السبت، 24 سبتمبر 2011

مراكز الاستشارات الأسرية والاجتماعية بين حاجة المجتمع إليها وإشكالية القوانين التنظيمية


تتجه وزارة التنمية الاجتماعية مؤخرا نحو دراسة سبل وضع ضوابط تشريعية وتنظيم قانوني لضبط اختصاصات ومهام مراكز “رعاية الأسرة” ومراكز الاستشارات الأسرية والاجتماعية في الدولة. ومن المعروف أن هذه المراكز تقوم بتقديم الاستشارات الأسرية والاجتماعية والزوجية وكذا دورات تدريبية في مجال الإرشاد الأسري. إلا أن هناك دراسة صدرت مؤخرا  تظهر أن هذه المراكز تتقاضى رسوما تتراوح  بين 3 آلاف إلى 5 آلاف درهم للاستشارة، إضافة إلى مشاكل أخرى استدعت تدخل الوزارة المعنية لوضع مذكرة تضم شروط للترخيص وشروط لصاحب الرخصة مع وضع ضوابط لأسعار الخدمات الاجتماعية والاستشارات...
مجلة "عين الإمارات" فتحت النقاش حول هذا الموضوع لتطلع القارئ عليه من خلال لقائها بذوي الاختصاص.
معالي مريم الرومي /وزيرة التنمية الاجتماعية
في انتظار الحل
في تصريح لمعالي مريم الرومي وزيرة التنمية الاجتماعية صرحت "أن الإشكالية تكمن في كون هذه المراكز حصلت سابقاً على التراخيص لمزاولة أنشطتها من الدوائر الاقتصادية دون رقابة وإشراف من الجهات المختصة بالمجال الاجتماعي مما أدى إلى بروز آثار سلبية ومشكلات عديدة وتجاوزات في تقديم الخدمة التي تفتقر إلى الجودة والدراسة العلمية وخاصة في الاستشارات والدورات المعنية بشؤون الأسرة”.
 فالوضع القانوني المقترح لمراكز الاستشارات الأسرية -تضيف الرومي. سيقنن تعدد أنشطة هذه المراكز وتفرعها وعدم ملائمة بعضها للأنشطة الاجتماعية الأسرية، كما يجب تحديد نوع الأنشطة المناسبة للخدمات الاجتماعية والأسرية توحيداً بين الدوائر الاقتصادية ووزارة الشؤون الاجتماعية
أحلام الحوسني/نائب رئيس رابطة  المدربين الخليجين/
 الاستشارة وقاية للأسرة لكن..!
أعتبر أن مجال الاستشارات الأسرية مجال مهم وبصفتي أم قبل أي شيء أرى أن الكل حاليا اتجه نحو المساهمة  باستشاراته في سبيل وقاية الأسرة من الوقوع في المشاكل، كالتفكك الأسري...لكن في ظل غياب معايير لتقييم هذه المراكز التي تقدم هذا النوع من الاستشارات يجعل الكل يسير في فوضى ويتخبط في عدة صعوبات .لدى يجب على الأشخاص الذين يعتبرون أنفسهم مستشارين أسريين وهم في حقيقة الأمر ليست لديهم أي صفة رسمية أو تاريخ مهني محترم أن يبتعدوا عن هذا المجال.
أما بخصوص أسعار الاستشارات فإذا كانت لي مشكلة مع ابني في تربيته أو التعامل معه سأدفع ثمن الاستشارة بدون تردد حتى لو كان في نظر البعض مرتفعا شرط أن يكون الشخص الذي سأستشيره، مختصا وله صيت بل وحتى المركز الذي سألجأ إليه لابد أن يكون معروفا وسمعته طيبة".
محمد محمود الشيخ: أستاذ علم النفس بجامعة الإمارات /
 مستشارون يسيؤون لذوي الاختصاص
عملية الاستشارة كمسمى تبدو شيئا بسيطا وسهلا، مما يترتب عنها سلوك معين لمن يقدمها، لكن مع انتشار هذه المراكز التي تأوي تحت ظلها أشخاص غير ذوي الاختصاص يصبح الأمر خارجا عن الضوابط المنظمة، فأصبح كل من هب ودب، وكل من أخد دورة أو تدريب في مجال الاستشارات يقول عن نفسه أنا مستشار تربوي. وفي نظري ما يزيد من حدة الوضع هو حاجة الناس الماسة لحل مشاكلهم الأسرية والزوجية لذا فهم يلجئون إلى هذه المراكز اعتقادا منهم أنهم سيجدون الحل المناسب. يجب على الجهات المتخصصة أن لا تسمح لهؤلاء مزاولة هذا التخصص بدون تصريح  ومن دون أن تتأكد من توفرهم على المؤهلات العلمية والكفاءة العالية، أما ترك المسألة هكذا فهي مشكلة خطيرة كون بعض الاستشاريين الأسريين لا يعطون حلولا جذرية تخدم المجتمع والأسرة في الصميم، لأنهم يعتقدون أن مسألة الاستشارة تتوقف عند السؤال والجواب ، وهذا خطأ بل نحن نتحدث هنا عن جلسات ووقت كافي ليتم تشخيص المشكل ووجود حل له.وهنا نتساءل من أين جاء هؤلاء ومن هي المراكز التي تساعدهم على استغلال مشاكل المواطنين وجعلها تجارة أكثر من كونها خدمة إنسانية؟، فبتصرفهم هذا فهم يسيؤون لأنفسهم ويجعلون الناس يفقدون الثقة في كل العاملين في مجال الخدمات الاجتماعية والنفسية.

دلال المنصوري: مديرة مركز التنمية الأسرية بخورفكان/
 الاستشارة ليست غاية
تقوم مراكز التنمية الأسرية بالشارقة بتقديم الاستشارة النفسية والأسرية التي تهدف إلى تنمية الفرد وتحقيق التوافق الاجتماعي والتعاون مع الاستشاريين المختصين في شؤون الأسرة والحد من حالات الطلاق ومعالجتها بالطرق الإيجابية.  ومن هذا المنطلق يمكن اعتبار خطوة وزارة التنمية الاجتماعية بضبط مراكز الاستشارات والرعاية الأسرية خطوة تخدم الأسرة بالدرجة الأولى، فمثلا نحن كمركز يعمل بتوجيهات حرم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي- عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة- سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي رئيسة المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، نقوم بدراسة الاستشارات التي تأتي للمركز بشكل مجاني طبعا، والعمل على إبقائها سرية،  ثم نلحقها بالمستشار المختص الذي سيشرف على متابعتها وتقديم المساعدة لصاحبها لأن تقديم الاستشارة ليست بالأمر السهل،  كما نقوم بالتعامل مع المدارس والمحاكم وعرض حالات استشارية عليها  إيمانا منا أن جميع المراكز سواء التي تشرف عليها الدولة أو الخاصة، هي فقط حلقة ربط أو وسيط بين الاستشاري الأسري أو النفسي والشخص الذي يطلب الاستشارة.
أشرف الجمل/مدير عام مركز الإبداع البريطاني للتنمية البشرية/
التقليد الأعمى
لقد بدأ مجال إحداث مراكز للتنمية البشرية بالدولة بعدد محدد من المراكز المختصة لكن ولكوننا تعودنا على أن نقلد أي مشروع ناجح ، انطلقت فكرة إنشاء مراكز استشارات وانتشرت بشكل أصبح معه الموضوع استثمارا، وبالتالي خرج هن هدفه الأساسي والنبيل والمتمثل في مساعدة الناس وتقديم الاستشارات لهم.
وكوني أعمل في مجال التدريب فيمكنني القول إن  مجموعة من الاستشاريين الأسريين سواء غير المعروفين وحتى خبراء التدريب في هذا المجال بدؤوا يفكرون بالعنصر المادي، حتى أضحى سعر الاستشارة خياليا بل وحتى سعر الدورات التدريبية بات بعيدا عن متناول الجميع، لنجد شريحة معينة هي التي تستفيد منه في حين أن الشريحة المستهدفة ليست لديها الإمكانيات المادية للاستفادة. وهذا ما يجعل الهدف يحيد عن مرماه.
وعموما فيجب علينا كمرا كز أن نراعي انتقاء الخبراء والمستشارين الأكفاء لكن مع ضرورة التقييد بشروط التي تضعها الجهات المسؤولة، ولذلك يجب عدم السماح لها إلا ضمن معايير مقننة، ووزارة التنمية الاجتماعية هي الجهة الأكثر إطلاعا على أداء هذه المكاتب وعلى سير عملها.
وللخروج من هذه الإشكالية حسب تصريح وزيرة التنمية الاجتماعية، فقد تم إحداث فريق العمل الخاص بمبادرة معايير جودة الخدمات الأسرية بالوزارة والذي يسعى الآن لوضع مسودة لمعايير الجودة استناداً لنموذج عالمي يتضمن المعايير الواجب توافرها في هذه المكاتب لتحقيق الأهداف المنشودة
وفي انتظار أن يخرج هذا المقترح القانوني إلى حيز التطبيق رفعت الوزارة مذكرة متكاملة إلى مجلس الوزراء عن مراكز الاستشارات الأسرية، ورصدت الوضع الحالي، ووضعت المقترحات الخاصة بتنظيمها، استندت على دراسة حديثة أجرتها الوزارة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق