايتهم والعمل على مد يد العون بتيسير كل احتياجاتهم بأسعار زهيدة أو على الأقل بأسعار معقولة غير مبالغ فيها.
الحق في التواصل


فاطمة الكعبي/ إعاقة سمعية
مع التطور التكنولوجي الذي نشهده حالياً أصبح من السهل على أصحاب الهمم الصم والبكم التواصل فيما بينهم، بل وحتى مع الأسوياء، وصار بوسعهم التواصل مع محيطهم، وذلك عن طريق مكالمات الفيديو
وتقنيات مساعدة، مثل التعامل بلغة الإشارة، أو أجهزة المساعدة على السمع. بينما تلعب هذه الأدوات ــ مع عدم توافرها للجميع ــ دوراً أساسياً في حياة العديدين، فإن تقنيات أخرى تسعى إلى مساعدتهم على الشعور بالأصوات المحيطة، مثل الموسيقى وآلات التنبيه، بهدف حمايتهم من الأخطار، وتيسير الحياة اليومية لهم .
ونأمل أن تعمم هذه التقنيات على الجميع ليستفيد منها وأن تطور أجهزة أخرى خاصة برامج تعليم لغة الإشارة أوتوفر بعض البرامج على صور توضيحية للكلمات عند التعامل مع هذه الأجهزة.
كما أن تشجيع المخترعين الإماراتيين ومساعدتهم على ترجمة اختراعاتهم الموجهة لأصحاب الهمم على أرض الواقع وطرحها في الأسواق المحلية  بأسعار مناسبة من شأنه أن يجعل الاستفاذة منها تعم ولاتخص طبقة دون الأخرى وتقلل من صعوبة وصول واستخدام هذه الأجهزة من طرف الجميع.
اكسبو أصحاب الهمم .
دانيال قريشي، مدير مجموعة المعارض في شركة ريد الشرق الأوسط للمعارض:
تم تصميم معرض اكسبو أصحاب الهمم، للعب دور بناء جداً في تطوير فرص أكبر للأشخاص ذوي الإعاقة. ويكمن هدفنا في توفير منصة أساسية لعرض أكثر المنتجات والخدمات المتطورة من حول العالم أمام الأشخاص ذوي الإعاقة، مع العمل في آن معاً على خلق أثر إيجابي ضمن المجتمع الأوسع لأصحاب العمل، والتربويين، والمسؤولين الحكوميين والقطاع بشكل عام. ونأمل من خلال استضافة هذا المؤتمر المهم أن نجعل مجتمعنا أكثر قدرة على الاحتواء والدمج.
ومن المتوقع أن يحضر ما يزيد عن 200 شخص مؤتمر “الاندماج في سوق العمل”.ويستقطب "اكسبو أصحاب الهمم الدولي 2017" أحدث المنتجات العالمية في مجال التكنولوجيا المساعدة والروبوتات والحلول الذكية، لتحويل مسار حياة ما يزيد على 50 مليون شخص من أصحاب الهمم في الشرق الأوسط
الغاية تبرر الوسيلة
موفق مطري الرئيس التنفيذي لشركة «الألفية العربية لتجارة التجهيزات الطبية»
مكنت التكنولوجيا  من مساعدة الناس بطرق لم يكن ممكناً التفكير بها قبل سنوات عدة، ومن المهم أن نرى أحدث ما يمكن العالم أن يقدمه لما في ذلك من إمكان المساهمة بشكل إيجابي في مسار حياة أصحاب الهمم، وعوائلهم والمجتمع بشكل عام.
ونحن في شركة الألفية لتجارة التجهيزات الطبية نعمل في مجال توفير حلول متكاملة للصناعة الطبية،  وسنقدم خلال اكسبو أصحاب الهمم 2017"أداة معجزة" تدعى "سبيتش إيزي"، وهي عبارة عن جهاز يساعد المستخدم على التحكم في التلعثم والتحدث بطلاقة بعد التدريب لمدة ثلاث ساعات تقريباً. كما سنقدم أيضاً معدات ومنتجات حسية جديدة يمكنها أن تساعد في تطوير المهارات الحركية والمهارات الاجتماعية للأفراد الذين يعانون من التوحد ومتلازمة داون وغيرها من الإعاقات..
النظارات الذكية
قال محمد إسلام، الرئيس التنفيذي: لشركة "ام اي اتش سيستمز كوربوريشن "  التي تقوم وللمرة الأولى ، بإطلاق نظارات ( الأمل): "ستحول نظارات الأمل الذكية حياة الأشخاص ذوي الإعاقة البصرية كما لم يحدث من قبل، ليس فقط لأن هذه النظارات تساعد مستخدمها على أداء الوظائف دون مساعدة مستمرة لكن يمكن للنظارات الذكية مساعدتهم في معظم المهام مباشرة مثل العقبات التحذيرية، وقراءة النصوص العربية والإنجليزية، والتعرف على ألوان الملابس وغيرها من الأشياء، وإدراك البيئة المحيطة، وخدمة مكالمات "اس او اس"، وغير ذلك .. وقمنا بإجراء اختبارات صارمة على المنتج، وسوف نستخدم معرض اكسبو أصحاب الهمم كمنصة لإطلاقها لأول مرة في العالم لصالح أكبر عدد ممكن من الناس.
وعن ارتفاع أسعار هذه الأجهزة الذي يفوق القدرة الشرائية للبعض فحسب تقرير لموقع "بي بي سي" فإن أغلبها لم يتعد مرحلة الأبحاث لطرحه منتجاً قابلاً للاستخدام في الأسواق،نظرا لأن كلفة الانتقال من مرحلة الأبحاث والتطوير إلى الإنتاج الفعلي مكلف للشركات المصنعة والمنتجة وتتجاوز بكثير عائد تقديم منتج متخصص لفئة بعينها. كما أن نظام العرض والطلب من أكبر العقبات أمام طرح منتجات بأسعار ملائمة للجميع.
تصنيع الأختراعات
فاطمة الكعبي –أصغر مخترعة
التكنولوجيا تساعد أصحاب الهمم على تأدية المهام التي يقوم بها الأسوياء، بل وتحسسهم بأنهم في مأمن عن العجز الذي تعكسه أحيانا ردود أفعال بعض أفراد المجتمع. واختراعي طابعة للمكفوفين من شأنها أن تساعدهم على الكتابة وأداء الواجبات المدرسية بسهولة ويسر، وتجعلهم يحسون أنهم جزء فاعل ومؤثر ولايتجزأ من المجتمع.
إن قيامي بعمل مجموعة من الاختراعات لفائدة  أصحاب الهمم كان من باب الإحساس بالواجب الإنساني، فوراء كل اختراع أقوم به قصة أو موقف حصل لي أو شاهدته جعلني أحس بمسؤولية تقديم المساعدة لأصحاب الهمم لتفادي تعرضهم لمشاكل يومية، فمثلا فكرة طابعة المكفوفين استلهمتها من تغريدة الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان على تويتر بأنه سوف يتم طباعة لغة برايل على العملات، أما فكرة اختراع الحزام الخاص بالصم فكان الدافع هو موقف تعرضت له وأشعرني بأهمية إيجاد اختراع كهذا ..
وفيما يخص تصنيع الاختراعات التي قمت بها، للأسف لم أتلق حتى الآن أي عرض من أي جهة أو شركة لتحويل الاختراع إلى أرض الواقع.. ولازلت أبحت عن جهة ترعى اختراعاتي لإنتاجها وتسويقها في الإمارات. وفي انتظار أن يحصل ذلك فأنا أجتهد لتطوير كل ماتوصلت إليه.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق