حققت الإمارات تقدما كبيرا في تهيئة الإطار القانوني والمؤسساتي لمكافحة الاتجار بالبشر، وأصبحت مثالا يحتذى به بين دول المنطقة من خلال صدور أول قانون على مستوى المنطقة العربية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، وهو القانون رقم 51 لسنة 2006 وكذلك إنشاء اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر باعتبارها الجهة المكلفة بتنسيق جهود الدولة في هذا الإطار وتنسيق التعاون الثنائي والدولي في مجال محاربة الاتجار بالبشر.
تأكيد هذا الانجاز على الصعيد العربي جاء على لسان السفير عبيد سالم الزعابي المندوب الدائم للدولة لدى المقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف وذلك في كلمة ألقاها أمام مجلس حقوق الإنسان في إطار الرد على تقرير نجاة معلا مجيد المقررة الخاصة المعنية ببيع الأطفال وبغاء الأطفال واستغلال الأطفال في المواد الإباحية حول زيارتها لدولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 12 إلى 18 أكتوبر من عام 2009.
كما أشاد السفير بما ورد في التقرير من تبنيها لأفضل الممارسات في هذا الشأن لمكافحة الظاهرة العالمية، حيث يسجل التقرير اعترافا بأن معدل حدوث عمليات بيع الأطفال والاستغلال الجنسي لهم يعد معدلا منخفضا مقارنة بغيرها من الدول وهو أمر يؤكد نجاح السياسات والتدابير المعتمدة من قبل مختلف أجهزة الدولة.
ولضمان الاستفادة الشاملة من هذا التقرير أكد الزعابي أن حكومة الإمارات قامت بتعميم تقريرها الهام على جميع المؤسسات الوطنية المعنية للنظر في مضمونه والاستفادة منه عند وضع السياسات والبرامج الوطنية والمحلية في المجالات المختلفة التي يتناولها التقرير.
وسيرا على نفس النهج - بهدف التأكيد على أن الإمارات أضحت نموذجا في مجال مكافحة جرائم الاتجار بالبشر في المنطقة – تعكف دولة الإمارات حاليا على تحديث إستراتيجيتها الوطنية في هذا الإطار مع تعزيز جهودها في مجال إيواء ورعاية الضحايا وتأهيلهم وإدماجهم في المجتمع من خلال مؤسسات خاصة تحظى باهتمام منقطع النظير من الدولة، وهو ما انعكس إيجابا على تجربة الإمارات في هذا المضمار.
ويأتي هذا التقرير في الوقت الذي كشف فيه العقيد الدكتور محمد عبد الله المرمن من شرطة دبي أن هناك لجنة تم تشكيلها من قبل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الذي صدر في عام 2006 مشيرا إلى أن التعديلات تتضمن دعم ضحايا هذه الجرائم.
وجاءت هذه التصريحات على هامش الملتقى الخليجي الأول لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر التي احتضنته أبوظبي - تحت رعاية الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية- . حيث أكد على أن الامارات أصبحت من أوائل الدول التي طبقت القانون ليتبن من خلال تطبيقه وجود نقص لايغطي جوانب كثيرة من موضوع الاتجار بالبشر، مضيفا أن مسودة التعديلات تتضمن عدم معاقبة الضحايا في مثل هذه الجرائم إذا ثبت أنهم مجبرون على هذه الأفعال.
وحسب تصريحات العقيد الدكتور محمد عبد الله المرمن فقد ارتفعت جرائم الاتجار بالبشر خلال عام 2010 إلى 35 قضية ويعود ذلك إلى تكثيف جهود رجال الشرطة والخبرة والتدريب الذي توفرهما الجهات الأمنية لكوادر الشرطة لكيفة التعامل مع مثل هذه الجرائم.
وفي نفس السياق أوصى "اللقاء الخليجي الأول لمكافحة جرائم الاتجار بالبشر " في اختتام فعالياته بتشكيل لجنة مشتركة على مستوى الأجهزة ذات العلاقة لتبني إعداد إستراتيجية للوقاية من جريمة الاتجار بالبشر ومكافحتها ورعاية ضحاياها، والسعي إلى تحديث وتطوير وثيقة أبوظبي لعام 2006، الخاصة بالقانون الاسترشادي قي هذا المجال، لتتماشى مع مستجدات وتطورات العمل الإقليمي والدولي.
وفي خطوة لتفعيل هذه الإستراتيجية، أكدت لجنة التوصيات على ضرورة تطوير قدرات ومهارات العاملين في أجهزة إنفاذ القانون، وتزويدهم بالمعارف اللازمة لجمع الاستدلالات والتحقيق، وإعداد منهاج موحّد لمادة الاتجار بالبشر وإدراجها ضمن مناهج مؤسسات التدريب والتعليم، ودفع وتنسيق جهود التعاون وعقد الاتفاقيات الثنائية والجماعية بين دول المصدر والمعبر والمقصد لتبادل المعلومات، وضبط الجريمة ورعاية الضحايا وحماية الشهود.مع الإشادة بتجربة مراكز الإيواء بدولة الإمـارات العـربيـة المتحدة لرعاية ضحايا الاتجار بالبشر، وإعادتهم إلى بلادهم ودراسة إمكانية الاستفادة منها وتعميمها.
كما دعت التوصيات إلى تفعيل الدور الإعلامي لنشر الوعي المجتمعي والتعريف بجريمة الاتجار بالبشر، والاهتمام بالدراسات الخاصة بالجريمة وتشجيع البحوث من خلال تبني جائزة لأفضل بحث في مجال مكافحة الاتجار البشر.