تحقيق: فوزية عزاب
نشر في مجلة:"عين الإمارات"
سلامة الأطفال مسؤولية
مجتمعية، تتقاسمها الأسرة والمدرسة
والمجتمع لتأمين حقهم في العيش آمنين، وليس لأحد الحق في التهاون في تحمل هذه
المسؤولية. لكن للأسف كثيراً مايدفع أطفالنا حياتهم ثمناً لإهمال كان بوسع مرتكبيه
تفاديه بقدر من الاهتمام والإحساس بالمسؤولية، نحو حوادث باتت تتكرر كل عام حول نسيان
أطفال صغار في الحافلات المدرسية لسبب أو لآخر، حيث
تختلف السيناريوهات والمبررات واختلاق الأعذار، ولكن النتيجة في النهاية واحدة ومؤلمة، كلفت بعض الأسر أرواح
فلذات أكبادهم.
وفي خطوة لضمان بيئة طلابية آمنة وتعزيز سلامة الطلبة قامت
وزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات بالتعاون مع شركائها الاستراتيجيين بسن تشريعات وضوابط النقل
المدرسي، كان آخرها اعتماد تركيب المنظومة الذكية لسلامة الطلبة في الحافلات المدرسية
التي تقدم خدمات النقل اليومي لجميع المراحل التعليمية. خطوة قد تثلج صدر الآباء
والأمهات وتعيد الأمان لرحلة أبنائهم اليومية إلى المدرسة، لكنها في الوقت ذاته نجد أن الاعتماد كل الإعتماد على أجهزة
الكترونية - قابلة للخطأ أو العطل في أي
لحظة- لايعفي سائقي الباصات والمشرفات وحتى إدارة المدرسة من المسؤولية .
فإلى أي حد ستُنهي
هذه الإجراءات الذكية حوادث نسيان الأطفال داخل حافلات المدرسة، ومامدى فعالية
التدابير التي ستتبع لتحقيق ذلك وهل ستبقى استخداماتها في حافلات المدارس الحكومية
أم ستشمل المدارس الخاصة أيضاً؟ هذا ماحاولنا الإجابة عليه في التحقيق التالي:
تحقيق:فوزية عزاب
ـ محمد علي ولي أمر: "الحادثة
التي وقعت للطفلة نزيهة منذ 3 سنوات مروعة، وموجعة للقلوب،
فكل ولي أمر يضع نفسه مكان والدي تلك الطفلة سينتابه الخوف كل يوم عند توجه أبنائه
إلى المدرسة، خوفاً من أن يقع لهم حادث مشابه، وهذه المآسي تتكرر بين فترة وأخرى، وتؤدي
إلى وفاة أطفال أبرياء. لكن السؤال المطروح الآن بعد البدء في تطبيق المراقبة
الذكية داخل الحافلات المدرسية ،هل سيتم تأهيل السائقين والمشرفات لهذه المرحلة
الجديدة أم أن الأمر سيترك للأجهزة لتحل مكان البشر؟ كما أنني لاأعتقد أن جميع المدارس الخاصة سوف
تطبق هذه الإجراءات إلا في حالة إلزامهم بها ومعاقبة المخالفين لها.
أما هدى بسيوني
-ولية أمر- فتقول : "إدارات المدارس والمناطق التعليمية مسؤولة عن سلامة وأمن
أبنائنا خلال رحلتهم اليومية من وإلى المدرسة، خاصة فيما يتعلق بتعيين مشرفين ومشرفات
وسائقين أكفاء، وتضيف منذ أن تكرر حوادث نسيان الأطفال في الحافلات المدرسية ألغيت
الاشتراك السنوي في حافلة المدرسة لأبنائي ،وتوليت بنفسي توصيلهم من وإلى المدرسة
خوفاً عليهم. ولن أتراجع عن هذا القرار".
إجراءات غير كافية
تعتبر سيرين
وليد -ولية أمر- أن وضع أجهزة ذكية في
الحافلات المدرسية يبقى غير كاف لتجنب حوادث نسيان الأطفال والذي ربما تسب في وفاتهم داخل الحافلة ، ولذا
أؤكد على ضرورة تدريب الأبناء من خلال التعاون مع الجهات الأمنية والإدارية في المدرسة
وأولياء الأمور على كيفية التصرف عند تعرضهم للمواقف الصعبة كوجودهم بمفردهم في الحافلة
مثلاً من خلال تدريبهم على التوجه إلى مقعد السائق والضغط على بوق الحافلة، ومحاولة
فتح النوافذ الأمامية التي على السائق أن يتركها مفتوحة في حال وقوف الحافلة بشكل مستمر.
فيما يؤكد المستشار
الأسري جاسم اليعقوبي على أن هذه
المنظومة الذكية التي تم اعتمادها من الجهات المسؤولة سوف تبعث الأمان نسبيا في
نفوس أولياء الأمور لكن بعد فترة من تطبيقها.. خاصة بالنسبة لأولئك الذين تعرض
أطفالهم لمثل هذه الحوادث، ويضيف قائلا:"إذا اعتبرنا أن هذه الأجهزة ستفي
بالغرض ، فهذا قد يجعل سائقي هذه الحافلات والمشرفات أيضا يعتمدون كليا على هذه
الأجهزة ولايقومون بدورهم الأساسي وفي حالة حصل عطل تقني لهذه الأجهزة من يتحمل المسؤولية حينها..؟ وهل سيتم تعميم هذه المنظومة على جميع حافلات
النقل المدرسي بالدولة الحكومية والخاصة ؟"
رهان المدارس
الخاصة
ويعتبر التربوين
والإداريون أن هذه المنظومة ستقوم بتعزيز سلامة الطلبة وحمايتهم.
عائشة عبد الرحمن مديرة مدرسة خاصة
بإمارة دبي ترى:" ضرورة تضافر الجهود بين كافة الجهات المعنية بعمليات النقل المدرسي
لتطوير واستدامة هذه المنظومة كونها تمثل واجهة حضارية للدولة وأن نجاحها يعتبر مسؤوليةً
وطنية مشتركةً بين القطاعات المختلفة بما يحقق أهداف الدولة وتطلعاتها في تحقيق سعادة
ورفاهية كافة أفراد المجتمع
وأضافت: "منذ
أن تكررت حوادث نسيان الأطفال في الحافلات اقترحنا أساليب جديدة تسهم في تحقيق الأمن
والسلامة بشكل أكبر للطلاب والطالبات بالمدرسة، والتأكد من خلو الحافلات من أي طفل
انتابته غفوة نعاس وتمدد تحت مقاعد الحافلة بحيث لا تراه المشرفة، وذلك من خلال توزيع
لوحات على مشرفات الحافلات توضع في مقدمة الحافلة تؤكد خلو الحافلة من أي طالب عند
توقفها..
خطوة جديدة..
المهندس عبدالرحمن الحمادي/
وكيل وزارة التربية والتعليم للرقابة والخدمات المساندة
إن المنظومة الذكية
لسلامة الطلبة تعمل على تعزيز الحافلة بخطوط دفاعية إضافية لتوفير أعلى درجات الأمان للطلبة المنقولين،
وتهدف إلى منع وقوع أية حالة نسيان لطلبة في الحافلات المدرسية، وإلغاء أي تأثير لاحتمالات
الخطأ البشري سواء من سائق الحافلة أو المشرفة أو الطالب عبر 3 أجهزة إلكترونية ذكية
ومتطورة تتألف من بطاقة تعريف الطالب والتي سيتم من خلالها التأكد من تطبيق إجراءات
صعود الطلبة ونزولهم من الحافلة خلال رحلتي الذهاب والعودة من المدرسة، ومن خلال البطاقة
ستصل لأولياء الأمور تنبيهات بتفاصيل حركة أبنائهم ضمن مسار الرحلة المدرسية، أما الجهاز
الثاني فهو نظام التحقق من خلو الحافلة، والذي يعمل على التأكد من تطبيق إجراءات التفقد
من قبل السائقين عند انتهاء الرحلة بالضغط على زر التحقق الموجود في نهاية الحافلة
إشعاراً بخلوها التام من الطلبة، وإصدار تنبيه صوتي في حال عدم التزام السائق بالضغط
عليه بعد كل رحلة، ويتمثل الجهاز الذكي الثالث في نظام كاشف الحركة والذي سيعمل تلقائياً
على رصد أية حركة داخل الحافلة بعد إغلاقها وإصدار تنبيهات صوتية عالية، إضافة إلى
إرشادات تسهم في تهدئة الطالب داخل الحافلة وطمأنته بقدوم أحد المساعدين لإخراجه فورا.
ويضيف الحمادي إلى أن
المنظومة الجديدة تتطلب الالتزام بتطوير مواصفات السلامة والأمان ومتابعة تطوير اشتراطات
نظام التتبع والمراقبة للحافلات المدرسية وتحديد
الاشتراطات والمعايير القياسية الخاصة لمزاولتها والرقابة على الالتزام بها من خلال
التزام المدارس كافة بتوفير خدمة النقل المدرسي لطلابها عبر تشغيل حافلات خاصة بها
أو من خلال التعاقد مع مشغلي الحافلات.
تأهيل الكوادر
أوضح محمد عبدالله
الجرمن مدير عام مواصلات الإمارات أن مواصلات الإمارات وفور اعتماد تركيب المنظومة
الذكية باشرت تنفيذ خطط تركيب الأجهزة التي تتألف منها المنظومة، حيث تم البدء في المرحلة
الأولى بتوريد الأجهزة الذكية تمهيداً لتركيبها على 2345 حافلة مدرسية تقريباً في الفترة
من أغسطس وحتى أكتوبر من العام الجاري، ليبدأ التطبيق والتشغيل الفعلي للمنظومة مع
بداية نوفمبر 2017، مشيراً إلى أن المنظومة ستغطي حافلات المراحل التعليمية كافة، وسيستفيد
منها 110 آلاف طالب وطالبة يدرسون في 383 مدرسة حكومية تقريباً في دبي والإمارات الشمالية.
وعلى صعيد إمارة
أبوظبي اعتبر الجرمن أن إطلاق المنظومة الجديدة خطوة جديدة من خطوات تعزيز الشراكة
الاستراتيجية بين مواصلات الإمارات ومجلس أبوظبي للتعليم، منوهاً بأنه تم الانتهاء
من تركيب هذه الأنظمة الجديدة منذ بدء
أولى خطوات الشراكة عام 2015 لعدد 1023 حافلة في إمارة أبوظبي وبنسبة 79%، ومن المستهدف
إنجاز تركيب الأنظمة على باقي الحافلات.
ومن خلال مركز مواصلات
الإمارات للتدريب يتم تأهيل وتدريب السائقين ومشرفي ومشرفات النقل والسلامة على مجموعة
من البرامج التدريبية المعتمدة من الجهات المعنية، وقد بلغ معدل الساعات التدريبية
المنفذة لكل سائق ومشرف خلال العام الماضي 11 ساعة تدريبية، فيما تم عقد 361 برنامجاً
توعوياً للطلبة حول إرشادات السلامة، كما تم تنفيذ 4100 زيارة رقابية ميدانية من قبل
منسقي الحركة على الحافلات في إمارة أبوظبي، و770 زيارة تواصل مع الإدارات المدرسية
في مدارس الإمارة